رغم مرور عامٍ على العدوان (الإسرائيلي) الأخير على قطاع غزة، إلا أن فصائل المقاومة وعلى رأسها كتائب "القسام" تواصل تدريباتها المكثفة ليل نهار، استعدادا للجولات المقبلة، لتفاجئ الاحتلال بحجم قدراتها كما فعلت في معاركها السابقة.
المختلف في تلك التدريبات اليوم أنها أصبحت ظاهرة للعيان، وعلى مرأى ومسمع طائرات وجنود الاحتلال وقادته، علاوة على كونها أثارت مخاوف المستوطنين الذين أكدوا رؤيتهم لتدريبات كتائب القسام بأعينهم وسماعهم لطلقاتهم النارية الحية.
المستوطنون أكدوا عبر تصريحات نقلتها وسائل الإعلام العبرية أن "عناصر حماس" يتدربون بسلاحٍ حي كأن حربا قادمة في الطريق، فيما لا يستطيع جيش الاحتلال وقادته فعل شيء حيال ذلك إلا المراقبة والرصد والتحليل.
وفي أعقاب العديد من التقارير الإسرائيلية حول تدريبات المقاومة، ورصدها لحركات المقاومين وبث صورٍ لهم عبر وسائل الإعلام العبرية، بات المستوطنون متأكدين من أن كيانهم (الإسرائيلي) فقد قوة الردع، وأن "حماس أصبح جريئة أكثر مما كانت عليه قبل العدوان على غزة"، وفق قول بعضهم.
وقالت الصحيفة مؤخرا إن "قيادة المنطقة الجنوبية في الجيش تعرف عن النشاط الذي يجري في المواقع وتتعقبه"، مشيرة إلى أن المستوطنين أرسلوا تحذيرات إلى المسؤولين العسكريين والسياسيين، مؤكدة أنه "لا يمكن عمل أي شيء، فمهما كان معسكر التدريب قريبا من الحدود إلا أنه يبقى عمليا داخل القطاع، ولا يمكن للجيش العمل من أجل إزالة تهديده خلال فترة التهدئة".
توازن ردع
المختص في الشأن (الإسرائيلي)، مأمون أبو عامر، أشار إلى أن المقاومة من خلال هذه المواقع توجه للاحتلال رسالة مفادها "إننا قادمون، وكل تهديداتك لا تخيفنا، ونحن لم نعد نختبئ كما السابق، وسنوجعك إذا ما قررت الاقتراب".
وأكد أن (إسرائيل) وصلتها الرسالة وباتت تفهمها، فهي تدرك اليوم تبعات قصف أي مواقع للمقاومة، الأمر الذي يعكس امتلاك المقاومة الفلسطينية وكتائب القسام لقوة الردع للعدو (الإسرائيلي)، وفق قوله.
وقال أبو عامر لـ"الرسالة": "اليوم المقاومة دخلت في إطار استراتيجية التوازن المتبادل في الخوف، بحيث أن (اسرائيل) تدرك تماما أن أي مغامرة مع قطاع غزة قد تجر عليها حربا هي في غنى عنها، وحيث أن أي حرب ستكون قاسية على غزة، فإنها ستكون أيضا قاسية على الاحتلال ومستوطنيه".
وشدد على أن حالة رعب كبيرة باتت تنتاب المستوطنين في البلدات المجاورة لقطاع غزة، مشيرًا إلى أنهم باتو يخشون وقوعهم أسرى في يد المقاومة الفلسطينية التي ستفاجئهم بقدراتها في حال اندلاع أي مواجهة مقبلة.
وأضاف: "اليوم كل المستوطنين في كافة مناطق تواجدهم تحت مرمى نيران المقاومة، و(إسرائيل) تأخذ الأمر على محمل الجد وتراقب وترصد تحركات المقاومة في سبيل تحديث معلوماتها فقط دون أن تتمكن من فعل شيء حيال ذلك".
وأشار إلى تزايد نسبة قناعة الجمهور (الإسرائيلي) عبر استطلاعات الرأي المختلفة بأن الحرب على غزة فشلت في تحقيق أهدافها والقضاء على المقاومة الفلسطينية، مؤكدا تصاعد مخاوفهم من اندلاع أي مواجهات جديدة.
رسائل واضحة
بدوره، يرى الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أن هذه التدريبات تحمل رسائل هامة من حركة حماس وكتائبها المسلحة لقادة الاحتلال (الإسرائيلي)، أهمها أن المقاومة لم تعد تخشى شيئًا وباتت هي صاحبة السيادة في قطاع غزة.
وقال الصواف لـ"الرسالة" إن "المقاومة تعد العدة من أجل مواجهة جديدة مع الاحتلال، وهي بهذا الاجراء ترسل رسالتها للاحتلال أن كل ما تعرض له قطاع غزة لم يؤثر في نفوس المقاومين وسيجعلهم يستمرون في تدريباتهم لمواجهة الاحتلال".
ولفت الصواف إلى أن مشاهدة جنود الاحتلال لتدريبات المقاومة الفلسطينية تُحدث خللا في نفوسهم وتجعلهم لا يؤمنون بنظرية الردع التي تروّج لها قيادة الجيش، وباتوا يدركون أنهم سيواجهون جيشا مدربا ومتماسكا وليس مجرد أشخاص مسلحين.
وأشار إلى أن المقاومة أوصلت رسالتها التي تريد توجيهها، وهي بحاجة لاستمرار هذه الأعمال في أماكن عديدة"، مُضيفا "في حال اختار الاحتلال ارتكاب حماقة تجاه هذه المواقع فعليه تحمل النتائج ودفع الثمن، فأي معركة سيخوضها ستكون غير مدروسة وغير محسوبة النتائج".