أعلن رئيس وحدة الدراسات والتوثيق، في هيئة شؤون الأسرى والمحررين، وعضو اللجنة المكلفة بإدارة شؤونها في قطاع غزة، عبد الناصر فروانة، اليوم الجمعة، عن أن الاحتلال "الاسرائيلي" قد اعتقل منذ حزيران/يونيو عام 1967 وحتى يومنا هذا نحو (850) ألف مواطن فلسطيني.
وأشار فروانة إلى أنّ المعتقلين يشكلون أكثر من (20%) من مجموع المواطنين الفلسطينيين المقيمين في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتُعتبر نسبة الاعتقالات هذه هي الأكبر في العالم.
وأعرب فروانة في تقرير إحصائي له عن بالغ قلقه من خطورة الأرقام وفظاعتها، واستمرار الاعتقالات التعسفية اليومية وما يصاحبها ويرافقها من انتهاكات جسيمة وفظة، وتأثيراتها الآنية والمستقبلية على الفرد والأسرة. إذ أصبحت الوسيلة الأكثر قمعاً وخرابا للمجتمع الفلسطيني.
وجاء ذلك في التقرير الذي صدر لمناسبة الذكرى الـ48 لهزيمة عام 1967 النكسة"، وما نتج عنها من احتلال اسرائيل لباقي الأراضي الفلسطينية وبعض الأجزاء من أراضي عربية.
وقال "لقد غالت اسرائيل في انتهاجها لسياسة الاعتقال منذ احتلالها لباقي الأراضي الفلسطينية في يونيو/حزيران عام 1967، وشكلت تلك الاعتقالات جزءاً أساسياً من سياستها في تعاملها مع الفلسطينيين، وأضحت ظاهرة يومية مقلقة، وتؤرق الكل الفلسطيني، حيث لا يكاد يمر يوم واحد إلا ويسجل فيه أكثر من (10) حالات اعتقال".
وأضاف أن "الاحتلال لا يراعي فرقاً، في يوم من الأيام، بين الرجال والنساء، أو بين راشد وقاصر، وبين معافى أو مريض، وإنما طالت جميع فئات وشرائح الشعب الفلسطيني، ذكوراً وإناثاً، أطفالاً ورجالاً، شبانا وشيبة، فتيات وأمهات وزوجات، مرضى ومعاقين وعمال وأكاديميين ورياضيين، وقيادات سياسية ونقابية ومهنية وطلبة جامعات ومدارس وادباء وكتاب وفنانين. بالإضافة الى نواب في المجلس التشريعي ووزراء سابقين.
وأوضح أنّ الأخطر يكمن بوجود هذا التلازم المقيت والقاسي، بين الاعتقالات والتعذيب، بحيث يمكن القول بأن جميع من مروا بتجربة الاعتقال، من الفلسطينيين، قد تعرضوا - على الأقل - إلى واحد من أحد أشكال التعذيب النفسي أو الجسدي.
ونوّه إلى أن ذلك يعني أن (100%) ممن اعتقلوا تعرضوا لشكل أو أكثر من أشكال وصنوف التعذيب الجسدي والنفسي والإيذاء المعنوي والمعاملة اللاإنسانية والمهينة بالكرامة، واحتجزوا جميعا في أماكن لا تليق بالحياة الآدمية.
وأكد فروانة أن مجمل تلك الاعتقالات، وما يصاحبها ويرافقها ويتبعها من إجراءات وتعذيب وسوء ظروف التوقيف والاحتجاز، وطبيعة السجون والمعتقلات وأماكن تواجدها، تشكل انتهاكا جسيما لقواعد القانون الدولي وتتنافى وبشكل فاضح مع أبسط القوانين والمواثيق والاتفاقيات الدولية.
وأوضح التقرير أن حجم الاعتقالات وفظاعتها وتبعاتها جعلت من مفردات (الاعتقال والسجن والأسر) من أبجديات الحياة الفلسطينية، وجعل الذاكرة الفلسطينية تفرد لها مساحات واسعة، خاصة وأن كل العائلات والأسر الفلسطينية قد ذاقت مرارة الاعتقال والسجن، ولم تعد هناك عائلة فلسطينية واحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، إلا وقـد ذاق أفرادها مرارة الاعتقال.
وأردف: "وفي حالات كثيرة تعرضت العائلة بكامل أفرادها، ذكورا وإناثاً، للاعتقال، فيما هناك الآلاف من الفلسطينيين قد تعرضوا للاعتقال لأكثر من مرة، بل وأن بعضهم اعتقل لما يزيد عن عشرة مرات".
وبيّن التقرير أن (206) أسيرا قد استشهدوا بعد الاعتقال منذ العام 1967، ومن هؤلاء الشهداء (71 معتقلاً) استشهدوا نتيجة التعذيب، و(54 معتقلاً) نتيجة الإهمال الطبي، و(74 معتقلاً) نتيجة القتل العمد والتصفية المباشرة بعد الاعتقال، و(7) أسرى استشهدوا نتيجة إطلاق النار المباشر عليهم من الجنود والحراس وهم داخل السجون.
واستطرد أنّ " عشرات آخرين استشهدوا بعد خروجهم بفترات وجيزة نتيجة امراض ورثوها من السجون أمثال هايل أبو زيد، مراد أبو ساكوت، فايز زيدات، اشرف أبو ذريع وزكريا عيسى وسيطان الولي وزهير لبادة وحسن الترابي وجعفر عوض وغيرهم".
وذكر أن سلطات الاحتلال تتعمد اطلاق سراح بعض الأسرى بعد تدهور حالتهم الصحية لدرجة ميؤوس منها، ليتوفوا خارج السجون في محاولة منها للتنصل من مسؤولياتها. كما حصل مؤخرا مع الشهيد الأسير المحرر 'جعفر عوض' من بلدة بيت أمر في الخليل.
وأفاد تقرير هيئة شؤون الأسرى والمحررين أن الاحتلال "الإسرائيلي" لا يزال يعتقل في سجونه ومعتقلاته أكثر من (6000) أسير فلسطيني، موزعين على نحو (22) سجنا ومعتقلا ومركز توقيف، بينهم قرابة (200) طفل، و(25) اسيرة أقدمهن الأسيرة لينا الجربوني المعتقلة منذ نيسان/ابريل 2002.
ولفت إلى أن (480) معتقلا اداريا دون تهمة أو محاكمة في سجون الاحتلال، منهم المعتقل خضر عدنان المضرب عن الطعام منذ 32 يوما، و(12) نائبا في المجلس التشريعي الفلسطيني، وما يزيد عن (1600) أسير يعانون من أمراض مختلفة، و(30) اسيرا معتقلين منذ ما قبل اتفاقية أوسلو، واقدمهم الأسيران كريم وماهر يونس المعتقلان منذ كانون الثاني/يناير عام 1983.