مضى العام الأول على انقشاع غبار الحرب، لكن رائحة البارود ما زالت تنبعث من بنادق المقاومة الفلسطينية، التي حققت انتصارا عسكريا قد تنضج ثِماره في الأيام القادمة.
ولم تفلح معادلة النفس الطويل في اركاع المقاومة الفلسطينية التي حققت عنصر المفاجأة والضربة الأولى في المعركة الأخيرة، الأمر الذي يُشير إلى النقلة النوعية التي وصلت إليها المقاومة رغم الحصار الذي يهدف لتقويض فرص قوتها.
التعافي السريع للمقاومة والتطور الكبير في قدراتها العسكرية والذي أثبته الواقع الميداني من خلال استئناف التجارب الصاروخية بعد أشهر قليلة من انتهاء الحرب، وتكثيف العمل في حفر الأنفاق وترميم ما دمّر منها، وشقها لطريق محاذٍ للسلك الحدودي مع الاحتلال الإسرائيلي عُرف باسم "شارع جكر"، يُدلل على استعداد المقاومة الفلسطينية لأي مواجهة قادمة مع الاحتلال.
معادلة جديدة
وتُشير المعطيات على أرض الواقع أن العدوان الاسرائيلي على القطاع لم يؤت ثماره بل جاء بنتيجة عكسية وعزز من قدرة المقاومة لاسيما مع بدء تكشف الخسائر التي لحقت بالاحتلال، وفق مختصين أمنيين.
ومن الواضح أن ترميم المقاومة لقدراتها العسكرية وإقامتها لمواقع عسكرية وقيامها للتدريبات على أعين الاحتلال وليس انتهاءً بالإعلان عن دخول صاروخين جديدين للخدمة، يُعطي دلالة كبيرة على أن المقاومة لم تحقق انتصارا عسكريا وحسب، بل فرضت واقعا جديدا على الأرض وأجبرت الاحتلال على التعامل معه، وفق ما يرى المختص الأمني ابراهيم حبيب.
وبين حبيب أن العرض العسكري والمؤتمر الذي أعلنت فيه المقاومة عن الصاروخين لم يأت في اطار ترسيخ مبادئ واسس الصراع الجديد بين المقاومة و(اسرائيل) فقط، بل تعدى ذلك لإظهار حجم وتعاظم قوة المقاومة العسكرية وتحريك ملف الجنود الأسرى الذين سقطوا في قبضة المقاومة.
ويؤكد حبيب أن كل ما سبق غير معادلة الصراع بين المقاومة والاحتلال لصالح الأولى، ورسخ قواعد جديدة باتت تحكم آلية الصراع والتعامل من الطرفين.
رسائل عديدة
وفي هذه النقطة يتفق الخبير في الشأن الأمني هشام المغاري مع سابقه حبيب مضيفاً أن استراتيجية الردع التي ينتهجها الاحتلال ضد المقاومة سقطت وأن المعركة القادمة ستثبت ذلك.
ويلفت المغاري في حديثه لـ"الرسالة" أن المقاومة بعد الحرب بذلت جهدا كبيرا من اجل تعويض النقص في الوسائل القتالية التي استخدمتها في المعركة، وحققت ذلك من خلال تصنيع صاروخين بقدرات افضل من حيث المسافة والقدرة التفجيرية. وفق قوله.
ويجمع المختصان على أن المقاومة أرادت ارسال عدة رسائل في الذكرى الأولى للحرب، أولها للاحتلال بأن المقاومة جاهزة وقابلة للتحدي في حال أقدم على ارتكاب أي جريمة جديدة بحق الفلسطينيين، والرسالة الثانية لطمأنة الجبهة الداخلية ان المقاومة بخير وقادرة على القتال في أي معركة مقبلة، والرسالة الأخيرة للمجتمع الدولي بان ما تم من حصار وتضييق على المقاومة في سبيل منع توريد السلاح كلها اعمال باءت بالفشل وان المقاومة استطاعت ان تعتمد على قدراتها الذاتية لتطوير منظومتها العسكرية.