بالتزامن مع مرور عام على العدوان الإسرائيلي على غزة، يبدو واضحا على القيادة العسكرية الإسرائيلية أنها مازالت متلهفة لتوقيع اتفاق تهدئة طويل الأمد مع غزة، في ظل تخوفات هذه القيادة من تجدد جولة القتال مع المقاومة ليكثر الحديث عن اقتراحات من الاحتلال لتهدئة طويلة المدى.
القناة الإسرائيلية العاشرة ذكرت أن المستوى العسكري الأمني يقترح على المستوى السياسي استغلال الفرصة للتوصل لاتفاق تهدئة طويل المدى - يصل إلى عشر سنوات - مع حماس.
ثمن كبير
المؤكد أن مواقف المقاومة ومطالبها تدركها (إسرائيل) جيدا وتلخصت بوجوب وجود ضمانات تلزم الاحتلال بفك الحصار ووقف اعتداءاته، وأن تكون التهدئة طويلة المدى ضمن حالة توافق وطني تحول دون تفرد (إسرائيل) بالضفة الغربية أو تؤدي بأي شكل لفصل الضفة عن القطاع.
رسالة القيادة العسكرية برغبتها في تسهيل الحياة على المواطنين الغزيين، وترجمت ذلك بالحركة غير المسبوقة على معبر بيت حانون خلال الفترة الماضية، ما فسره مراقبون في الشأن الإسرائيلي أن الهدف من ذلك صد أي هجوم يأتي من غزة في ظل استمرار الحصار بالإضافة إلى مماطلة الأطراف في تنفيذ بنود التهدئة رغم مرور عام على الحرب.
القناعة الإسرائيلية وفقا لرؤية المختص في الشأن الإسرائيلي فراس جرار أن استمرار التهدئة وقدرة حماس على ضبط حالة الهدوء يستوجب تخفيف حالة الضغط والاحتقان قائلا: "بعض القيادات معنية بتخفيف وتنفيس الوضع الحالي في غزة خشية مواجهة جديدة، ومن الناحية العملية هناك تصريحات بالأفق تدلل على ذلك".
ويرى جرار أن القيادة السياسية داخل (اسرائيل) لا ترغب في تقديم ثمن كبير للمقاومة مقابل التهدئة وذلك من شأنه أن يجعلها مترددة في الاقتراب نحو اتفاق تهدئة شامل، مضيفا: "حماس تدرك جيدا أن الحديث عن تهدئة مع الاحتلال لا يلزمها بتقديم اي تنازلات سياسية له كإجبارها على الاعتراف بحق (اسرائيل) في الوجود أو الاعتراف بشروط الرباعية الدولية، ما يجعل تلك القيادة مترددة في الوصول لاتفاق شامل يجعل حماس منتصرة ".
اندلاع مواجهة
وقدم ضباط كبار في الجيش الإسرائيلي مؤخراً توصيات لوزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعالون بالنظر في إمكانية فتح المعابر مع قطاع غزة بشكل واسع والسماح بعبور آلاف الغزيين إلى الأردن والضفة الغربية.
ورغم ذلك استبعد مصدر في قيادة الجيش الإسرائيلي اندلاع مواجهة عسكرية مع حماس في الفترة القريبة، قائلا: "إن الفرصة مواتية للتوصل إلى وقف إطلاق نار طويل الأمد، وحماس غير معنية بمواجهة عسكرية جديدة في الوقت الراهن".
لذا خلصت قيادات أمنية إسرائيلية إلى أنه بالإمكان التوصل إلى "تهدئة طويلة الأمد" على طول الحدود مع غزة من خلال التسهيلات الاقتصادية الواسعة وإلغاء بعض القرارات بما يتعلق بنقل البضائع التجارية وتنقل السكان من وإلى القطاع.
المختص في الشأن الإسرائيلي أحمد سعيد يؤكد أن الخلاف الجاري بين القيادة العسكرية والسياسية داخل (اسرائيل) حول اتفاق التهدئة بغزة دليل واضح على أن الحكومة الحالية يمينية متطرفة وضعيفة، قائلا: "هذه الحكومة شكلت بصعوبة وبالتالي صعب أن تتجه لأي عملية واتفاق سياسي مع حماس لإدراكها عواقب ذلك".
أما عن القيادة العسكرية فأشار إلى أنها تدرك حجم المخاطر من خلال المواجهة الأخيرة والثمن الذي ستدفعه (إسرائيل)، مضيفا: "الاحتلال يدرك أن ما استخدمته المقاومة ليس كل امكانياتها وأن المعركة القادمة ستكون أكثر ضراوة ما يجعل تلك القيادة تضغط أكثر تجاه التوصل لاتفاق تهدئة يجنبها الدخول في حرب أخرى".
وبحسب سعيد فإن الساسة الإسرائيليين أيديهم ليست في النار ويسعون إلى ابتزاز المقاومة بغزة ما يجعلها ترفض اي اتفاق يعقد مع حماس، لكن ذلك الواقع وفقا لسعيد لن تقبل باستمراره القيادة العسكرية التي ستضغط أكثر على الحكومة لحين التوصل لاتفاق وحدوث انفراج كبير.