من جملة مكاسب السعودية التي أوردها المراقبون السياسيون لإعادة علاقتها بحركة حماس، لعب دور أكبر في القضية الفلسطينية بملفاتها الحاضرة اليوم (المصالحة والتسوية)، وهو نفس الهدف الذي تلتقي عليه إيران، والذي جعل حماس ورقة رابحة لدى كليهما.
فيما يتعلق بإيران، فإن ما يربطها بالقضية الفلسطينية مسعاها إلى البحث عن دور إقليمي في المنطقة باعتبارها رافعة سياسية، فضلا عن أنها تنظر إلى القضية من منظور الثورة الإسلامية باعتبارها أهم القضايا العادلة في العالم.
على صعيد المملكة فإن التوصل إلى الاتفاق النووي الإيراني فرض الحاجة إلى هذا التغيير الاستراتيجي، واستقطاب حماس باعتبارها أبرز حركات الإسلام السياسي التي تحتاجها السعودية من أجل مواجهة التمدد الإيراني.
الإنجاز بالنسبة لحماس يكمن في الارتقاء السياسي لها على ضوء التحوّل الإقليمي الحاصل، الذي أهلها أن تكون مدخلا لكل هذه الأطراف إلى القضية الفلسطينية، التي عانت حتى وقت قريب من التهميش على وقع الانشغال العربي بالقضايا الداخلية، واستمرار منظمة التحرير في الانزواء والتراجع، مقابل تضخم السلطة الفلسطينية، وتبدّل الأدوار والخلط بين التابع والمتبوع في العلاقة بينهما.
يقول الكاتب والمحلل السياسي عدنان أبو عامر إن إيران لديها هاجس وفوبيا من إمكانية أن تفقد فلسطين إذا فقدت حماس، وإن السعودية راغبة في الدخول في الملف الفلسطيني والمصالحة والتهدئة عبر حماس أيضا.
محلل الشئون العربية في صحيفة هآرتس، تسفي برئيل قال إن حماس لم تعد مجرد منظمة فلسطينية.
وعلى أهمية كل هذا، فإن الخشية على القضية الفلسطينية تبقى قائمة في ظل الصراعات الإقليمية ولعبة المحاور التي وصلت مرحلة الحسم، وهو ما يضع حماس أمام اختبار في اختيار القرار المناسب، ويفرض أن تكون يقظة سياسيا، وألا تقع في أخطاء من سبقوها.
لكن أسامة حمدان مسؤول العلاقات الخارجية في حماس حسم هذه المسألة بتأكيده أن الحركة "لن تسلك مسار من ضيّعوا القضية الفلسطينية على مدار العقدين الماضيين"، في إشارة الى موقف منظمة التحرير من عملية التسوية.
وقال حمدان: "حماس واضحة، لا يوجد لديها غرف سرية ولا متاهات مظلمة، ولن تدخل في عملية التسوية التي دخلت فيها السلطة، ومسارها واضح في حماية الحقوق ولن تسلك مسارا آخر".
إن دعم القضية الفلسطينية محدد وضعته حماس لتقييم علاقتها مع الأطراف الإقليمية، مع تأكيد حرصها في عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي طرف.
ويقول خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس في تصريحات لصحيفة الحياة اللندنية إن الحركة لا تلام إن طرقت باب السعودية، كما لا يجوز لومها عندما تطرق باب أي قطر عربي واسلامي.
فلسطينيا، يرتقب الشارع وتحديدا في غزة، نتائج هذه التحولات على صعيد التهدئة خصوصا، باعتبارها أهم ملفات القضية الفلسطينية، ثم المصالحة وترجمة الصعود السياسي لحماس في موقفها من منظمة التحرير، وموضعها على خارطة التمثيل السياسي الفلسطيني.