قائمة الموقع

"أمل أبو عاصي" تخط على ركام غزة حروف ديوانها الأول!

2015-05-14T08:36:23+03:00
الرسالة نت -محمود فودة

على شاطئ المدينة المحاصرة، تجولت الشاعرة أمل أبو عاصي بين دفتي ديوانها الأول "أربعة فصول للضباب"، من بين حروفه تفوح رائحة الحياة والموت التي رافقتها في رحلة كتابته قبل عدة شهور.

الشاعرة أمل صاحبة الـ 31 ربيعا، عاشت ليالي من القهر؛ لتمكن العشرات من القراء تصفح ديوانها قبل أن تلقي كاتبته النظرة الأولى عليه؛ إذ حال ظلم ذوي القربى بينها وبين حضور معارض الكتاب بمصر والسعودية، قبل أن تصلها نسخة من الديوان بعد جهد وعناء وطول انتظار.

رسمت أمل بحروفها قصائد متنوعة المضمون والمعنى، بناءً على ما وصفته بحق الشاعر أن يكتب في كلِّ شيء وعن كلِّ شيء، فقصائدها كانت "في الوطن، في العودة، في الأسرى، في الفقراء، في شهداء البحر، في حدائق النفس البشرية، في الشهداء، في أم نضال فرحات، في الحب العفيف".

وترد أمل على تساؤل عابر حول هذه الموضوعات المتناقضة بين الموت والحياة بقولها: "الشاعر إنسانٌ أعطي مزمارا من مزامير داود، فتراه يحاور الموت والحياة، يلقي الأسئلة كالفيلسوف، يحكم كالقاضي، وهو بذلك يريد أن ينشد ألحانا لا تجرح شفاه العصافير".

وقد يتخايل للقارئ أن للشاعر وقتًا محددًا لا يأتي ملكوت الكتابة إلا فيه، أما أمل فكان لها رأيٌ آخر: "لو كانت الحامل تختار ساعة ولادتها لكان للشاعر أن يختار وقت كتابة النص، القصيدة كائن مزاجيّ، يفرض نفسه متى يشاء، قد يكون وأنتَ منكبٌّ على ورق امتحان، وأنت نائم تسبح في ملكوت الحلم، وأنت في السيارة، في الشارع، في السوق، وحينها لا يملك الشاعر أمامه إلا اللجوء إلى منسأة القلم، وورقة من بياض".

رسائلٌ بالغة التحدي حملها ديوان "أربعة فصول للضباب" أولاها الانتصار على الحصار برفع راية الشعر الغزّي في العالم، وتضيف أمل:" أن الكتاب يقول بوضوح إننا بوسعنا أن نحب رغم الحرب، أن نفرح رغم الوجع، أن نتنفس رغم عوالم الموت المحيطة".

وتزامنت كتابة الديوان مع العدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، فكانت حروفه بمثابة رصاص يدعم المقاوم، تقول الشاعرة أمل: " أخطأ من ظنّ أن زمن الكلام قد ولّى، فالكلمة تقاوم كالسيف تماما، ما مِن مقاومة على وجه الأرض استغنت بالمقاتل عن الشاعر، بل إن كل مقاومة حيّة تدرك أن لا غنى للدم عن الضمير".

تخيل أن تضيع إنجاز عظيم لك أخذ منك أيام كثيرة وليالي بضغطة زر، حتما ستصاب بالإحباط، حدثتنا أمل عن ذلك بقولها: "كانت فترة امتحانات أبنائي، ولضيق الوقت أحفظ قصائدي على جوالي، بضغطة زر عفوية، مسحت القصائد البالغ عددها 135، ولم يستطع المختصون إرجاعها، وكان قسم كبير منها من المقرر أن يدخل في ديواني، حينها شعرت بمرارة الفقد، أن تتربّى القصيدة من أوجاعك وأناتك وتقلباتك كوليدك تماما، ثم تفقدها بضغطة زر!"

أمل الأم لـ 4 أطفال وبصدور الديوان أصبحوا 5 أبناء - كما تقول-، لم تخفِ دعم العائلة لها:" دوما عائلتي داعمة لي، وكثيرًا ما اجتمعوا حولي بعد كتابة القصيدة ليتعرّفوا إلى ملامح المولود الجديد، ويستمعوا إليّ، بعد إعصار الكتابة الذي يتركني رمادا، ثلاثةٌ من أبنائي ورثوا ملكة الشعر، وأصبحوا قرّاء نهمين، يتابعون كلَّ جديد".

وتذهب إلى ما أبعد من الدعم، بأن أصبحت عائلته تعي متى تأتي لحظات الكتابة: "هم يدركون تماما ملامح الكتابة لديّ، مذ يرون تقلّبي يدركون أن كائنا ما سيطل إلى هذه الحياة، ينسحبون بهدوء، يتركونني مدة من الزمن، ثم يعودون عندما أهدأ تماما، وتكون عملية الكتابة قد تمت".

وفي انتظار وصول الديوان لغزة بعد طباعته في مصر، حكاية أخرى، عاشها الكثيرون من متابعي أمل، وفي تفاصيل ذلك تقول: " كان هناك حفل توقيع لديواني في معارض الوطن العربي، حال دون حضوري الحصار، استلمت النسخة الأولى من الديوان بعد ما يقارب خمسة أشهر من إصداره، وقد كان القراء يشترونه من معارض مصر والسعودية ويرسلون لي صورهم برفقة الديوان، وأنا، أمه التي أنجبته لم أكن قد لمسته أو تنفست أوراقه".

أما كيفية الوصول، فكان عبر إحدى صديقاتها فازت في مسابقة دولية، وكانت جائزتها كتابين من معرض القاهرة الدولي، ترك لها مدربها اختيارهما، تكمل أمل: " فاختارت ديواني أحدهما، كلّ هذا كان دون علمي، فلمّا أصبح الديوان بين يديها تواصلت معي، وشهد مطعم سامي بيتزا لقاء الأم بابنِها".

ولحظة سؤالنا عن الشعور الذي انتابها لحظة ملامسها لأوراق الديوان، ردت أمل بعيونٍ شارفت على الدمع :"شعور لا يمكن وصفه، أنت تنتظر طويلا طفلك الذي لا تعرف عنه أكثر من لوحة غلاف الكترونية، والآن، دقائق تفصلك عن أن يلتقي الجسد بالروح، كانت تجربة موجعة جدا، بملامح لا تُقرأ".

اخبار ذات صلة