غزة- رامي خريس
لقيت خطوة الحكومة في غزة بتنفيذ حكم الإعدام بحق عميلين للاحتلال جرى سابقاً محاكمتهما وإدانتهما الكثير من ردود الفعل المختلفة إلا أن الغالبية العظمة من المواطنين في غزة شعروا بارتياح شديد بعد سماعهم الخبر.
فالجرائم التي ترتكبها هذه الفئة بشعة وتضر بمسيرة الجهاد الفلسطيني، واكتوى الفلسطينيون جميعهم بنار العملاء فاغلب حوادث الاغتيالات كان للعملاء دور كبير فيها بل قد يكون الدور الرئيسي ، كذلك فإن عمليات كثيرة للمقاومة كان يجري إحباطها بسبب نشاط العملاء ، الذين كثيراً ما تسببوا في اعتقال المجاهدين بعد الوشاية بهم ، فضلاً عن عمليات الإسقاط والتجنيد لصالح المخابرات الإسرائيلية.
ضحية الخيانة
كثيرة هي الأعمال التي اضطلع بها العملاء وأضرت بالفلسطينيين أينما كانوا ، فنطاق عملهم لم يقتصر على الأراضي المحتلة في الضفة أو غزة أو الأراضي الفلسطيني عام 48 بل امتد ليشمل المناطق التي أقام بها الفلسطينيون في الشتات ، وراح ضحية "الخيانة" الكثير من قادة الفصائل الفلسطينية الذين اغتالتهم فرق الموت الإسرائيلية.
واليوم وفي ظل حرب "استخباراتية" جديدة يقدم الاحتلال على تنفيذها لاسيما في قطاع غزة تبرز الحاجة إلى إيجاد خطة شاملة لمواجهة ما يعتبره المتابعون للملف الأمني في غزة تحدياً خطيراً لاسيما أن العملاء مكلفون على ما يبدو بمهمات جديدة تتمثل في ضرب الاستقرار في غزة وبث حالة من الفوضى وتدمير النسيج الاجتماعي وقد تحدثت الرسالة بشكل أكثر تفصيلاً في أعداد سابقة حول وسائل المخابرات الإسرائيلية الجديدة .
مواجهة فاعلة
والمواجهة الفاعلة تتطلب عملية ردع وعدم تهاون ، وتنفيذ الأحكام الصادرة بحق العملاء الذين ثبتت إدانتهم بعد تقديمهم لمحاكمات عادلة هو أحد الخطوات الهامة في هذا الاتجاه والتي قد تشكل عملية ردع جزئية ، ولكن تتطلب عملية الردع مزيد من الإجراءات ، والقيام بمتابعة حثيثة ومتواصلة لكل المشبوهين فضلاً عن تفعيل إدارة المعلومات في الأجهزة الأمنية التي قد توفر بيانات تفيد في عملية المتابعة للمشبوهين وملاحقة العملاء .
المواجهة تتطلب بحسب خبراء أمنيين تحصين المجتمع كذلك بحيث لا يكون أفراده هدفاً سهلاً للوقوع في شباك المخابرات الإسرائيلية .
وإذا كانت توعية المواطنين بأساليب المخابرات وتحذيرهم منها إحدى وسائل الحماية فإن جداراً آخر من الوقاية قد يكون مهماً كإحدى وسائل الحماية الفاعلة، وهو الحصانة الأخلاقية، فبحسب اعترافات بعض العملاء فإن الثغرة التي استطاعت المخابرات الإسرائيلية النفاذ منها كانت "أخلاقية".
وتكمن إشكالية أخرى يتطلب الانتباه لها في ملف العملاء وهو استغلال المخابرات الإسرائيلية لبعض الأشخاص المناوئين لحركة حماس والحصول على خدمات منهم على اعتبار أنهم يقدمونها للسلطة في رام الله ، وقد جرى استغلال بعض الشبان قبيل حرب الفرقان ، وطلب منهم معلومات عن قادة في كتائب القسام وعن أماكن تخزين السلاح ووحدات المرابطين ، وكانت تلك المعلومات تصل إلى المخابرات الإسرائيلية عبر أشخاص يعملون في سلطة رام الله وفي أجهزتها السابقة في قطاع غزة.
وفي كل الأحوال فإنهم يتعاملون بشكل مباشر أو غير مباشر في الضفة الغربية لإحباط عمليات المقاومة وهو ما كشفته وثيقة التنسيق الأمني الأخيرة ويبدو أن هذا الأمر الذي دفع سلطة فتح في رام الله لرفض تنفيذ أحكام الإعدام بحق العملاء في غزة ، فطبيعة تعاملهم مع الإسرائيليين وأجهزتهم الأمنية لا تختلف كثيراً عن المهام التي يؤديها عملاء الاحتلال ولربما خافوا من اليوم الذي يحاكمون فيه بتهمة الخيانة.