تزداد مديونية السلطة عامًا بعد آخر، ويجد المتتبع لتاريخ السلطة منذ نشأتها أن حجم الديون في ازداد مستمر، في حين لم يُنفّذ أو يضع أي من أصحاب القرار حلًا للتخلص منها.
اقتصاديون أكدوا ل أنه لا حلول لإنهاء ديون السلطة التي تزداد سنويًا سوى بإعادة الهيكلة الكاملة للسلطة وانهاء الفساد الاداري المستشري فيها.
الفساد سبب الديون
وأرجع مصدر مسؤول في مالية رام الله -رفض الكشف عن اسمه- سبب زيادة ديون السلطة سنويًا إلى الفساد الإداري الذي تعاني منه معظم الأجهزة التابعة لها.
وأوضح المصدر أن رواتب الموظفين تشكل العبء الأكبر على السلطة، مشيرًا إلى أنها تزداد سنويًا دون وجود هيكلية خاصة لتقليلها.
ورأى أن الحل الجذري لإنهاء الديون يكمن في إزالة تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاحتلال واعادة ترتيب الأوضاع الداخلية للسلطة التي من الصعب تحقيقها على المدى القصير؛ وفق المصدر.
ومن جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور ماهر الطباع، إن ديون السلطة المتراكمة بلغت 4.8 مليار دولار أمريكي منها1.2 مليار دولار للبنوك و 1.6 مليار دولار مستحقات لصندوق التقاعد، بالإضافة لـ 500 مليون دولار للقطاع الخاص، علاوة على الديون الخارجية والتي تتجاوز المليار دولار.
وأوضح الطباع أن حجم الموازنة لدى السلطة العام الماضي بلغ حوالي 4.216 مليار دولار، مشيرًا إلى أن نسبة العجز الكلى في الموازنة 1.629 مليار دولار.
وقال: "ما يؤخذ على الموازنة الفلسطينية بأنه جرى تخصيص مبلغ وقدره 1.078 مليار دولار من الموازنة العامة للأجهزة الأمنية وهو ما يمثل 28% من الموازنة الإجمالية، في حين أنه جرى رصد مبلغ وقدره 350 مليون دولار للنفقات التطويرية وهي تمثل 8.3% من إجمالي الموازنة".
وبيّن الطباع وجود ارتفاع في موازنة السلطة لعام 2014 مقارنة بالعام 2007 بعلاوة 54%، برغم غياب المشاريع التطويرية الحكومية في قطاع غزة وعدم تحميل النفقات التشغيلية للمؤسسات الحكومية ضمن الموازنة العامة.
ولفت إلى أن فاتورة الرواتب والأجور تمثل 47% من موازنة عام 2014، حيث بلغت 2.018 مليار دولار، وبمقارنة مخصص الرواتب والأجور بين عامي (2007-2014) نجد ارتفاع فاتورة الرواتب خلال سبع سنوات بنسبة 33%.
وأضاف: "بلغت فاتورة الرواتب والأجور في عام 2007 حوالي 1.370 مليار دولار".
العجز يتفاقم
وفي هذا السياق قال وزير التخطيط السابق سمير عبد الله إن السلطة تلجأ للدين من القطاع الخاص بسبب العجز في الميزانية، كاشفًا عن جهود تُبذل لإغلاق ديون ذلك القطاع دفعة واحدة.
ورغم ذلك، أكد أن هناك صعوبة في سداد الديون جراء الأزمات المالية التي تعانيها السلطة.
وحذّر عبد الله- مطلع على ميزانية "رام الله"- من تسريح الشركات الخاصة لموظفيها جراء كثرة ديونها لدى السلطة.
وأضاف: "طالما بقي الاحتلال جاثمًا على أرضنا ويتحكم بالمعابر والحدود ويجبي الضرائب، فمن الصعب الوصول لحلول".
وتعتمد السلطة في الحصول على إيراداتها على ثلاث مصادر رئيسية: أولها الضرائب المحلية بأنواعها المختلفة (وتشمل بالأساس ضريبة الدخل، ضريبة القيمة المضافة، وضريبة الملكية)، وتشكل حوالي 30% من الإيرادات الكلية للسلطة.
في حين أن المصدر الثاني إيرادات المقاصة، وهي الضرائب على الواردات السلعية، والتي تُحوّلها (إسرائيل) شهرياً للسلطة وفقاً لبروتوكول باريس الاقتصادي الموقع بينهما سنة 1994، وتشكل حصيلتها النقدية حوالي 70% من الإيرادات الكلية للسلطة.
ويبقى المصدر الأخير هو المساعدات المالية الخارجية التي تعتمد عليها السلطة اعتمادا كليا لتمويل العجز في موازنتها العامة.
وفي حالة تأخر وصول المساعدات، أو انخفاض قيمتها عن المستوى المطلوب، تلجأ السلطة إلى الاستدانة من البنوك المحلية، وتُأجّل دفع ما عليها من مستحقات مالية للقطاع الخاص المحلي ولصندوق التقاعد والمعاشات الحكومي.
ومن جهته أرجع المختص في الشأن الاقتصادي والمالي البروفيسور أنور أبو الرب كثرة ديون السلطة من القطاع الخاص إلى سوء الادارة والتنظيم.
وذكر أبو الرب أن تعويل "رام الله" باستمرار على الدول المانحة، جعلها تقترض من المؤسسات والبنوك دون الاكتراث لآلية السداد.
وأكد أن عجز السلطة عن سداد ديوانها سيؤدي إلى ارتفاع أسعار الخدمات التي تُقدّمها تلك الشركات للمستهلك.
الاحتلال يتجاهل!
وفي سياق متصل، كشف رئيس مجلس الأمن القومي (الإسرائيلي) يوسي كوهين، أن تجاهل الاحتلال لديون السلطة المتفاقمة لشركة الكهرباء (الإسرائيلية) مردّه خوفها من انهيار السلطة اقتصاديا.
وأوضح كوهين في تصريح سابق، أن إمكانية انهيار السلطة اقتصاديا تثير قلقا كبيرا في (إسرائيل) لذلك تسعى وزارة المالية بمساعدة مكتب تنسيق العمليات في المناطق الفلسطينية إلى التوصل إلى حل توافقي مع السلطة لتدفع ديْنها بدلًا من فرض عقوبات من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها خزينة السلطة.
وأوضح كوهين أن الديون المتراكمة للسلطة بلغت 1.5 مليار شيكل لشركة الكهرباء (الإسرائيلية) وإن الدين يتفاقم شهريا، حيث يزداد بـ 50 مليون شيكل.