برزت الأفلام الوثائقية مؤخرا كوسيلة لتصدير صورة غزة والقضية الفلسطينية للعالم وتوثيق ملامح الحياة فيها وما تتعرض له من ممارسات للاحتلال (الإسرائيلي)، مما أثر في صياغة الرأي العام العالمي اتجاه القضية الفلسطينية.
وتنوعت الأفلام الوثائقية لتشمل العديد من القضايا المحورية التي تمس الواقع الفلسطيني ككل وأبرزها الحروب التي عصفت بغزة حيث صورت أحداثها والانتهاكات والجرائم التي حصلت خلالها وما نتج عنها من مآسٍ وأيضا قضية الأسرى وما يمروا به من تعذيب خلال التحقيق إضافة إلى مراحل الإضراب التي مروا بها.
توثيق الأفلام لمثل هذه القضايا بتفاصيلها جذب اهتمام العديد من المؤسسات الإعلامية لبثها ما خلق حافزاً لصناع الأفلام الوثائقية في غزة لتطوير أفلامهم شكلا ومضمونا.
المخرج أشرف المشهراوي قال: "صناعة الأفلام الوثائقية في العقد الأخير شهدت تطورًا كبيرًا، نتيجة إقبال الشباب على هذا المجال وإدراكهم أهمية الافلام الوثائقية وأثرها في توثيق جرائم الاحتلال والمآسي التي تخلفها هذه الجرائم بحق قطاعات المجتمع الفلسطيني كافة.
وقال المشهراوي إن صناعة الأفلام الوثائقية تعتمد على إبراز واظهار الحقائق كما هي دون إضافة أي أعمال دعائية والتي من شأنها نزع المصداقية عن العمل الوثائقي إضافة إلى أن عرض هذه الحقائق "الصادمة" تكفي لإعطاء صورة واقعية عما تمر به الحياة بغزة.
وأكد المشهراوي في حديث مع "الرسالة" ان صناعة الافلام الوثائقية في غزة تواجهها عقبات جمة، من ضمنها الحصار الذي يعرقل دخول العديد من الأدوات اللازمة لإنجاز الافلام الوثائقية.
وأضاف: "حرية الحركة مقيدة بشكل كبير جراء التعقيدات التي يبتكرها الجانب (الإسرائيلي) في إعطاء التصاريح ".
وقال المشهراوي "استوحي أفكار الأفلام الوثائقية التي أخرجها من نبض الشارع الغزي بأحزانه وافراحه وان كان المشهد الطاغي بحياة الغزيين هو مشهد الحزن".
وتابع: "أخرجت العديد من الأفلام وكنت في كل فيلم أنقل مشهدًا من مشاهد الحياة الفلسطينية واعتقد ان أكثر أعمالي تأثيرا كان فيلم الأمعاء الخاوية والذي صور مشاهد وأساليب التعذيب التي تنتهجها السلطات (الإسرائيلية) ضد الأسرى الفلسطينيين بالمعتقلات (الإسرائيلية)".
وفي ذات السياق قال مفيد ابو شمالة "عضو لجنة تحكيم عدد من مهرجانات الافلام الوثائقية" ان الفيلم الوثائقي رسالته بصرية وهي أبلغ وأكثر تأثيرا من الرسالة المكتوبة بمعنى أن الفيلم الوثائقي أصبح وسيلة إعلامية مهمة ومؤثرة في الجمهور.
وتحدث أبو شمالة عن أهمية توظيف الافلام الوثائقية لفضح انتهاكات حقوق الإنسان التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني إضافة الى أهمية صناعة أفلام وثائقية باللغة الإنجليزية لكي توصل المأساة الفلسطينية للعالم أجمع.
ونوه ابو شمالة في حديث لـ "الرسالة" الى أن كون غزة منطقة أحداث دائمة يجعلها أرضية خصبة لصناعة الأفلام الوثائقية وتمنح الفيلم الوثائقي مادة زخمة بالحقائق والأحداث.
وأكد عاطف عسقول، مسؤول الفنون والإبداع في وزارة الثقافة، على أهمية الافلام الوثائقية ودورها في المعركة الاعلامية القائمة مع العدو (الإسرائيلي) فقد أضحت وسيلة لنقل الحقائق بطريقة ذكية وحضارية وتعتبر القوة الناعمة والمهمة للشعب الفلسطيني التي يجب أن يستثمرها لدعم قضيته".
ولاحظ عسقول ان الفترة الاخيرة شهدت قفزة نوعية وتطورًا ايجابيًا في مجال صناعة الافلام الوثائقية في غزة حيث أسهمت طاقات بشرية جديدة في تطور هذا المجال المهم والحيوي، إضافة الى تطور التكنولوجيا المستخدمة فيه.
واكد في حديث لـ "الرسالة" على اهمية التنوع في الافلام الوثائقية وألا تقتصر على التركيز على الجانب المأساوي في غزة بل يتوجب أن تتسع لتشمل الأوجه الأخرى للحياة في غزة، وضمنها الوجه السعيد.
وأشار عسقول بشكل خاص إلى إسهام فيلم "غزة تعيش" الذي أظهر أنه رغم المعاناة، فإن هناك من أرسل رسالة مضمونها بأن الحياة لابد أن تستمر على الرغم من كل المنغصات التي يفرضها الاحتلال (الإسرائيلي).
وعن دور وزارة الثقافة، قال عسقول أن الوزارة تهتم بشكل كبير بدعم وتطوير هذا الجانب الإعلامي والثقافي المهم، حيث أقامت الوزارة عددًا من المهرجانات، كان من ضمنها مهرجان غزة للأفلام الوثائقية الأول والثاني، ومهرجان يخص سينما الاطفال بشقيها: الافلام الوثائقية والافلام الروائية.
وفي ذات السياق سيفتتح بالثاني عشر من مايو الجاري مهرجان السجادة الحمراء لأفلام حقوق الإنسان وسيستمر لثلاثة أيام وسيقام على أنقاض حي الشجاعية المدمر في إشارة إلى أن المشي على السجادة الحمراء من حق أصحاب البيوت المدمرة وليس زعماء العرب الذين لم يحركوا ساكنا إزاء ما تعرض له حي الشجاعية وغيره من المناطق.