كثرت المطالبات الفلسطينية والدولية بمحاسبة (إسرائيل)، وازدادت الدعوات إلى تجريم أفعال قادتها بحق الفلسطينيين تارة وإلى تصنيف جرائمها ضمن ما يسمى بـ"جرائم حرب" تارة أخرى، ولكن عند التنفيذ لا يوجد ما هو ملموس على أرض الواقع.
وآخر تلك الدعوات ما تقدمت به مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الأطفال في الصراعات المسلحة ليلى زروقي، توصية بوضع الجيش الإسرائيلي في القائمة السوداء للدول والمنظمات المتهمة بالمس التسلسلي بالأطفال، إلى جانب تنظيمات "القاعدة" وبوكو حرام" و"داعش" و"طالبان".
ومن المفترض أن تنشر القائمة في وقت قريب كملحق للتقرير الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، بشأن الأطفال في النزاعات المسلحة.
وقال موقع صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، إنه في أعقاب ضغوط إسرائيلية شديدة، وتحذيرات من أنه سيكون لذلك إسقاطات بعيدة المدى على علاقة (إسرائيل) بالأمم المتحدة، فإن بان كي مون يميل إلى عدم شمل الجيش الإسرائيلي في القائمة. وفي المقابل، تمارس ضغوط شديدة على الأمم المتحدة من جانب الفلسطينيين ومنظمات حقوق الإنسان، ويحثون الأمين العام على عدم الرضوخ للضغوطات الإسرائيلية.
ونقل الموقع عن مسؤولة في الأمم المتحدة قولها، في رسالة إلى بان كي مون، إن مندوبين إسرائيليين وجهوا لها تهديدات لإخراج الجيش الإسرائيلي من القائمة، فيما ذكرت على لسان مسؤولين إسرائيليين قولهم إن الجيش الإسرائيلي لا يزال خارج القائمة، ولكن (إسرائيل) لن تطمئن إلا في اللحظة الأخيرة، حيث يفترض أن يتخذ الأمين العام قراره بشأن ذلك في الأيام القريبة.
وتضمنت التوصية انتقادات حادة لتعامل (إسرائيل) مع الأطفال، والإشارة إلى أنه خلال العدوان الأخير على غزة، في الصيف الماضي، استشهد أكثر من 500 طفل، وأصيب أكثر من 3300 طفل فلسطيني.
وأشارت الصحيفة إلى أن المخاوف المركزية لـ(إسرائيل) هي من الملحق، الذي يضم القائمة السوداء للدول والمنظمات، الأمر الذي قد يشكل مدخلا لمطلب فرض عقوبات على (إسرائيل).
ونقل عن مسؤول في الخارجية الإسرائيلية قوله إن الجهود الإسرائيلية تتواصل لإقناع الأمين العام للأمم المتحدة بعدم شمل الجيش في القائمة السوداء. يشار إلى أن نتنياهو كان قد طرح هذه القضية، في لقائه الأسبوع الماضي مع السناتور الجمهوري ليندزي غراهام، الذي يزور (إسرائيل)، وينوي الإعلان عن ترشحه للرئاسة الأميركية.
وحذر غراهام الأمم المتحدة من "مغبة الدخول في صراع مع الكونغرس الأميركي، ووقف التمويل الأميركي الذي يشكل ربع ميزانية الأمم المتحدة".
ترحيب فلسطيني
الدعوة المتعلقة بإدراج الجيش الإسرائيلي في القائمة السوداء لاقت ترحيبا فلسطينيا كبيرا على أمل أن يتم تنفيذها ولا تكون مجرد شعارات، وأشاد رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني بالإنابة أحمد بحر بالتوصية الصادرة عن زروقي، بسبب تعمد الاحتلال إلحاق الضرر بالأطفال الفلسطينيين في عدوانه الأخير على غزة.
وأكد بحر في بيان وصل أن التوصية الصادرة تنسجم مع قواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، وتتوافق مع القيم الإنسانية والمبادئ الأخلاقية التي يفترض أن تحكم السلوك الدولي تجاه القضية الفلسطينية والجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.
ولفت إلى أن الجهد الخاص بالأمم المتحدة ومجلس الأمن ومختلف المنظمات والمؤسسات الدولية يجب أن ينصب على شمل كيان الاحتلال، حكومةً وجيشًا ومؤسسات أمنية، داعيا في الوقت ذاته، الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى عدم الاستجابة للضغوط الإسرائيلية الشديدة الرامية إلى تجنيب الجيش القائمة السوداء، والدفع باتجاه تطبيق القرارات كافة الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن، التي تدين جرائم الاحتلال وسياساته العنصرية على الأرض الفلسطينية.
"لن تنفذ الدعوة"
السير في هذه الخطوة للأمام يتطلب جهودا كبيرة وربما لا تتحقق هذه الدعوة للضغوط الكبيرة التي تمارسها (إسرائيل) على الأمم المتحدة، هذا ما ذهب إليه الدكتور وليد المدلل المختص في الشأن الإسرائيلي والأمريكي، معتبرا أن الأمر يمكن أن يترتب عليه التزام من الأمم المتحدة للتنفيذ.
ويقول المدلل في حديثه هناك بعض التقارير تكون محايدة وممكن أن يكون لها أثر اعلامي كبير لكنها لا تطبق على أرض الواقع. مضيفا "إذا وضعت التقارير موضع الفعل واضح ان قدرتها على انشاء حقائق جديدة ضعيفة جدا".
ووفق المدلل، فإن طرح الموضوع ممكن أن يحدث الكثير ممن الضرر لإسرائيل، لكن في ظل الضغط الممارس من (إسرائيل) والكثير من الدول الداعمة لها على الأمم المتحدة سيمنع حدوث ذلك.