مع دخول ثاني شهر رمضان له وهو في الأسر يجلس الجندي شاؤول أرون في غرفته المظلمة ذهاباً واياباً، ينظر يمنةً ويسرة يدون ما يخطر بباله من ذكريات الحرب ويستذكر أول يوم له في يد المقاومة والتي بدأت كالتالي :
بعدما حمل سلاحه، وجهّز عتاده متجها برفقة وحدته المقاتلة في لواء (جفعاتي) اتجاه حدود قطاع غزة، حيث أعد نفسه لعملية برية أقرها جيش الاحتلال لا تتعدى يومين -وفق ما أخبرته قيادته- ومن ثم يعود ليقضي إجازته مع صديقته بعدما يرجع "منتصرا" من غزة.
في غمرة توغل الوحدة التي تضم آرون إلى شرق غزة، دوّت انفجارات في محيط المدرعة التي يحتمي بداخلها، وساد جو من الهرج، وارتفع الصراخ في محيط مدرعته، وبدأ المجند ذو الحادي والعشرين عاما يحاول استيعاب ما يدور في الخارج.
وفي لحظة مفاجِئة، ومع اشتداد المعركة تعطلت المدرعة، فخرج شاؤول منها فاصطدم بملثمين انهالوا عليه بالصراخ، وسحبوه بسرعة، حينها علم أنه وقع في نفس الفخ الذي سبقه إليه صديقه جلعاد شاليط.
في ثوانٍ معدودة، اسودت الرؤية أمام شاؤول، وطارت ذاكرته إلى مذكرات صديقه شاليط، التي نشرها بعد اطلاق سراحه. وقتها، اندفع مسرعا برفقة الملثمين، وساعدهم بإزالة السلك الشائك الذي اعترض حركتهم، محاولا الهروب من القذائف والنيران التي اشتعلت بالمنطقة، ثم انقاد إلى الطريق الذي رسموه له.
مرّ بعض الوقت على شاؤول وهو معصب العينين. ،ليجد نفسه في مكان ساده الهدوء نسبيا، وما إن أزال آسروه العصبة عن عينيه حتى ألقى بنفسه في زاوية الحُجرة، ولفّ يديه على قدميه، وحاول تدارك ما وصل إليه.
لم يفهم المجنّد الأسير اللغة التي يتحدث بها آسروه، وأخذ ينفض الغبار المتراكم على بزّته العسكرية، وتفقد نفسه إن كان أصيب بجراح.
حينها استفاق شاؤول من صدمته، وتيقّن أنه بات بقبضة كتائب القسام، وأن رجوعه إلى ذويه لن يكون في الوقت القريب.
ما إن مضت الساعات الأولى على أسر شاؤول حتى سَمِعَ أصوات القذائف والصواريخ المنهالة من زملائه المجنّدين على المنطقة المحيطة، لكنها تلك المرة الأولى التي يسمع بها وقْع الانفجارات دون أن تدوي صافرات الإنذار، التي كانت تمنحه فرصة للهرب، عندما كان متواجدا داخل الأراضي المحتلة.
انعزل المجند عن آسريه، وفضّل عدم الحديث معهم، وقبل أن تنقضي أربع وعشرين ساعة من أسره، تناول شاؤول وجبته الأولى برفقة آسريه، يُعتقد أنها شملت الشوربة والحمص حين رُفع صوت آذان المغرب، ودخل موعد الإفطار.
ما يقرُب من ثلاث ساعات فصلت بين آذان المغرب، وسماع شاؤول أصوات التكبيرات التي تصدح في المنطقة، ليبلغه الملثمون الملتفين حوله، أن تلك الأصوات التي صدحت بها جماهير غزة، هي ابتهاجا بإعلان كتائب القسام عن أسره.
في الليلة الأولى التي قضاها المجند في الأسر، استبدل بزته العسكرية بملابس مدنية، وتناول الدواء الذي منحه اياه آسروه، وبعدما أرهقه الانتظار غطَّ في نوم عميق لم يخْلُ من الكوابيس التي ترسم سيناريو مصيره في حال لم يبادر قادته مسرعين للبحث عن وسيط يلبي شروط المقاومة من أجل إخلاء سبيله.
وهكذا مضى عام كامل على أرون ليخبره أحد آسريه بأنه اقترب عام على ذكرى أسره وأنه وقع بيد القسام في رمضان الماضي ، وأنه لن يخرج من هذا المكان إلا بعد تحقيق شروط المقاومة الفلسطينية كاملةً.
حينها نظر شاؤول لذلك الملثم الذي يحرسه وقال له باللغة العبرية، وهل نتنياهو تحرك لأجلي، ماذا قال ليبرمان ماذا قال كبير الحاخامات في الجيش عني .. تبسم الملثم وبدت تقاسيم وجهه الضاحكة وقال: كلهم زعموا أنك ميت ولم يتحدثوا عنك إلا قليلاً..
الصدمة تملكت شاؤول وجحظت عيناه من هول ما سمع، ورد بشكل مسرع وأين والدي ووالدتي وأصدقائي هل صدقوهم، رد رجل القسام قال له أطمئنك : لم يصدقوا كلامهم وحتى قادة الجيش ونتنياهو قناعاتهم مختلفة عما صرحوا به.
ملاحظة // هذا السيناريو لرسم الصورة المتوقعة لحال الجندي شاؤول أرون وليس بالضرورة أن تكون التفاصيل دقيقة.
موقع المجد الأمني