الضفة الغربية-الرسالة نت
"نار تشتعل في صدري، في كل يوم أتخيل أنه قادم محمول على الأكتاف، لألقي نظرة الوداع الأخيرة عليه، وأضمه لصدري لآخر مرة، وأطبع على وجنته الغالية قبلة الوداع، وأواري جسده تحت الثرى لترتاح روحه وتخمد نار الفراق التي اشتعلت منذ تسع سنوات".
هكذا وصفت الحاجة "أم صفوت" حالها بعد استشهاد ابنها الاستشهادي صفوت عبد الرحمن الذي نفذ عملية استشهادية قتل فيها 14 جنديا وأصيب مئة آخرون عام 2002 في مدينة تل الربيع في الداخل المحتل، حيث لم تستطع طوال 9 أعوام من استرداد جثة ابنها ودفنه حسب الأصول الإسلامية.
وتضيف والحزن والدموع لم يفارقا عيونها منذ أن فارقها صفوت:"أصبحت آمال أمهات الشهداء الأسرى والمفقودين تنحصر في قبر ضيق يضم فلذة كبدها، وأن تقف بجواره كلما اشتاقت إليه وللحديث معه".
وناشدت أم صفوت آسري الجندي الصهيوني جلعاد شاليط في غزة أن يعملوا المستحيل لاسترداد جثامين الشهداء الأسرى والمفقودين في مقابر الأرقام وثلاجات الموتى.
ألم الفراق
حال عائلة الاستشهادية دارين أبو عيشة لم يكن بأفضل حالا من غيرها، حيث لم تجد الأم الثكلى ملجأً سوى الدعاء إلى الله بأن يعيد لها جثة ابنتها بعد تسع أعوام على استشهادها، عندما نفذت عملية استشهادية بطولية بتاريخ 27 شباط 2002 على حاجز بيت سيرا قرب القدس، قتل خلالها ستة جنود صهاينة حسب اعتراف العدو.
وتصف والدة دارين حالها طيلة السنوات الماضية منذ استشهاد دارين قائلة:"في كل يوم أستيقظ أتذكر دارين، أشعر أنها تطالبني بأن نعمل على استردادها ودفنها بالقرب منا".
وتضيف:"حتى هذه اللحظة لا نعرف إذا كانت دارين قد دفنت في مقابر الأرقام أم أنها ما زالت محتجزة في ثلاجات الموتى، وهذا ما يزيد من ألمنا وعذابنا كل يوم".
وناشدت والدة الاستشهادية دارين أبو عيشة كافة المسئولين العمل على إنهاء ملف الشهداء الأسرى، وإعادتهم لذويهم ليحظوا بلحظة وداع أخيرة تريح قلوب الأمهات وأرواح أبنائهم الشهداء.
306 شهداء
من جانبه قال مدير مركز القدس للمساعدات القانونية عصام أبو الحاج للـ"الرسالة" أن الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء وثقت 306 حالات لشهداء أسرى من قبل أهاليهم، موضحا أن العدد الأكبر منهم من مدينة نابلس.
مضيفا:"بعض الجثمانين تم دفنها في مقابر الأرقام على عمق أقل من نصف متر مما عرضها للخطر ونهش الكلاب وجرف بعضها نتيجة الأمطار والسيول".
وطالب أبو الحاج بضرورة تفعيل دور الصليب الأحمر في قضية جثامين الشهداء، مستنكرا الضعف الذي يبديه الصليب إزاء هذه القضية".
وأضاف أبو الحاج:"نحن غير راضين عن دور الصليب الأحمر في قضية المفقودين، وهم لم يبذلوا أي جهد لاسترداد الجثامين، ونريد بدورنا إرغامه على العمل لأجل هذه القضية، والسعي لتسجيل زيارات لأهالي الشهداء حتى يتمكنوا من زيارة قبور أبنائهم أينما كانوا والسماح لرجال الدين بالدخول معهم والصلاة عليهم".