من وجع النكبة ولدت أزمة اللاجئين الفلسطينيين الذين هاموا في شتى الدول، وصنعوا بمخيماتهم المتشحة بزرقة أعلام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "الاونروا" شاهد حي على قضيتهم وانهم ما زالوا رقماً صعباً لن يجرؤ الساسة على تجاهلهم رغم مرور67 عاما على تهجيرهم من اراضيهم.
ويبدو أن المجتمع الدولي يدرك جيداً أنه لا يوجد لاجئ مستعد للتنازل عن حقه في العودة الى فلسطين فباتت محاولات تصفيتهم تتخذ أشكالا متعددة، فقد أثارت قرارات وكالة الغوث المتمثلة بتقليص خدماتها في مناطق عملها الخمسة مؤخرا، ردود فعل شعبية وفصائلية منددة، فيما حُذر من تداعيات ذلك على الأوضاع الإنسانية للاجئين ولاسيما في قطاع غزة الذي يشهد تدهوراً في اوضاعه المعيشية في ظل استمرار الحصار.
ومن المستبعد أن تكون الأزمة المالية الحالية والأشد التي تعصف بالوكالة منذ تأسيسها صدفة، خاصة وأن سياسة التقليص التي اعتمدها المانحون منذ عدة سنوات لتصفية وكالة الغوث التي ساهمت في الحفاظ على قضية اللاجئين حية وحاضرة أمام المجتمع الدولي وتقف عقبة امام أي حل سياسي مطروح.
قرار الاونروا بتأجيل العام الدراسي لما يقارب نصف مليون طالب وطالبة في حوالي700 مدرسة تنتشر في الشرق الأوسط ما لم يتم تمويل العجز البالغ 101 مليون دولار بالكامل وقبل الموعد المقرر لبدء العام الدراسي"، يعتبر الأخطر خاصة وأنه يعني ان التقليص والتهديد قد يمتد الى قطاعات أخرى تتبع الاونروا وخاصة القطاع الصحي.
سامي مشعشع المتحدث الرسمي للأونروا باللغة العربية قال: "أشعر بالقلق من أن تقوم الأزمة التمويلية التي نعاني منها حاليا بإجبارنا على النظر في تأخير بدء السنة الدراسية، وإن التأخيرات المحتملة في البدء بالعام الدراسي سيكون له أيضاً تداعيات على الحكومات المضيفة"، موضحاً أن الوكالة لم تتخذ القرار حتى الان.
وبين ان جهود الاونروا في حشد الموارد يعالج حالياً على المستوى السياسي في العواصم الرئيسة وقد وافق مكتب الأمين العام على القيام بإجراء اتصالات عاجلة بزعماء العالم لحثهم على توفير التمويل اللازم وبأسرع وقت ممكن.
واعتبر ان النقطة المركزية هنا ان الهدف لا يتمثل في المحافظة على كافة الخدمات الرئيسة لهذا العام فقط ولكن، وبنفس الأهمية، الإبقاء على استمرارية عمل الاونروا وخدماتها للسنوات اللاحقة حتى تتجنب هذه الأزمات السنوية ومعالجة الوضع الهيكلي المالي للوكالة بطريقة أكثر استدامة.
ووفقاً لسهيل الهندي رئيس اتحاد الموظفين العرب في وكالة الغوث، فإن "تقليصات الوكالة الأخيرة ستطال أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني، وسيطال الضرر الأكبر قطاع التعليم، فهناك مؤشرات باتت واضحة جداً من قبل إدارة الوكالة بأنه سيتم تأجيل العام الدراسي، وذلك يعني أن نحو 500 ألف طالب فلسطيني لن يستطيعوا التوجه لمدارسهم، وسيتم إغلاق 700 مدرسة، ولن يستطيع نحو 22 ألف معلم ومعلمة ممارسة مهامهم وأعمالهم".
ويرى الفلسطينيون ان السبب الرئيس للتقليص يعود لمؤامرة سياسة دولية بحتة تحاك بالخفاء لتصفية القضية الفلسطينية بضغط دولي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وان الازمة المالية للأونروا ليست جديدة وكانت سابقا قادرة على تجاوز ازماتها دون تقليص خدماتها، كما أن المبلغ المطلوب يعتبر بسيط بالنسبة لمنظمة دولية تتبع الامم المتحدة وقادرة على توفيره بسهولة.
كما ان التقليصات الاخيرة سيكون لها تداعيات خطيرة ونتائج كارثية على الفلسطينيين في كل مناطق اللجوء، وستزيد من معدلات الفقر ونسب البطالة.
الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف أكد أن ما يجري في الوكالة خطط له ورسمه الرئيس الاسبق جون كينج ومن جاء من بعده ينفذ هذه السياسة التي رسمها رجل المخابرات العالمي والذي كان يحمل رسالة وهدف وهو تصفية وكالة الغوث.
وقال الصواف "الوكالة تجهز لخطواتها الاولى مستغلين اكذوبة الدولة الفلسطينية التي ابتدعها عباس وشغل العالم بها من أجل الوصول الى تصفية الوكالة".
واعتبر ان اكذوبة الدولة الفلسطينية الوهمية التي نادى بها عباس سيترتب عليها مصائب كبيرة منها انهاء قضية اللاجئين واعتماد يهودية الدولة والتي تعني بالنسبة للإسرائيليين تهجير مليون ونصف مليون فلسطيني ممن بقوا في فلسطين المحتلة إضافة الى شرعنة التوطين للفلسطينيين كل في مكانه.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى 5.9مليون نسمة حتى نهاية العام الماضي 2014 مسجل منهم رسمياً لدى الأونروا قرابة 5.3 مليون لاجئ بينهم 1.2 مليون لاجئ في غزة، و914 ألفاً في الضفة، و447 ألفاً في لبنان 2.1 مليون في الأردن، و500 ألف لاجئ في سوريا.