قرب معبر رفح البري وقف المهندس أحمد جواد في انتظار أن يحن عليه شقيقه المصري بالعبور من بين فكي البوابة السوداء، كي يتمكن من الوصول لعمله في ألمانيا، لا يفصل بينهما إلا أمتار معدودة ومدرعات عسكرية.
آلاف المسافرين تجمعوا في صالات الانتظار وعلى البوابات الخارجية للمعبر، ينتظرون إشارة الدخول للشقيقة مصر، إلا أن الأمل يتضاءل مع بطء العمل إذ لا يسمح الجانب المصري بالسفر إلا لـ600 مواطن.
ويقول أحمد في حديثه لـ: "صار لي 4 شهور محجوز بغزة، إجازتي من العمل تنتهي بداية الشهر المقبل، إن لم أسافر خلال هذه المرة، سيضيع عملي".
ولم يخف محاولته دفع مبلغ مالي لأحد العاملين في الجانب المصري لتسهيل سفره، عبر أحد الوسطاء، إلا أن ارتفاع المبلغ المطلوب أجبره على الرفض؛ لعدم توافره.
أما المسنة غيداء عودة المصابة بآلام في ظهرها منذ سنوات، فقد سبقت دموعها الحروف التي نطقتها خلال حديثها لـ"الرسالة": "أنا مريضة وما في إلي علاج بغزة، وين نروح يا عالم، حسبي الله ونعم الوكيل على المحاصرين إلنا".
الحالة الصحية للمسنة عودة تتفاقم يوما بعد يوم، بعد أن حصلت على تحويلة طبية منذ 6 شهور، فيما لم تتمكن من مغادرة غزة، في ظل استمرار إغلاق معبر رفح، تجلس على بوابة المعبر يحدوها الأمل أن يسمح لها بالسفر.
وطالبت المسنة عودة السلطات المصرية بفتح المعبر بشكل دائم، كما وجهت الانتقاد للرئيس محمود عباس ورئيس حكومته رامي الحمد الله بقولها: "وين عباس من معاناتنا، يجي يشوفنا هو والحمد الله".
وتتحجج السلطات المصرية في إغلاقها للمعبر؛ بصعوبة الأوضاع الأمنية في محافظة شمال سيناء، حجة فندت "الرسالة" مصداقيتها في تقرير سابق أشار إلى إمكانية عمل المعبر، رغم العمليات العسكرية بسيناء.
ويظهر من تعمد السلطات المصرية إغلاق المعبر، أن مرّد ذلك سياسي بحت، يهدف لزيادة الحصار على أهل غزة، برغم صعوبة الأوضاع الانسانية والصحية لديهم منذ 8 سنوات على التوالي.
وفي رسالة للمقاومة الفلسطينية، قال أبو محمد -اسم مستعار: "بكفي إذلال إلنا من جميع الأطراف، يجب فتح ميناء ومطار خاص فينا، حتى يسافروا مرضانا وطلابنا بدون منّة من أحد".
وعللّ أبو محمد حديثه بأن السلطات المصرية أرجعته بعد وصوله الصالة المصرية من المعبر، بدون ذكر أسباب، فيما كان متجها للعلاج في الشقيقة مصر، مضيفا: " أنا ذاهب لمصر كي اتعالج، لا أكثر ولا أقل، ما بعرف لماذا المنع !؟".
وبلغ عدد المحتاجين للسفر 15000 مواطن على الأقل وفق كشوفات المسجلين لدى وزارة الداخلية الفلسطينية، في مجملهم من فئات المرضى وأصحاب الإقامات في الخارج والطلاب.
وقال ماهر أبو صبحة مدير دائرة المعابر بغزة إن دائرته عملت على تنظيم السفر عبر الالتزام بكشوفات المحتاجين للسفر الموجودة لديهم مسبقا؛ حرصا على سفر الأكثر احتياجا.
وأضاف: "لقصر مدة عمل المعبر، نسعى لتسهيل سفر أكثر المواطنين حاجةً للسفر من المرضى واصحاب الاقامات بالخارج والطلاب"، مشيرا إلى أن سفر كل المحتاجين للسفر يتطلب فتح المعبر لمدة أطول بكثير من 3 أيام.
وناشد أبو صبحة السلطات المصرية بضرورة فتح المعبر بشكل دائم؛ للتخفيف من معاناة أهل غزة المتفاقمة خلال الفترة الحالية، مطالبا القيادة الفلسطينية بالتواصل مع الجهات المعنية لاستمرار عمل المعبر.
ومن المقرر أن تغلق السلطات المصرية معبر رفح مجددا مساء الاثنين، بعد عمله لمدة 3 أيام فقط، فيما لم يتمكن العدد الأكبر من المواطنين المحتاجين للسفر من مغادرة غزة.
وتغلق السلطات المصرية المعبر منذ عدة شهور؛ بحجة الأعمال العسكرية في سيناء، فيما لم تفتحه بشكل منتظم منذ عزل الرئيس محمد مرسي صيف عام 2013.