شاعت الأنباء قبل أسابيع عن نية السلطة القيام بتعديلات وزارية على الحكومة بعيدا عن التشاور مع حركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية، الأمر الذي رفضته الأخيرة ودعت الى إشراك الجميع في القرار السياسي.
لكن اللافت في الأمر ما تسرب من جلسة اجتماع المجلس الثوري الأسبوع الماضي، التي قادها رئيس السلطة محمود عباس، وأعرب عن نيته فيها اجبار الحكومة على تقديم استقالتها وتكليف الحمد لله من جديد لتشكيلها ضاربا بعرض الحائط اتفاق الشاطئ والاجماع الوطني الفلسطيني.
وسواء صحّت الأنباء أم لا، فليس من الغريب على الرئيس اتخاذ خطوات احادية والقفز عن اتفاق المصالحة، لكن الغريب في الأمر هو تكرار دعواته لحركة حماس بعدم اتخاذها قرارات أُحادية والتوقيع على اتفاق التهدئة مع الاحتلال، رغم تفرده بالقرار السياسي على مدار الأعوام السابقة، وهنا يبرز جشع الرئيس في احتكاره للقرار السياسي.
خطوات عباس الأُحادية وإصراره على التصرف بمعزل عن الاجماع الوطني سيقود إلى تراجع النظام السياسي الفلسطيني، واستمراره بهذا النهج يدلل على غياب المؤسسية وغياب القيادة الديمقراطية وهو أمر مؤسف على مستوى ادارة الصراع السياسي، وفق ما يرى الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان.
وهنا يتفق المحلل السياسي فتحي صباح مع سابقه في أن التفرد بالقرار السياسي أصبح سمة النظام السياسي، الذي يتناقض مع العملية الديمقراطية ومبدأ القيادة الجماعية ويُخالف التوافق الوطني الفلسطيني.
ويُجمع المحللان على أن هذا التصرف من الرئيس ليس له أي أسباب مُقنعة أو مبررات واضحة، مؤكدين أن حل الأزمات السياسية يكون بإعادة توحيد النظام السياسي واتخاذ القرارات بالإجماع الوطني والفصائلي وليس بمعزل عن الشعب.
وبالرجوع إلى أبو رمضان فإنه يرى أن المدخل الوحيد يكمن في تفعيل الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير لتعزيز القيادة الجماعية وعدم استمرار الرئيس عباس باستخدام هياكل المنظمة القديمة كأدوات لشرخ العملية الديمقراطية وابقاء مبدأ التفرد والإقصاء.
ويلفت أبو رمضان خلال حديثه لـ"الرسالة" أن نهج الرئيس عباس يعزز عملية التباعد ويحجب التوافق ويوفر أجواء جديدة غير ايجابية قد تحد من العودة لمسار المصالحة الفلسطينية.
وفي هذا السياق، فإن المحلل السياسي حسن عبدو يرى أن الإقدام على أي خطوة أُحادية من الرئيس اتجاه ملف الحكومة سيزيد مساحة التباعد ويعمق الانقسام وهو تصرف منفرد لن ترضى به الفصائل الفلسطينية.
وأكد عبدو أن الرئيس ومعه المجموعة المتنفذة بالسلطة تحاول تغييب رأي الشعب الفلسطيني وفصائله من خلال اتخاذ خطوات بشكل منفرد وبعيدة عن الاجماع الوطني، وهو ما يتعارض مع مبدأ الديمقراطية في اتخاذ القرار، وفق قوله.