مقال: لماذا يكره العرب غزة؟

سمير الحجاوي
سمير الحجاوي

سمير الحجاوي

سجلت غزة اسمها في سجل الكبار في التاريخ، عندما تمكنت الصمود في وجه العدوان البربري الهمجي الإسرائيلي الصهيوني اليهودي، والذي استمر 51 يوماً، من القصف العنيف الذي أدى إلى استشهاد 2251 فلسطينياً، بينهم 299 من النساء، و551 طفلاً. وأدى هذا العدوان الثالث من نوعه خلال 6 أعوام إلى تدمير ثلث منازل قطاع غزة.

الهمجية الإرهابية الإسرائيلية الحاقدة، ليست جديدة، فالكيان الإسرائيلي وقادته وشعبه، لا يتقنون سوى القتل والإرهاب، وهي المهنة التي ورثوها عن أسلافهم بتعليمات من "رب الجنود" الذي أوصاهم "بقتل كلمة نسمة حية" كما جاء في أسفارهم الدموية، التي تفتقر للحد الأدنى من الإنسانية والأخلاق.

المصيبة الكبرى في العدوان الأخير على غزة هو مشاركة أطراف عربية بشكل مباشر أو غير مباشر ضد الشعب الفلسطيني، فمصر، ساهمت بإحكام الحصار على قطاع غزة من أجل تركيع الشعب الفلسطيني، ووأد بذرة المقاومة الفلسطينية والعربية، وأنظمة عربية أخرى اتهمت الفلسطينيين بـ "العدوان على إسرائيل"، وحرضت الاحتلال على استئصال حماس، أما سلطة رام الله بقيادة محمود عباس، فقد كشف ليبرمان أنه كان يعطل أي حل مع حماس، وأنه كان يرى في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للتخلص من المقاومة الفلسطينية. وحين سألت قائد حماس عن حقيقة الأموال العربية للكيان الصهيوني لتمويل الحرب ضد حماس أجاب بابتسامة وترك كشف ذلك للزمن. وهذا ما دفع البعض في قطاع غزة الى التساؤل: لماذا يكره العرب غزة؟؟

هذا التحالف "العربي- الإسرائيلي" ضد المقاومة الفلسطينية وحماس على وجه الخصوص، أشاد به رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، وتفاخر فرحاً أن أهم نتيجة للحرب على غزة هو بناء تحالف مع "الأنظمة العربية التي تؤيد اسرائيل" وعددت منها وزيرة خارجيته السابقة ووزيرة عدله 5 منها علناً.

على الرغم من هذا التحالف الآثم، فإن المقاومة الفلسطينية تمكنت من تفكيك الصلف الإسرائيلي، ولم تستطع الآلة الصهيونية اليهودية من تحقيق أي تقدم رغم فارق العدة والعتاد والعدد، بل تمكنت المقاومة من ضرب العدو الاسرائيلي من خلف خطوطه في عدد من العمليات الجريئة، مثل عملية كيبوتس صوفا، التي كانت أشبه بالعاب الكمبيوتر، وعملية زكيم البحرية، وقصف تل أبيب بالصواريخ، ولم يستطع هذا العدو أن يدمر الأنفاق، وأجبرته المقاومة الفلسطينية على وقف العدوان بعد أن شلت حركة الطيران وأوقفت الحياة في الأراضي المحتلة عام 1948.

نجحت حركة حماس والمقاومة الفلسطينية من خلق حد أدنى من "توازن الردع" مع الكيان الصهيوني، دفعت قادة هذا الكيان إلى الإقرار بأن هزيمة المقاومة الفلسطينية "مستحيلة"، وأنها خسرت حربها ضد حماس والجهاد والجبهة الشعبية وغيرها من فصائل المقاومة، واعترفت بعد عام من الصمت على وجود أسرى إسرائيليين بأيدي مقاتلي حماس، وباتت تبحث عن هدنة، خاصة بعد أن وصلت الجرائم الإسرائيلية إلى محكمة الجنايات الدولية.

لقد ارتكبت العدو الإسرائيلي جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وأباد 19 عائلة بأكملها، ودمر أحياء الشجاعية وخزاعة وأزالهما عن وجه الأرض، ونفذ عمليات قتل بدم بارد في البيوت، واتخذ من الفلسطينيين دروعاً بشرية.

لكن تبقى الجريمة الكبرى هي جريمة الحصار الذي يشدد الخناق على 1.9 مليون فلسطيني، ويمنعهم من ممارسة حياتهم، بمشاركة النظام المصري المدعوم بصمت عربي مريب، وهي جريمة مستمرة ومتواصلة.

وإذا استثنيا قطر، أميراً وحكومة وشعباً، التي اتخذت مواقف جدية وحقيقة وعملية لدعم الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، فإن رؤوس كل الأنظمة العربية الأخرى مكللة بالخزي والعار على إبقاء مليوني عربي فلسطيني مسلم تحت الحصار. وبالتالي فهم شركاء في الجريمة وعلى هذه الأنظمة العربية أن تجيب الشعب الفلسطيني المحاصر في القطاع: لماذا تكرهوننا؟.. لماذا تكرهون الفلسطينيين ولماذا تكرهون غزة وتحاصرونها وتحالفون عدوها؟

صحيفة الشرق القطرية

البث المباشر