قائمة الموقع

ريتشارد فولك للرسالة نت: حماس حركة منتخَبة وإبقاؤها في قفص الاتهام لا يخدم السلام

2015-05-07T06:38:17+03:00
ريتشارد فولك، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية
الرسالة نت– (وليد محمد-محمود هنية)

انتقد ريتشارد فولك، المقرر الخاص للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سلوك الاحتلال (الإسرائيلي) ضد قطاع غزة، عازيًا صمت المنظمة الدولية إزاءه بفعل خضوع  السياسات الغربية للتأثير الأمريكي و(الإسرائيلي).

وأكدّ فولك في أول حديث صحفي له مع صحيفة فلسطينية انفردت به  أن (إسرائيل) لا ترغب بالسلام الذي يوفر فرصة إدامة لوجودها عشرين عامًا قادمًا، منتقدًا الموافقة الفلسطينية على دور الولايات المتحدة كوسيط في المباحثات السلمية، بفعل موقفها المنحاز لـ(إسرائيل).

كما واستهجن الدور المصري الذي وصفه بـ"الشريك" لـ(إسرائيل) في حصار غزة، والذي أضعف الجهود المنادية برفع الحصار عن القطاع، مقرًا بضعف إرادة المنظمة الدولية في الضغط على مصر فيما يتعلق بسياساتها الحدودية مع غزة، وكذلك ضعفها في إدارة قطاع غزة.

وشدد فولك في الحديث المطول معه، على أن حماس هي حركة منتخبة، كاشفًا عن وجود ضمانات دبلوماسية قدمتها الحركة بشأن ابرام اتفاق تهدئة طويل الأمد، الأمر الذي رفضته (إسرائيل)، وتوقع معارضة الأمم المتحدة فوز الحركة في أي انتخابات مقبلة.

وأكدّ أنّ دور الأمم المتحدة كوسيط في عملية السلام يحتاج "أمين عام مستقل وإرادة سياسية مستقلة".

وأبدى فولك الذي يعمل ايضًا بروفسورًا في القانون الدولي بجامعة برينستون الامريكية، موقفه "الصريح" اتجاه المستجدات الراهنة في القضية الفلسطينية ورؤيته الخاصة اتجاه الأوضاع السياسية والميدانية، عدا عن استشرافه للمستقبل السياسي في المرحلة المقبلة، واليكم نص المقابلة.

1.     بداية، كيف تقرؤون موقف الأمم المتحدة اتجاه قضية غزة، لا سيما فيما يتعلق في الحصار المستمر عليها؟

في الحقيقة تخضع الحكومات الغربية ووسائل الاعلام العالمية لتأثير الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) القوي، ما يجعلها تقلل من حجم الاعتداءات المرتكبة بحق الفلسطينيين، وتحديدا تلك التي ترتكب بحق مَن يعيشون في غزة.

هذا الصمت النسبي لهذه الدول جعلها تغض الطرف عن الهجمات الاستفزازية لـ(إسرائيل)، كتلك التي استهدفت مرافق الأمم المتحدة والنساء والأطفال الذين احتموا بداخلها في هجمات العام الماضي، مع أنه من المفترض أنها محمية.

لذات المنطق الذي تعامل فيه حماس على أنها "منظمة ارهابية". ومجددا يتم تجاهل حقيقة أن حماس حركة منتخَبة سعت للوصول لوقف إطلاق نار طويل الأمد، ولا يتعرض الحصار الاسرائيلي الذي ينتهك اتفاقية جنيف للانتقاد.

2.     لماذا لا يضغط المجتمع الدولي على (إسرائيل) لفتح معابرها مع غزة؟

هناك ضغط ضعيف يتم ممارسته على (إسرائيل) بخصوص سياستها نحو غزة، مثل هكذا ضغط قد تم اضعافه على يدي نظام السيسي في مصر، الذي يشارك (إسرائيل) سياساتها ويلقي باللوم على غزة نتيجة حالة عدم الاستقرار في منطقة سيناء.

