لا تنام (إسرائيل) الليل قلقًا على جنودها الأسرى في غزة، منذ انتهاء العدوان الأخير صيف العام الماضي، وهذا ما يظهر جليًا في حديث قادتها وإعلامها حول استعادة المفقودين، عدا عن ظهور أهاليهم بشكل متكرر مؤخرًا، وبالتوازي مع ما سبق يدور الحديث عن حراك استخباراتي مكثف للوصول إليهم.
فـ(إسرائيل) كما جرت العادة لا تذهب إلى الغرف الدبلوماسية قبل أن تستنفذ كل الخيارات الممكنة دون الوقوع في مستنقع الهزيمة عبر إفراجها عن أسرى فلسطينيين، وبناءً عليه، قد تحاول (إسرائيل) الوصول لجنودها أو معلومات عنهم -على الأقل-دون دفع ثمن سياسي.
وخير شاهد على ما سبق، اختطاف الاحتلال مهاوش القاضي القيادي في كتائب القسام إبان أسر الجندي جلعاد شاليط عام 2006، ورغم نجاحها في عملية الاختطاف إلا أنها فشلت في الوصول لأي معلومة بخصوص الجندي، ويبدو أنه سيناريو مطروح للتكرار في هذه الآونة.
فالمؤشرات الميدانية تنبئ بغدرٍ إسرائيلي؛ إذ طائرات الاستطلاع لا تكاد تغادر أجواء قطاع غزة، وخصوصا المحافظات الجنوبية وهنا يبرز التساؤل لماذا الجنوبية بشكل محدد؟، لتظهر الإجابة سريعا بكلمة السر "هدار جولدن" الذي تتخبط (إسرائيل) حول مصيره، ولا يمكن أن نمر مرور الكرام على إفشال المقاومة محاولات متكررة لدخول قوات (إسرائيلية) خاصة في المناطق الشرقية.
مصدر أمني مسؤول تحدث لـ عن إمكانية حدوث عمل استخباري إسرائيلي بشكل مباشر خلال الفترة الحالية والمقبلة، بناءً على مؤشرات عدة تمتلكها الأجهزة الأمنية المختصة في هذا الاتجاه.
إلا أن ما يبعث على الاطمئنان-وفق المصدر-أن عيون المقاومة لا تغفل على المحاور كافة في قطاع غزة، وبدليل كشفها لمحاولتي تسلل شرق رفح خلال الفترة الماضية، عدا عن التطور الحاصل في إمكانيات المقاومة الفلسطينية في هذا الشأن.
وهذا ما أكده المختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور عدنان أبو عامر بقوله إن ما أظهرته المقاومة من أداء في صفقة وفاء الأحرار يدلل على توافر قدرات أمنية لديها؛ تمنحها القدرة على الحفاظ على الجنود المأسورين لديها بعيدًا عن عيون الاحتلال، مما سيفشل محاولات (إسرائيل) الوصول لهم أو معلومات عنهم.
وأكد المصدر الأمني أن الأجهزة الأمنية الاسرائيلية زادت من عملها الاستخباري بغزة؛ في محاولة جدية للوصول لمعلومات ولو ضئيلة عن الجنود المفقودين، عبر معرفة أماكن إخفائهم، أو مصيرهم بيد المقاومة.
وتجدر الإشارة هنا إلى أن (إسرائيل) بالفعل هي الأكثر علما بمدى تفوق القدرات الأمنية للمقاومة؛ لتأثرها البالغ والمباشر من القدرات الاستخبارية والعسكرية التي تمتعت بها المقاومة خلال العدوان الأخير على غزة.
ويضيف أبو عامر في حديثه لـ أن (إسرائيل) تسعى لزرع "فخاخ أمنية" عبر نشرها أخبار متتالية حول ملف الأسرى المفقودين؛ بهدف استدراج المقاومة لمربع الرد على المعلومات المنشورة، الأمر الذي من شأنه إفادة الاجهزة الأمنية في مهمة الوصول لمعلومات عن الجنود الإسرائيليين بغزة.
وبناءً على ما سبق تبرز أهمية استمرار حالة التكتم الإعلامي والسياسي من الطرف الفلسطيني وعدم الخوض في هذا الملف إلا بأثمان مقابل أي معلومة، وفي هذا الشأن حذر أبو عامر من الحديث في هذا الموضوع سياسيًا أو إعلاميًا؛ لأن من شأن ذلك الإضرار بالمصلحة الوطنية العليا.
وفي نهاية المطاف، يرى مراقبون أنه رغم كل محاولات (إسرائيل) الأمنية الجارية حاليا فإنها ستخضع لطاولة المفاوضات وما تمليه المقاومة؛ لأن الأخيرة تبدو واثقة مما في جعبتها، ومدى قدرتها على الحفاظ عليهم إلى حين تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه كما جرى سابقًا في صفقة "وفاء الأحرار".