قائمة الموقع

سجون السلطة..أنياب تتلقف الأسرى المحررين

2010-04-19T08:23:00+03:00

القدس – الرسالة نت

هي لحظات من الترقب والأمل بعد سنوات من الأسر في سجون الاحتلال عاشتها عائلة الأسير المحرر "أ.ح" حين اتصل بهم هاتفياً وأخبرهم بأن الاحتلال أفرج عنه وأنه في طريقه إليهم من سجن النقب الصحراوي، ولم تكن فرحة الزوجة والأم والأشقاء توصف حين سمعوا صوت ابنهم المغيب في السجون منذ أربعة سنوات.

وكأن الساعات القليلة هذه دهرٌ يمر على عائلته، يرقبون النوافذ والأبواب ويجلسون في الخارج ثم يعودون إلى الغرف، ينهضون للتأكد بأن "الأكلة المفضلة" لديه تُطهى على أصولها في انتظار الحبيب الغائب، يعودون للنظر إلى الساعة ظانين أن ذاك يحرك عقاربها الثقيلة.. وتمر الساعات وينقطع الاتصال بالأسير المحرر.

" كنت أنتظره وأنتظر وصوله، ولكننا شعرنا أنه تأخر كثيراً وكلما حاولنا الاتصال به لا يجيب، فأحسست بأن شيئاً ما حصل له، ولكنني لم أتخيل أن هؤلاء هم السبب"..

و"هؤلاء" الذين تكلمت عنهم زوجة "أ.ح" هم ذاتهم الذين أخذوا على عاتقهم حماية أمن الاحتلال وأراحوا جنوده في الضفة، حتى أمسوا عيوناً له في الليل وآذانا له في النهار وأجساداً له في كل حين.. فأوقفوا السيارة التي تقل الأسير المحرر الذي لم يكن يدري عن ظلمهم هذا، وطلبوا منه هويته ثم أنزلوه من المركبة وهو ما زال يتبسم في وجههم ظاناً أنهم ما زالوا ذوي القربى.. ولكن لكمات أحد ضباطهم التي وجهت إلى محياه لم ترحم استنجاداته بأنه "أسير محرر" وأزالت كل أشكال السعادة التي غمرته بسبب الإفراج عنه من سجون الاحتلال، ليُلقى في عتمة سجن آخر لا يختلف كثيراً سوى أن سجانيه يتكلمون العربية بطلاقة.

"لن ترى النور"

وعند الحديث عن الحقد الدفين تتنافس أجهزة السلطة وقوات الاحتلال في مقاييسه ضد أنصار حماس ومن أيدها يوماً، حتى تصل خيوط الحكاية المؤلمة هذه إلى الأسير المحرر "ز.م" والذي ذاق مرارة سجون الاحتلال لعشرة أعوام، وبعد الإفراج عنه بيومين فقط اختطفته أيادي العمالة وزجت به في عتمة زنازينها.

وعند الحديث مع أحد أفراد عائلته قال لـ"الرسالة":" مكث في سجون السلطة عدة أشهر، ومن ثم تم الإفراج عنه فاعتقله جيش الاحتلال دون تهمة، وأبقاه رهن الاعتقال الإداري لستة أشهر".

ولم يكتفوا بذلك، بل بعد الإفراج عنه عادت خفافيش الليل لاختطافه أربعة أشهر أخرى، وبقي في أقبية التحقيق يحاول معرفة سبب كل هذه الهجمة الوحشية عليه من قبل قوات الاحتلال والسلطة، حتى أخبره المحقق في أحد الأيام "نريد "ألا نريك النور" فزادت علامات الدهشة على وجهه وارتفع حاجباه ذهولاً لما سمعه، لأنه استذكر أحد ضباط الاحتلال وهو يُسمعه العبارة ذاتها.. فلا تعليق.

التهم ذاتها

واستكمالاً لدور الجنود والمغتصبين يبرز دور أجهزة السلطة في تعذيب أبناء الضفة، حيث تستهدف أولئك الأسرى المحررين في اختطافاتها واستدعاءاتها وتحاكمهم على تهم جاهزة من خلال سرقة لوائح اتهامهم من مؤسسات مختصة بمتابعة الأسرى، وكذلك فإن أكثر من 90% من الأسرى المحررين تم اعتقالهم أو استدعاؤهم عدة مرات من قبل الأجهزة الموالية للاحتلال.

وكثيراً ما تعرض أسرى محررون للاختطاف على يد أجهزة السلطة على خلفية تهم حوكموا عليها من قبل قوات الاحتلال، لتظهر حقيقة خيانتهم التي يحاولون إخفاءها تحت شعارات الوطنية الزائفة والتي تكذبها علامات التعذيب على أجساد أبناء الفكر الإسلامي في الضفة.

ولا يستغرب القارئ أن مئات الأسرى في سجون الاحتلال يتمنون تمديد اعتقالهم كي لا تتلقفهم أيدي الغدر في مدن الضفة، فأصناف التعذيب التي يمارسها أولئك تفوق أساليب الاحتلال شراسة وألماً، ومعظمه ألم نفسي يتحسر على حال من يحملون في هوياتهم اسم "فلسطيني" ولكنهم يطابقون الاحتلال في ممارساتهم بل يزيدون عليها مرارة.

عائلات تحت التعذيب

ولا يقتصر الأمر على اختطاف الأسرى المحررين، بل يزيد أولئك من ظلمهم حتى يستدعوا زوجات الأسرى في سجون الاحتلال ويحققوا معهن ويبقونهن رهن الاعتقال لأيام تحت تهم زائفة، كما يختطفون أبناء الأسرى خوفاً من أن يكبروا كآبائهم!

ومن جملة قساوة ممارسات أجهزة السلطة تظهر صورة تقديم استدعاءات المقابلة للأسير قبل الإفراج عنه من سجون الاحتلال بعدة أيام أو عدة أشهر، فبدلاً من تكريمه والاحتفاء به تختطفه الأيادي الخائنة وتلقي به لأشهر وربما تحكم عليه بالسجن لعدة سنوات دون ترك المجال لعائلته حتى باستقباله بعد التحرير.

فتقول والدة "ف.م" :" أمضى ابني عامين في سجون الاحتلال، وقبل موعد الإفراج عنه بثلاثة أشهر اقتحمت أجهزة السلطة المنزل وفتشته وحطمت محتوياته وأرعبت الأطفال، ومن ثم سلمونا بلاغاً كي يقابلهم ولدي، فأخبرتهم بأنه أسير فصرخوا بي وقالوا: أتظنين أننا لا نعلم ذلك؟ ولكن هذا البلاغ فور أن يفرج عنه!!".

وفي كل مدن الضفة تُنسج حكاية مئات الأسرى المحررين من سجون الاحتلال الذين ما كادوا ينعمون بالحرية حتى تباغتهم أنياب السلطة.. ولسان حالهم أن الله معنا، وما من ظالم إلا ويبلى بأظلم.

 

اخبار ذات صلة