بعد ألفي ساعة من الإغلاق.. سيظهر النور من بين ثنايا البوابة السوداء لمعبر رفح البري؛ ليتمكن العالقون في الجانب المصري من العودة إلى غزة، فيما سيبقى المرضى والطلاب والعالقين في غزة بانتظار فرصةٌ أخرى للسفر سيطول انتظارها أو قد لا تأتي!
عشرات المناشدات المحلية والدولية طافت الدنيا، بينما لم تعرها "أم الدنيا" اهتماما، إلى أن قررت أخيرًا فتح معبر رفح لمدة 48 ساعة فقط؛ لعودة عشرات العالقين في الجانب المصري، دون أن تسمح لأي غزّي من مغادرة غزة ولو كان على شفا الموت.
قرار السلطات المصرية الأخير جاء بناءً على طلب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس –حسب رواية السلطة-، إلا أن الرجل لم يكلف نفسه بالزيادة في الطلب بأن يفتح المعبر في الاتجاهين، لطالما هناك قدرة على تشغيله للعالقين.
فالسلطات المصرية تتحجج في إغلاقها للمعبر بالأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء، إلا أنه بفتحها للمعبر، يعني أن الأمور متاحة كي يعمل المعبر في الاتجاهين، مما يمكن المسافرين من غزة السفر عبر المعبر.
ومن بين الحالات التي تنتظر فتح معبر رفح، التقت "الرسالة" بالمصاب محمد عبد السلام ضهير الذي أصيب خلال العدوان (الإسرائيلي) على غزة بشظية في رقبته، أفقدته القدرة على نطق الحروف.
ويقول والد الشاب العشريني لـ: " بعد عدة محاولات استطعنا الحصول على تحويلة طبية إلى مصر، إلا أن إغلاق معبر رفح منذ بداية العام؛ حرم ابني من تلقي العلاج اللازم له في المستشفيات المصرية".
وأوضح الحاج عبد السلام أن تأخر السلطات المصرية في إعطاء التحويلة لولده، جاء بناءً على رفض وجود مرافق له في السفر، بينما لم يخف تدهور الوضع الصحي لابنه كلما تأخر إغلاق المعبر.
ويبدو أن الشاب محمد سيفقد صوته نهائيا على عتبات معبر رفح، حال المئات بل الآلاف مثله من المرضى ومصابي الحرب الذين ينتظرون أن تحن عليهم الشقيقة مصر، وتدخلهم للعلاج في مستشفياتها.
وقال ماهر أبو صبحة مدير هيئة المعابر بغزة إن السلطات المصرية أبلغتهم بفتح المعبر لمدة يومين؛ لعودة العالقين منذ أشهر في مصر، مضيفا: " وفقا للقرار المصري لن يتمكن أحد من السفر لمصر مهما كانت حالته".
وأوضح أبو صبحة ان عشرات آلاف الغزيين بحاجة ماسة للسفر، من فئات المرضى الحاملين للتحويلات الطبية الرسمية، والطلاب الذين تأخروا عن مقاعدهم الدراسية، عدا عن العشرات من المواطنين الذين حضروا في زيارات عائلية لغزة ولم يتمكنوا من العودة لبلادهم.
وأكد وجود أكثر من 90000 مواطن يحتاجون السفر بغزة؛ نتيجة إغلاق المعبر منذ 86 يوما على التوالي، فيما لم يفتح منذ بداية العام إلا 5 أيام فقط.
وكشف أبو صبحة عن وجود معلومات بأن السفارة الفلسطينية بالقاهرة قدمت منذ أيام طلب للسلطات المصرية بفتح المعبر في اتجاه واحد لعودة العالقين؛ نظرا لما يشكل وجودهم في مصر من ازعاج للسفارة وتريد اخلاء مسؤوليتها نحوهم.
ودعا أبو صبحة السلطات المصرية لضرورة فتح المعبر بشكل دائم وفي الاتجاهين؛ نظرا للحاجة الإنسانية الملحة لفتحه.
ويبقى معبر رفح أداةً لابتزاز الغزيين، في ظل تحكم محمود عباس في قرار فتحه –على حد زعمه-، ومع بقاء حالة العداء التي تشنها مصر ووسائلها الإعلامية ضد قطاع غزة المحاصر، ومع فتح المعبر للعالقين فقط بعد كل هذا الانتظار يمسي حال أهل غزة كمن" صام صام، وأفطر على بصلة!" كما يقول المثل الشعبي الفلسطيني.