قائمة الموقع

الإرهاب بين "كتائب القسام" ولواء "شاكيد"

2015-06-08T08:12:53+03:00
التقاط
د. صالح النعامي

إن كان ثمة من يبحث عن دليل إضافي على مدى استخفاف أنظمة الاستبداد بالدم العربي وتفريطها فيه، فأنه يجد هذا الدليل في الشهادات الجديدة والمروعة التي قدمها الصهاينة حول الجرائم التي ارتكبها جيشهم ضد أسرى الحرب والمدنيين المصريين خلال حرب 67، والتي وثقها فيلم المخرجة الصهيونية مور ليشي.

المفارقة أن الكشف عن هذه الجرائم يأتي في ظل التقارير الصهيونية التي تؤكد أن العلاقة بين مصر والكيان الصهيوني هي الآن في "أزهي عصورها" على الإطلاق، حيث استحال التنسيق الأمني بين الجانبين إلى شراكة استراتيجية بكل ما تعني الكلمة.

وقبل الخوض في الشهادات التي تضمنها الفيلم، فإنه يتوجب التأكيد على أنه من ناحية قانونية، فإن هذه الجرائم لا تسقط بالتقادم، بل إن أنظمة الحكم التي تشعر بـأدنى درجات الالتزام تجاه مواطنيها تجعل من هذه الجرائم خلفية سياسية وقانونية وأخلاقية لعلاقاتها مع الدول المسؤولة عن هذه الجرائم.

ويكتسب الجدل حول هذ الجرائم أهمية خاصة سيما في ظل شيطنة حركات المقاومة الفلسطينية، من قبل نظام الحكم الحالي في القاهرة، بعد أن اعتبر "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة حماس "تنظيماً إرهابياً"، مع العلم إنه لم يثبت أن قتل مواطن مصري واحد على أيدي "الكتائب".

اللافت أن الشهادات التي قدمها الضباط والجنود الصهاينة والتي تضمنت اعترافات موثقة وتفصيلية حول كيفية تنفيذ الجرائم ضد الأسرى المصريين، تأتي في ظل اشتداد الحملة التي تشنها حركة المقاطعة الدولية "BDS"، ضد الكيان الصهيوني مما يزيد من فرص تعاظم تأثير هذه الشهادات على الساحة الدولية.

إن هناك أهمية قصوى لترويج هذه الشهادات وترجمة كل المواد التوثيقية، سيما الصادرة عن الصهاينة أنفسهم، والتي تجعل من المستحيل على نخب الحكم في تل أبيب إنكار مسؤولية الكيان عن هذه الجرائم. ويجب أن يوضح للرأي العام العالمي أن من أمر بتنفيذ هذه الجرائم قد تولوا مقاليد الأمور في الكيان الصهيوني.

فعلى سبيل المثال، ينقل فيلم المخرجة ليشي عن أحد الجنود قوله إن قادة الوحدات التي شاركت في الحرب كانوا يأمرون بقتل معظم الأسرى المصريين الذين يتم القاء القبض عليهم في حين يأمرون بإجبار من تبقى من أسرى أحياء بحفر قبر جماعي لهم وقذف الجثث فيه، وبعد ذلك يتم الإجهاز على الأحياء من الأسرى. ويذكر أن رئيس هيئة أركان الجيش الصهيوني خلال الحرب هو إسحاق رابين، وهو المسؤول عن إدارة الجهد الحربي خلال الحرب، وبالتالي يتحمل مسؤولية مباشرة عن كل ما تم من جرائم.

إن هناك أهمية قصوى لترويج اعترافات الصهاينة أنفسهم، والتي تجعل من المستحيل على نخب الحكم في تل أبيب إنكار مسؤولية الكيان عن هذه الجرائم، ويجب أن يوضح للرأي العام العالمي أن من أمر بتنفيذ هذه الجرائم قد تولوا مقاليد الأمور في الكيان الصهيوني

ولا حاجة للتذكير بأن رابين أصبح فيما رئيساً للوزراء وحصل على جائزة نوبل للسلام بعد التوقيع على اتفاقية "أوسلو". وقد كشف ضابط كان يخدم في لواء المظليين، أن رفائيل إيتان، الذي كان يقود اللواء أثناء الحرب، أمر جنوده بقتل جميع الرجال في إحدى القرى البدوية في صحراء سيناء من أجل زرع الرعب في قلوب السكان ولتعزيز معنويات الجنود والضباط. وقد أصبح إيتان رئيساً لهيئة الأركان ووزيراً في حكومات (إسرائيل).

وقد زار إيتان مرات ومرات القاهرة كوزير وسمح له بمناقشة الكثير من القضايا مع نظرائه المصريين. وقد كانت أفظع جرائم الحرب التي ارتكبت ضد الأسرى المصريين قد قام بها لواء "شاكيد"، الذي كان يقوده بنيامين بن اليعازر، الذي أصبح فيما بعد وزيراً للحرب.

وشهد عدد من ضباط وجنود اللواء أن بن اليعازر كان يأمر بقتل الأسرى المصريين بحجة أنه لا يوجد حافلات لنقلهم إلى خارج ساحات القتال. ولا حاجة للتذكير بأن بن اليعازر أصبح فيما بعد أقرب المقربين إلى قلب الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، حيث أنه وصف مبارك بأنه "كنز استراتيجي لـ(إسرائيل)" بسبب عظم الخدمات التي كان يقدمها للكيان الصهيوني.

إن فتح ملفات الجرائم التي ارتكبت ضد الأسرى المصريين في حرب 67، يجب أن تقود إل فتح ملف الجرائم والمجازر التي ارتكبت عشية وأثناء حرب 1948. يجب أن تتم محاسبة الصهاينة على تنفيذ ما يعرف بـالخطة "دالت"، وهي الخطة التي وضعها يغآل يادين وقامت على تهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم عبر ارتكاب مجازر وحشية. إن هناك آلاف الشهادات الموثقة التي أدلى بها الصهاينة وزخرت بها وثائق الخارجية البريطانية، ناهيك عما كشفه باحثون أجانب وعرب وفلسطينيون حول ماهية هذه الجرائم وفظاعتها.

ويمكن الإشارة إلى ما اعترف به الشاعر الصهيوني حاييم غوري الذي كان ضابطاً "البلماخ"، الوحدة الخاصة التابعة لـ "الهاغناه"، الذي قال في ندوة نظمت مؤخراً في جامعة "بن غوريون" في النقب، أنه عند احتلال مدينة بئر السبع هاجم الجنود أحد المساجد في المدينة بعد أن لجأ إليه عجائز ونساء وأطفال، حيث شاهد زملاءه الجنود يقتلون جميع من لجأ للمسجد.

إن الاعترافات الصهيونية بهذه الجرائم وعلى هذا النطاق تلزم بتحرك جدي ضد الكيان الصهيوني لمحاسبته بأثر رجعي عليها. يجب التذكير بالأسس التي قام عليها هذا الكيان.

اخبار ذات صلة