تتعدد طريقة تعبير الناس عن مشاعرهم نحو الأشياء وخصوصا عند الحديث عن الوطن وحبه والانتماء إليه، ولقد حفل الأدب العربي بالكثير من الفنون الأدبية في الشوق إلى الوطن لاسيما في وقت يكون فيه الأديب مغترباً عن ذاك الوطن، وفي العصر المعلوماتي والتكنولوجي أصبح الشغف بالوطن يكون بتطبيقات للهواتف المحمولة يتناغم فيها الوطن بين قديمه وحديثه.
أسماء جابر الفلسطينية التي ولدت وعاشت بولاية سوفت كارولينا في الولايات المتحدة الأمريكية، من شدة عشقها لموطنها الأصلي ولتاريخه ولتراثه الأصيل، فكرت بطريقة تربط الماضي الفلسطيني بالحاضر فأنتجت مشروع "بيفوت" PIVOT، وهو تطبيق تفاعلي يخزّن الصور ومقاطع الفيديو والمعلومات عن تاريخ فلسطين القديمة والجديدة.
تقول أسماء لـ "الرسالة": "والدي من مواليد الناصرة ووالدتي من مواليد قرية قضاء القدس، ودائما كان أبي يحكي لي قصص عن فلسطين القديمة وتاريخها، وكنت أتخيل تلك المدن والقري القديمة خاصة قبل عام 1948 وكيف كان شكلهم"، موضحة أنها حظيت بزيارة لفلسطين مع والدها وصفتها بالمميزة، وتأسف على اغترابها الطويل عن العيش في الوطن.
مراحل النجاح
وأوضحت مديرة المشروع أن الاسم PIVOT يشير الى فعل التحوّل على نقطة، نظراً الى أن تجربة المستخدم تشير الى التحوّل على موقع عبر الزمن، حيث أنه في حال وجود التطبيق على هاتفك الذكي سينقلك الى خريطة البلد الذي تتواجد فيه لتظهر "نقاط محددة" على الخريطة أو ما يُعرف بـ"نقاط بيفوت" PIVOT points والتي تتضمّن معلومات مع صور قديمة وجديدة عن الموقع وكلّما مرّرت اصبعك الى اليسار كلما عدت بالزمن.
وأشارت جابر أنها تقدمت في جامعة هارفرد على مسابقة "startup competition" وبدأت مشوار مشروع بيفوت في شهر مايو من العام الماضي، وقد حلّ المشروع في المرتبة الأولى من منافسة ريادة الأعمال الثقافية التي نظّمها مختبر هارفرد للابداع وحصد جائزة مالية بقيمة 25000 دولار ومساحة عمل وارشاد، للعمل على الفكرة في فلسطين وعلى غيرها من بلدان العالم.
التحدي للعمل
وأكدت أن التحدي كان كبيرًا في الحديث عن فلسطين وما يجري لها من تهويد وطمس للهوية والتاريخ، واقناعهم بالمناطق التاريخية التي هجر الاحتلال الاسرائيلي أصحابها منها في احدى أكبر الجامعات العالمية، منوهةً أن الوضع تغير عند عرض المشروع وإبراز القرى المهجرة على الخارطة وكيف تغير الوضع الآن بفعل الاحتلال، حتى لاقت ذلك الترجيب الذي أوصلها للفوز بالجائزة الأولى.
وبينت جابر إلى أنهم الآن في مرحلة البحث وجمع المعلومات والصور التاريخية عن كل المدن في فلسطين، مستعينين بالجامعات الفلسطينية وما تحتويه من وثائق تاريخية، إضافةً إلى العائلات التي لا تزال تحتفظ بصور تاريخية، بيد أن البداية ستكون من مدينة بيت لحم وقراها، وأيضاً العمل على التطبيق تكنولوجيا بحيث يكون جاهز للاستخدام مضافاً إليه صور المناطق في السنوات الماضية على مر الزمن.
دعوة للتمويل الجماعي
بعد عام من بدء العمل على المشروع، أطلقت مديرة المشروع حملة على منصة Kickstarter للتمويل الجماعي، ومتوقع جمع مبلغ 30000 دولار كسقف للحملة، حيث أنهم بحاجة الى ترويج المنتج وبناء مجموعة من المستخدمين المهتمين بخلق حركة أرشفة، وأن "بيفوت" تحتاج الى الأموال من أجل تحسين وتطبيق تقنيات الواقع المعزز.
وعن الوقت الذي سيرى فيه التطبيق النور قالت جابر أنه من المتوقع في سبتمبر أو ديسمبر على أبعد تقدير أن يصبح التطبيق جاهزاً للاستخدام، ويحتوي على كل الصور التاريخية لمدينة بيت لحم والمناطق الواقعة في قضائها وتكون فترة اختيار للتطبيق، على أن يستمر الجهد لأرشفة كل المدن الفلسطينية ومن ثم الانطلاق نحو العالمية.