غزة – آلاء النمر- الرسالة نت
بيديه المرتجفتين، أمسك الكاتب الفقيد ناهض الريس روايته الأخيرة التي كتبها على فراش المرض، معنوناً صدر صفحتها الأولى بـ"البيارة الضائعة"، وبدأت دموع الفرح تذرف مختلطة بدموع الحزن.
ولعل اللحظات الأخيرة من عمر الكاتب الريس، تعكس مدى حنينه للكتابة، حيث نظر إلى روايته وقبلها ثلاثة، واضعا إياها على رأسه، ثم غاب عن الوعي عدة ساعات، إلى أن فارق الحياة.
بدمعات حزينة وصوت خافت وصف أستاذ الأدب العربي بالجامعة الإسلامية، د.عبد الخالق العف، صورة الريس وهو يقدم له روايته الأخيرة مطبوعة، قائلا "ما أن أمسك الريس بروايته حتى قبلها بشفتيه الزرقاوين ثم وضعها على رأسه حتى فارقت الروح الجسد وبهذا الموقف ختم الريس حياته".
وبعواطفه الجياشة الممزوجة بالحزن الشديد على فقدان الكاتب الريس، قال العف :"ذهب الرجل القائد والأستاذ والوزير والشاعر والقاضي والسياسي والمؤرخ والعسكري.. فنعم الرجل".
وفي ذات السياق سرد العف ما حدث بينه وبين الفقيد قبل وفاته بأسبوع، فيقول " ذهبنا بمشاركة وفد كبير من الحكومة الذي يشمل بعض الوزراء وأساتذة الجامعة الإسلامية فوجدنا الريس بصدد انتهائه من كتابة رواية البيارة الضائعة بخط يده وهو يرقد على فراش المرض وبعاطفة المبادرة قلت له سأتكفل بتنقيح الرواية وطباعتها بنفسي ".
واصل العف حديثه "عدنا إلى الريس بعد ثلاثة أيام من أخذنا للرواية حيث تم تنقيحها وتنسيقها وطباعتها خلال تلك الأيام القليلة فجئنا إليه وبأيدينا مئتان من النسخ فكانت المسكنات تغزو جسد الريس، وعندما رأى الرواية بدأ بتحريك نظراته نحوها ثم بدأ برفع يديه الراجفتان حتى يوصلهما نحو الكتاب الذي طبعت بين صفحاته الرواية حتى استطاع الإمساك بها".
وأشار إلى أن الدافع الذي جعل الريس يكتب مثل تلك الرواية في آخر أيام عمره هو تجسيد وتوثيق القضية الفلسطينية منذ نكبة عام 1948.
"شمرت عن ساعد الجد وعزمت أن أفي بالوعد الذي قطعته على نفسي بكتابة هذه الرواية التي تحكي الجزء الأول من مراحل نكبة فلسطين وإذا امتد بي العمر فسوف أواصل الكتابة في أجزاء تالية حتى أصل إلى زمننا الراهن في العشر الأول من القرن الحادي والعشرين" هكذا كتب الريس في مقدمة روايته.
ولم تكن رواية "البيارة الضائعة" العمل الأدبي الأول للفقيد الريس –وهو زير العدل السابق-، حيث كتب في المجموعات الشعرية "ممالك النارنج" وهي اسم لشجر الخشخاش وكتب أيضا "عندما يزهر البرتقال".
كما لم تقتصر كتاباته على الطبيعة فحسب بل شملت مجموعة من الكتب السياسية كـ"ألف عدو خارج البيت" و"غزة في بطن الحوت" و"فلسطين بالزمن الحاسم" وتعدت كتابته لتشمل الأطفال أيضا كـ"عرس في الغابة" و"خالد يقاوم الصهاينة" و"زلابية في الشتاء" وهناك الكثير من المؤلفات، أما ما بقي تحت الطبع فهي مذكرات ضابط فلسطيني" و "الديمقراطية والشورى وتداول السلطة".