3.     ما هو موقف الأمم المتحدة اتجاه إدارة أزمات غزة؟، وما دوركم في انهاء ازمة اغلاق معبر رفح؟

الأمم المتحدة تفتقر إلى الإرادة والقدرة على تحدي سياسات مصر الحدودية، ما لم تبرز حالة طارئة إنسانية تثير قلق العالم، كان من الواجب أن يفضي الوضع الذي وصلت إليه غزة منذ هجمات الصيف الماضي إلى قيام حملة تقودها الأمم المتحدة للسماح بدخول مواد الإعمار إلى غزة، عدا عن الأشكال الأخرى للمساعدات الإنسانية.

وبتقديري النفوذ الذي تمتلكه الولايات المتحدة ضد مثل هذه التحركات، إضافة إلى الاضطرابات التي تشهدها المنطقة جعلت الأمم المتحدة عاجزة تقريبا عن تخفيف المحنة التي يواجهها سكان غزة.

الأمم المتحدة غير قادرة على ممارسة أي سلطة مستقلة فيما يتعلق بغزة، ويمكننا ادارة غزة فقط إذا وافقت مصر و(إسرائيل) والولايات المتحدة، لكن من الصعب أن نتصور حدوث ذلك.

4.     ما تفسيركم للموقف المصري ضد غزة؟

أعتقد أن الحكومة في مصر ترى حماس متماشية ومماثلة لعدوها، جماعة الإخوان المسلمين. كما تدعي وجود علاقة بين الاضطرابات في سيناء وقطاع غزة، ويبرر ذلك إغلاق معبر رفح لأسباب أمنية ما يزيد من صعوبة الأوضاع المأساوية لشعب غزة وجود حكومة معادية في القاهرة, متحالفة مع (إسرائيل) أكثر مما كان عليه الحال خلال فترة مبارك.

5.     ما تقييمكم لعملية الاعمار في غزة، وما هو موقفكم من الآليات المتبعة في هذه العملية؟

بشكل أساسي يذعن العالم للسياسة (الإسرائيلية) في تعاملاتها مع غزة، وهي سياسة صارمة اعتمدت عليها (إسرائيل) بشكل ثابت، منذ ما يُسمى "فك الارتباط" في العام 2005م، وقد تصاعدت حدتها منذ سيطرة حماس على الحكم في عام 2007م.

بتقديري يجب النظر إلى التدخل في عملية إعادة اعمار غزة من منظور أوسع، كونها نهج (إسرائيلي) عقابي يهدف لـ "جز العشب" من خلال هجمات واسعة النطاق، لإبقاء سكان غزة في مستوى الكفاف.

واعتقد أن النفوذ الذي تمتلكه الولايات المتحدة ضد مثل هذه التحركات، إضافة إلى الاضطرابات التي تشهدها المنطقة جعلت الأمم المتحدة عاجزة تقريبا عن تخفيف المحنة التي يواجهها سكان غزة.

6.     هل ستعارض الأمم المتحدة حماس حال فوزها في الانتخابات الرئاسية والتشريعية القادمة؟ وكيف تقيم موقف فتح من انتخابات عام 2006؟

نعم، أعتقد أنه سيكون هناك تحدٍ في الأمم المتحدة حال فوز حماس في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وهذا التحدي سيطال المحاولات الرامية لتمثيل فلسطين في الأمم المتحدة.

من المرجح أن يكون هناك مواجهة كبرى، خصوصاً في الجمعية العامة، وأتوقع أن تنجح حماس بإقناع أغلبية أعضاء الأمم المتحدة والتي كسبت الحق في تمثيل الشعب الفلسطيني.

أما منظمة التحرير الفلسطينية وفتح فقد رفضتا قبول الآثار السياسية المترتبة على انتخابات عام 2006م. وليس من المرجح أن يقبل (أعضاء الأمم المتحدة) بنصر مستقبلي تحققه حماس، ما لم يكن هناك تقاسم للسلطة وحكومة وحدة يتم الاتفاق عليها. والفرصة الأفضل لحصول ذلك ستكون قبل الانتخابات نفسها.

7.     ما إمكانية تواصل الأمم المتحدة مع حماس وهل هو ممكن في الوقت الراهن؟

نعم، تصرفت حماس كلاعب سياسي مذ قررت التنافس على القيادة السياسية من خلال الدخول في العملية الانتخابية، وقد وجدت في البداية التشجيع من حكومة الولايات المتحدة، لكن لم يكن من المتوقع فوزها.

