لم يكد أهل غزة يستفيقون من أزمة حتى تحل عليهم صدمة لاحقة تخلق مأساة لا يمكن تخيّلها، لتمثّل "أونروا" هذه المرة صاحبة نصيب الأسد من الأزمة.
وتعاني وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التابعة للأمم المتحدة، من أزمة مالية خانقة تعد الأكبر في تاريخها، فـ 101 مليون دولار أمريكي تقف كالسدّ المنيع أمام استكمال خدمات اونروا في مناطق اللاجئين الفلسطينيين.
محللون اقتصاديون ومتابعون لشؤون "أونروا" قالوا في أحاديث لـ"الرسالة" إن الأزمة التي تتحدث عنها الوكالة، "ليست حقيقية" وهي مفتعلة لتحقيق مآرب مجهولة، بينما يرى آخرون أن الأونروا لا تخشى الاعتراف بأزماتها وقد تسببت الدول المانحة بتلك الأزمة، التي هدّدت استمرار الخدمات ولا سيما التعليم مع اقتراب العام الدراسي الجديد.
"الرسالة" تحدّثت مع سامي مشعشع الناطق الإعلامي باسم "أونروا"، لينفي بشكل قاطع أيّ حديثٍ عن اتخاذ قرار بتأجيل العام الدراسي في المدارس والمعاهد الفلسطينية، لكنّه لوّح باحتمالية اتخاذ قرار صعب بهذا الشأن.
وقال مشعشع إن "أونروا" قد تضطر لاتخاذ قرارٍ صعب فيما يتعلق ببدء العام الدراسي الجديد، إن لم تنته الأزمة المالية التي تعاني منها الوكالة، مضيفًا أن أونروا تدرك حجم المعاناة التي يقاسيها اللاجئون الفلسطينيون وتأثير الأزمة عليهم "وهي تبحث عن حلّ لها".
البحث عن الحل
ويوضح المتحدث الرسمي باسم الوكالة أن مسؤولين كبارا فيها بصدد إجراء اجتماعات ولقاءات مع دول مانحة وأعضاء في الأمم المتحدة للحديث حول الازمة المالية الصعبة وإيجاد حلول لها.
المختص في الشأن الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة معين رجب، يقول إن الوكالة تعاني من الأزمة الاكبر في تاريخها نظرا لعدم التزام الدول المانحة بتعهداتها بدفع الاموال لخزينتها.
وفيما يتعلق بمصير العام الدراسي الجديد، قال إنه من المبكر الحديث عن تأجيله أو اتخاذ خطوات أخرى من شأنها ان تؤثر في سير العملية التعليمية في الأراضي الفلسطينية.
ويرى رجب بأن الاونروا لا تخشى من الاعتراف بوضعها المالي وليس لديها ما تخفيه، مشيرًا إلى أن الوكالة ليست مؤسسة استثمارية لديها مشاريع تُدرّ عليها الاموال وليس باستطاعتها ذلك لأنه ليس من طبيعة عملها.
ويرى رجب أن "اونروا" لن تألو جهدا في ايجاد حلول لأزمتها المالية ولن توقف خدماتها التي تقدمها للاجئين الفلسطينيين، والحلّ أمام وكالة الغوث هو طريق واحد متمثل بالضغط على الدول المانحة ودعوتها لدفع استحقاقاتها التي تكفلت بالالتزام بها في دفع الأموال، لاستكمال عملها في المناطق الفلسطينية.
الازمة مفتعلة!
وخلافًا لذلك، قال خليل النمروطي المختص في الشؤون الاقتصادية والسياسية، إن أزمة الأونروا مفتعلة وتخفي خلفها أسبابا مجهولة، "وهي أزمة غير مقنعة تمامًا".
ويستغرب النمروطي من الازمة التي أعلنت عنها أونروا من عجز مالي بمبلغ لا يتعدى الـ 100 مليون دولار، معتبرًا أنه مبلغ لا يمثل شيئًا في ميزان الدول والأمم المتحدة، "وبإمكان دولة واحدة التعهد بدفعه وانهاء الأزمة".
في الإطار، يرى النمروطي "إن كان حديث أونروا عن أزمتها الحالية موجّه للمانحين للضغط عليهم فهو أمر مرحب به ويدفع نحو حلّ الأزمة"، لكنه يخشى من تعمّد افتعال الأزمة لتحقيق مآرب مجهولة المصدر والهدف!.
ويشدّد المختص الاقتصادي إن "أونروا" بإمكانها الضغط على دول مانحة لدفع المبلغ وانهاء القضية إن أرادت ذلك، "لكنها ربما لا تسعى لحلها أصلًا".
وتنتظر أزمة "أونروا" المالية هذه المرة اجتماعًا "استثنائيا" للجنة الاستشارية لوكالة الغوث، سيعقد في العاصمة الأردنية عمان الاحد لبحث الازمة المالية للوكالة، وحتى حينه للتعرف عما سيتمخض عنه الاجتماع من حلول جدّية للأزمة.