قائد الطوفان قائد الطوفان

عباس وفياض.. صراع القطط وسياسة تقليم الأظافر

خلال لقاء سابق بين عباس وفياض
خلال لقاء سابق بين عباس وفياض

الرسالة نت- محمود هنية

لوقت قريب مثّل ساعدًا أيمن له واحتل موقعًا مرموقًا بين رجاله، وكان "الشيف" الماهر المقرب منه في مطبخ السياسة منذ عهد الراحل ياسر عرفات وحتى سنوات قريبة، قبل أن يطيح به في ليلة وضحاها، مثيرًا باب التكهنات حول حقيقة الصراع في أروقة السلطة وما سمي وقتها بصراع "القطط" على النفوذ!

لم يعد سلام فياض الرجل المدلل أمام رئيس السلطة محمود عباس يحظى بذات المكانة، خاصة في ظل توليه لرئاسة الوزراء مرتين في عهد الرجل، وأصبح التوتر واضحًا أمام أعين المراقبين، لدرجة عبّرت فيها أوساط فتحاوية عن خشيتها من أن يكون هو البديل المعدّ لأبو مازن رئيسًا مقترحًا للسلطة، وشكّلت عقدة "البديل" مبعث مخاوف للرئيس جعلته يفكر في التخلص منه بشكل جاد.

ولم يتخيل فياض صاحب نظرية اغلاق المؤسسات واعتقال أصحابها أن يذوق يومًا من ذات الكأس، وأن يصبح متهمًا وملاحقًا بل ومصادرة أملاك جمعياته كما فعلت الأجهزة الأمنية بمصادرة أجهزة وممتلكات جمعية "فلسطين الغد" التابعة له قبل أيام قليلة.

السلطة بررت على لسان المتحدث باسم أجهزتها الأمنية عدنان الضميري، اغلاق الجمعية لتوظيفها "المال السياسي"، دون أن يتحدث عن الجهة التي يقصدها، وهي بكل تأكيد لن تكون حركة حماس التي ناصبها الرجل العداء. فيما فضّلت مصادر مقربة من فياض عدم التعليق على ما جرى، مكتفية بالقول انها ستلجأ للقضاء كي يبت بهذه القضية.

وبمعزل عن دوافع الحادثة، إلّا أنها برأي المراقبين، أفصحت وبشكل جلي عن فصل جديد من فصول الصراع السياسي المحتدم داخل أروقة السلطة، في وقت يدور فيه النقاش عن تعيين نائب لعباس، وما نجم من خلافات واضحة عن الصراع على المنصب.

وبدأ رئيس السلطة بتقليم اضافر معارضيه وخصومه الأقوياء، بدءًا باستبعاد المقربين السابقين من عرفات، ومن ثم زادت وتيرتها بالخصومة مع رجل فتح القوي في غزة محمد دحلان، وتبعه استبعاد دور قيادات من اللجنة المركزية لحركة فتح، مثلما حصل مع توفيق الطيراوي رجل المخابرات الأول في السلطة، واستبعاد عدد من قيادات فتحاوية أخرى شعر عباس بخطورتها على مساره.

وثمة ما يحاك من طبخة ليحل ماجد فرج رئيس جهاز المخابرات الحالي في موقع الرئيس يومًا، في ضوء ما تحاكيه أضواء الاعلام "الفتحاوي"، في محاولة لتلميع نجمه بين أوساط الساسة المعروفين في فتح.

ولم تخف مصادر في حركة فتح وجود خلافات حقيقية طرأت بعد انعقاد اجتماع المجلس الثوري الأخير في رام الله، عندما احتدم النقاش الحاد بين أعضائه حول حقيقة البحث عن نائب لعباس، وسط تساؤل كبير من هو الشخص المقبول حاليًا لخلافة "أبو مازن"؟ وكيف ستقبل به الخصوم القوية التي استبعدت من المشهد؟

من جانبه، أكدّ الدكتور امين صالح المحلل السياسي من عمّان، أن ما يجري هو بداية لمسلسل البحث عن خليفة لعباس، وهي جزء من حالة تصفية الحسابات التي يقوم بها رئيس السلطة بحق اشخاص يتوجس من دورهم في الإطاحة به.

وقال امين لـ"الرسالة نت"، إن عباس يشعر بعقدة عرفات وما حدث معه إبان مشاركته في الإطاحة به سياسيًا، فلذا يحرص الا تبقى قوة تنازعه الموقف في الشارع الفتحاوي تحديدًا أو من يمكن للمجتمع الدولي تسويقه ليقوم بدوره، حتى بما في ذلك ماجد فرج الذي بدأ عباس بإبعاده تدريجيًا عن الأضواء.

وأشار إلى وجود أصوات داخل فتح تنادي بضرورة البحث عن نائب لعباس لا يتعدى دوره "التيس المستعار"، بحيث يكون أداة طيعة في يد الرئيس ولا يشعر بخطورة دوره، كحاله مع رئيس وزرائه رامي الحمد الله.

بدوره، يرى المحلل السياسي عبد الستار قاسم أن ما يحدث نتيجة لوجود خلافات بالحركة، لكن الأهم في نظره أنه ناتج عن جعل حركة فتح رئيسها عباس امبراطورا وبالتالي اصبحت امامه فرصة ان يهيمن على من يريد، مشيرًا إلى أنه يتعامل مع حركته كدكتاتور هم من صنعوه والآن يدفعون الثمن، وفق تعبيره.

ويوافقه الرأي المحلل السياسي تيسير محيسن، الذي قال إن السلطة فعليًا بدأت تستخدم فلسفة الاستخدام الزمني للأشخاص والمؤسسات أي هي توظفهم لخدمتها، معتقدًا أن السلطة على استعداد لقمع المزيد من الأصوات؛ ليثبت الرئيس لخصومه انه قادر ويمتلك الامكانيات للقيام بدوره على اكمل وجه.

وقال محيسن، إن عباس استخدم أشخاصا فكبروا لذا اراد تقليم أظافرهم، وهذا ما حدث في فترة سابقة مع قيادات فتحاوية كانت محسوبة على الجناح العسكري للحركة وأخرى محسوبة على العمل السياسي مثل إبراهيم خريشة.

البث المباشر