وحسب فهمي فقد أعطت حماس ضمانات دبلوماسية خاصة وكذلك قدمت تصريحات علنية، مفادها أنها تسعى لإنهاء المواجهات العنيفة مع (إسرائيل) واستعدادها للدخول في ترتيبات التعايش السلمي على المدى الطويل، وتعتمد الولايات المتحدة الأمريكية و(إسرائيل) على لغة ميثاق حماس لتبرير تصنيفها كمنظمة ارهابية.

8.     ما إمكانية أن تلعب حماس دورًا رئيسًا في عملية السلام؟

من المحتمل نعم، ولكن فقط إذا قبلت واشنطن و(تل أبيب) بدور حماس كفاعل سياسي طبيعي. وهذا الأمر لا يبدو محتملا على الاطلاق في الوقت الحاضر. إن ابقاء حماس في قفص الارهاب يخدم المزاعم بعدم وجود شريك فلسطيني للسلام. و(إسرائيل) لا تريد السلام عن طريق التفاوض في هذا الوقت تحديدا.

9.     هذا يقودنا للسؤال حول رؤية الأمم المتحدة بشأن ما يطرح من نقاش حول تهدئة طويلة في غزة.

أؤيد كل المحاولات الرامية إلى نقل الصراع من أرض معركة غير متكافئة إلى نوع من الإطار السياسي، وأشارت حماس منذ فترة طويلة إلى استعدادها للتحرك في هذا الاتجاه. (إسرائيل) هي التي تعارض مثل هذا التحول، ويرجع ذلك جزئيا لكونها تتمتع بأفضلية كبيرة في أي لقاء عسكري وأنها تريد الاستمرار في مسارها التوسعي حتى لا يتبّقى شيء من فلسطين التاريخية.

10.    كيف تقرؤون الموقف الأمريكي بمجلس الامن اتجاه القضية الفلسطينية، وأثره في تقويض العدالة الدولية وعملية السلام بالمنطقة؟

هناك نوعان من الفيتو الذي تمتلكه الحكومة الامريكية، الأول الفيتو الدستوري في مجلس الأمن، الذي استُخدم للنأي بإسرائيل عن النقد والمساءلة.

وهذا النوع يأخذ شكل السلطة والتأثير غير الرسميين اللتين يتم ممارستهما خلف الأبواب المغلقة، بحيث يعرقل الجهود التي لا تتفق وسياسات الأمم المتحدة.

وبتقديري حق النقض "الفيتو" يقوّض احتمالية وجود "ديمقراطية دولية" في عمليات الأمم المتحدة.

11.    كيف تفسر إذن الموقف الأمريكي الداعم لـ(إسرائيل) ؟

يعكس الدعم السياسي والمالي الذي تقدمه الولايات المتحدة لـ(إسرائيل) نوعين من الحقائق المؤيدة لـ(إسرائيل): تلاقي المصالح الاستراتيجية (الإسرائيلية) الأمريكية في الشرق الأوسط وتأثير اللوبي (الإسرائيلي)، تحديدا في ظل علاقاته القوية مع الكونغرس.

12.    لماذا لا تلجأ الأمم المتحدة لتشكيل لجان تحقيق مستقلة؟

 هناك بعض اللجان المستقلة والعديد من الفعاليات الداعمة للكفاح الفلسطيني، خاصةً في الجامعات والأماكن الدينية "الغربية"، لكن ينقصها التمويل والالتزام اللامشروط على غرار ما يحدث مع مناصري (إسرائيل). إلا أن هذا الأمر يتغير تدريجيا نتيجة تزايد الادراك بحقيقة كون الفلسطينيين ضحايا ومبدأ التوسعية (الإسرائيلية). لكنه لازال بطيئًا.

13.    بتقديركم، لماذا تصر (إسرائيل) على تجاهل العدالة الدولية؟

تدّعي (إسرائيل) أنّ التحقيقات داخل الأمم المتحدة وخارجها منحازة، وتُطالب بحقها السيادي في إطار سعيها لدعم مصالحها "الخاصة"، ولو شكّل الأمر تحديًا للقانون الدولي ولسلطة الأمم المتحدة وللرأي العام العالمي.

