غزة/كمال عليان
سيطر الركود على الصناعات الفلسطينية في قطاع غزة منذ أكثر من أربعة أعوام، بعد حصار خانق شلّ كافة أنواع الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على المواد الخام التي يتم استيرادها عبر المعابر المغلقة.
ولكن الأمر بدأ يختلف شيئا فشيئا منذ أن حفرت الأنفاق في جوف الشريط الحدودي الفاصل بين جنوب قطاع غزة والأراضي المصرية، التي سمحت بتهريب أصناف معينة من مستلزمات الإنتاج الداخلة في عدد من الصناعات المحلية مثل صناعة الملابس، لتستعيد نشاطها وإن كان هذا النشاط ما يزال دون الحد الأدنى من القدرة الإنتاجية والتشغيلية.
"الرسالة نت" رصدت بعض الصناعات التي بدأت تمسح الغبار عن نفسها:
تحسن طفيف
المقاول أبو هاني حمدي (51عاما) أب لتسعة أبناء أكد أنه بقي عاطلا عن العمل منذ فرض الحصار على قطاع غزة، عازيا ذلك إلى منع الاحتلال إدخال مواد البناء عبر المعابر إلى القطاع.
وقال لـ"الرسالة نت" :" ولكن الأمر اختلف قليلا عما كان عليه في السابق فمع دخول مواد البناء عبر الأنفاق المصرية بدأ الناس بتعمير بيوتهم وبنائها وهذا ما جعلني أعمل عند العديد منهم".
وطالب أبو هاني العالم أن يتدخل لفتح المعابر وإدخال مواد البناء التي من شأنها أن تفتح المجال بشكل أكثر وأفضل نظرا لكثرة البيوت المدمرة في الحرب الأخيرة، متمنيا أن يتم ذلك في أقرب وقت ممكن.
أما (عامل القصارة) أبو العبد عبد الرحمن (30 عاما) فقد أبدى ارتياحه بعض الشيء من الوضع الجديد فالمياه بدأت تجري في مجاريها، حسب تعبيره، واعتبر تلقيه طلبات جديدة للعمل في الآونة الأخيرة بداية لعودة حياته العملية السابقة.
هذا التحسن انعكس ايجابيا على أبو العبد الذي عبر عن سعادته بعد أن عانى من كثرة التفكير والضيق بسبب قلة العمل وقال: بدأت أشعر بقيمتي بين أهلي، فأنا أعمل، موضحا أنه يراعي ظروف الناس ولا يأخذ أجرة كالسابق.
ويعتبر أن خروجه من البيت وعودته لمزاولة مهنته، والتعب الذي يلاقيه أثناء العمل، أهم بكثير من العائد المادي، مشيرا إلى أنه سئم الجلوس في البيت مدة أربع سنوات.
حركة عمل
الشاب الثلاثيني أبو إسلام خميس من معسكر جباليا وأب لخمسة أبناء يقول وقد بدت السعادة على وجهه:" أعمل نجارا منذ عشرة أعوام وكانت أصعب الأيام التي مرت علي هي الأربعة أعوام الماضية نظرا لتوقف استيراد الخشب للقطاع وبالتالي توقف العمل، موضحا أن تحسنا تدريجيا بدأ في الأشهر الماضية بعدما تم إدخال الخشب عبر الأنفاق.
ولم يخف أبو إسلام كثرة الطلبات على شراء وتفصيل الأبواب هذه الأيام نظرا لكثرة أعمال البناء لدرجة أنه بات لا يستطيع تلبية كافة الطلبات، معبرا عن أمله في القضاء على البطالة.
أما حال عامل الكهرباء محمود عبد الحميد (29عاما) من سكان بيت لاهيا فكان مشابها لسابقيه، فالعمل يعتمد على بعضه البعض حسب قوله، مضيفا أنه يمدد كهرباء حاليا لثلاث بيوت نظرا لدخول أسلاك الكهرباء ومستلزماتها عبر الأنفاق.
وأشار إلى رداءة الأسلاك المصرية التي سرعان ما تذوب وتحرق عند أقل خطأ في الكهرباء، مستدركا بقوله "رائحة البر ولا عدمه" في إشارة منه إلى تحسن الوضع عما كان عليه سابقا.
100 مصنع يعمل
وبدوره أكد رئيس اتحاد مصانع الخياطة في غزة محمد أبو شنب أن دخول كميات كبيرة من الأقمشة ومستلزمات الخياطة المهربة إلى أسواق غزة عبر الأنفاق ساهمت أخيرا بعودة أكثر من 100 مصنع من مصانع الخياطة إلى أعمالها وذلك من أصل نحو 900 مصنع متعطل عن العمل منذ فرض الحصار المشدد على غزة قبل نحو ثلاث سنوات.
وأوضح في تصريحات صحفية سابقة انه بالرغم من أن نشاط هذه المصانع "100 مصنع " لا يتجاوز 20 % من قدرتها الإنتاجية الفعلية إلا أنها مكنت نحو ألف عامل من العودة لأعمالهم منوها إلى أن مصانع الخياطة كانت قبل الحصار تشغل قرابة 20 ألف عامل في قطاع غزة.
وبين أن مبيعات مصانع الخياطة في غزة من الملابس محلية الصنع شهدت أخيرا تحسنا ملحوظا وذلك بالرغم من منافسة الملابس الجاهزة التي تصل إلى أسواق غزة عبر الأنفاق.
وتأتي حالة التحسن في بعض الصناعات إثر التغيرات الأخيرة التي شهدتها حركة العمل في الأنفاق نتيجة للجوء الغالبية العظمى من مالكي الأنفاق إلى تهريب المواد الخام ومدخلات الإنتاج اللازمة للصناعات المختلفة، فهل تستمر حالة التحسن هذه أم أن الوضع سيتغير في ظل الجدار الفولاذي المصري؟ هذا ما تكشفه الأيام القادمة..