 وتستخدم (إسرائيل) نفوذها وعلاقاتها مع الولايات المتحدة الأمريكية؛ لإضعاف الجهود الرامية لإخضاع حكومة (إسرائيل) وقادتها للمساءلة.

14.    هل تعتقد بوجود فرصة حل للدولتين؟

لا.. لا أعتقد أنّ القيادة (الإسرائيلية) تُبدي أي اهتمام اتجاه حل الدولتين، وأنا متأكد أنّ هذا الحل لم يدر اطلاقا في خلد (الإسرائيليين)، عدا عن دولة فلسطينية منزوعة السيادة والاستقلال، وهذا وقت الفلسطينيين لتكوين مفهمومهم الخاص عن السلام مع الأخذ في الاعتبار الحقائق القائمة.

15.    إذن ما هي فرص نجاح عملية السلام في ظل التعنت (الإسرائيلي)؟

من وجهة نظري، عملية السلام لـ(إسرائيل) تمنحها تعزيز اختراق الضفة الغربية وتحقيق طموحاتها في القدس، وأصبحت تقوّض امكانية اقامة دولة فلسطينية متصلة قابلة للحياة وذات حقوق سيادية كاملة، ولطالما شكّلت خداعا قاسيا لآمال وحقوق الفلسطينيين، ما استوجب عدم الدفع بها والعمل على تطويرها.

 بتقديري "إطار أوسلو" معيب لسببين رئيسين: أولهما من الخطأ أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية وسيطًا، والثاني من غير المناسب السماح لـ(إسرائيل) الاستمرار في بناء المستوطنات، وهي تُعتبر تعديات غير قانونية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

16.    ما هي قراءتكم للموقف الأمريكي إزاء توجه السلطة الفلسطينية لمحكمة الجنايات الدولية؟

لا يوجد أدنى احتمال بأن تدعم الحكومة الأمريكية هكذا توجه، وهي تعارض بشدة الخطوة الأولية الرامية لأن تصبح فلسطين طرفا في معاهدة روما الذي يسمح لها بالتوجه للمحكمة الدولية. وسيكون ردها أن هذه المبادرة تتعارض مع أي بحث حقيقي عن السلام، وبالتالي فهي هدّامة وغير مسؤولة.

 ومما لاشك فيه أن (إسرائيل) ستُصاب بالحنق حال قيام السلطة الوطنية بهذه الخطوة وسترد بطرق عدة، هكذا ردود أفعال تدل على أنّ القانون الدولي لا يؤخذ على محمل الجِد عندما يصطدم مع المصالح القومية للدول القوية

17.    ما هي قراءة الأمم المتحدة لموضوع دعم المصالحة الفلسطينية الداخلية؟

ستدعم الأمم المتحدة أي مبادرات شريطة أن تشمل مشاركة الولايات المتحدة و(إسرائيل). ولكن من المرجح أن تعارض أو تتجاهل أي مبادرات مستقلة ينظمها المجتمع المدني. فالأمم المتحدة خاضعة للقيود الجغرافية والسياسية التي يفرضها أعضاؤها الرئيسيون، تحديداً الولايات المتحدة.

18.    ما هي تحركات المنظمة الدولية كوسيط بين (الإسرائيليين) والفلسطينيين للوصول إلى تسوية طويلة؟

يمكن حدوث ذلك إذا دعمت واشنطن و(تل أبيب) هذا التوجه، وهو أمر لا يمكن تخيله تقريبا. قد تتغيّر الأوضاع، وقد تعيد واشنطن النظر في استعدادها لتقديم الدعم غير المشروط لـ(إسرائيل) في مرحلة ما، ولكن هذا لن يحدث قريباً. وستطلب الأمم المتحدة الضوء الأخضر من أطراف النزاع حال أرادت أن تلعب دور الوسيط وآمل أن يكون قريبًا.

 لكن يتطلب الأمر أمين عام مستقل وإرادة سياسية قوية للأمم المتحدة، ولن يتسنى ذلك إلا إذا دفع المجتمع المدني باتجاه حركة إصلاحية قوية في الأمم المتحدة.

اخبار ذات صلة