ظهيرة أحد ايام الصيف الحارقة قبل سنوات قليلة، اقتحمت عناصر الشرطة منزل الشاب "ع" لتجد في غرفة نومه لفائف الحشيش وحبوب الأترمال التي يتعاطها ويبيع أيضا لزبائنه منها.
قضيته ليست عادية كون من بلغ عنه صديقه بالاتفاق مع زوجته "ل"، فالأخيرة سئمت المشاكل المستمرة مع زوجها لذا قررت التبليغ عنه من أجل حبسه وحصولها على الطلاق، بينما صديقه استغل معرفته بمشاكلهم فساعدها في التخطيط للتخلص منه كي يحصل على مبتغاه.
فبمجرد أن اعتقل "ع"، بقي صديقه يتواصل مع زوجته بحجة الاطمئنان عليها بحجة الجيرة، لكن بعد أيام تمادى وبات يعبر عن اعجابه بها ونيته الزواج منها عند حصولها على الطلاق.
بداية الأمر كانت تصده لكن بعد ذلك سمحت له بالدخول حتى وصل الأمر إلى إقامة علاقة غير شرعية بينهما، فهي تسكن البناية التي تقابل بيته ولا يوجد أحد من أقاربها يعيش معها.
بعد مرور شهرين على حبس زوجها جاءها شقيقه للاطمئنان على أبنائها، فلاحظ قبل صعوده السلم زوجة شقيقه تلوح لرجل يقابل شقتها ويتحدثون عبر الهاتف النقال، وحينما صعد واجهها بالأمر فأنكرت، حتى قامت بطرده من البيت فما كان منه إلا أن أخبر شقيقه في السجن.
ردة فعل زوجها بحسب تحقيقات النيابة كانت عادية، وعندما زارته اعترفت بفعلتها علها تحصل على الطلاق منه لكنه أخبرها أن تنتظره حتى يخرج ويمنحها ما تريد.
خرج الزوج بعد شهور من حبسه، فكانت تصرفاته غريبة قد يظن القارئ أنها خيالية لكنها واقعية حصلت عليها "الرسالة" من ملفات القضاء، فقد طلب من زوجته التعاون معه لابتزاز صديقه والحصول على المال من خلال استدراجه إلى غرفة النوم.
حب المال دفعها لقبول طلب زوجها، فاتصلت بصديقه ودعته للبيت بحجة أن زوجها خرج لزيارة ذويه، حتى حضر ودخل برفقتها غرفة النوم، بينما الزوج كان يراقبه من "البلكونة" وحينما شاهده يقترب من زوجته لم يحتمل الامر فقطع حبل الغسيل ودخل عليه وقام بشنقه حتى الموت.
لم يكتف الزوجان بذلك بل قاما بوضعه في كيس بلاستيكي ورميه في منطقة زراعية خالية من السكان، لكن أمرهما كشف بعد أيام قليلة.
وحينما تواجد الزوجان في النيابة العامة أقرت الزوجة انها كانت طيلة فترة حبس زوجها على علاقة غير شرعية مع صديقه فقد كان يصطحبها إلى شقة اخته، بينما الزوج قال انه أقدم على فعلته انتقاما لشرفه.
لم تأخذ القضية كثيرا في المحكمة فبعد عام ونصف عرض المتهمان على القاضي، كانت الجلسة مغلقة كونها تمس الشرف، ففي قفص الاتهام جلس الزوجان ينتظران الحكم. وقبل النطق النهائي للحكم ترجل محامي الدفاع عن المتهم من مكانه قائلا: "سيدي القاضي إن موكلي قام بالقتل بدافع الشرف، والفعل الذي ارتكبه أقر بأنه كان تحت تأثير الغضب وثورة الانفعال والتي لم يتمالك عواطفه وذلك ثأرا لشرفه".
وتابع: "موكلي لديه ابناء لذا ألتمس الاخذ بعين الرحمة والرأفة بالمدان، وبالدافع الذي دفعه لارتكاب الجريمة وتخفيف العقوبة أسوة بالسوابق القضائية".
وحينما أنهى مرافعته، تقدمت موكلة زوجته قائلة:" ظروف موكلتي الانسانية صعبة كونها معيلة لصغار، وهي نادمة على فعلتها".
وكالعادة وكيل النيابة طالب بإيقاع اقصى العقوبات بحق المتهمين كونهما ارتكبا جريمة تخالف الشريعة الاسلامية والطبيعة الانسانية.
القاضي كان له كلمة قبل النطق بالحكم فقال:" ما قام به المتهم من سلوك خبيث للوصول إلى أهداف دنيئة لابتزاز المجني عليه وقتله مستعملا بذلك زوجته لإخفاء جريمتهما واظهارها على انها بدافع الشرف لتدل على شخصية اجرامية لا تراعي أي حرمات أو اخلاق للوصول إلى غايتها، الأمر الذي يستدعي تشديد العقوبة ليكون عبرة لغيره مما يحاول الالتفاف على القانون والشريعة".
الانتقام لشرفه
وتعقيبا على الملف القضائي ذكرت الاختصاصية النفسية إيناس الخطيب أن المرأة تبحث دوما عن الاشباع العاطفي، لكن ما قامت به الزوجة لا يحق لها فعله فالأصل أن تحافظ على بيتها وزوجها بدلا من الوقوع في الرذيلة.
وعما خطط له الزوج لابتزاز صديقه أوضحت أنه يدل على أن المصالح قد تعمي الاشخاص وتدفعهم لعمل أي شيء مقابل الوصول لأهدافهم، مبينة أن زوجها صدم بما راه مما دفعه إلى الانتقام لشرفه.
وبحسب قول الخطيب فإن المرأة هي الخاسر الاكبر كونها خسرت سمعتها وعائلتها، لافتة إلى أنه كان من الأولى أن تحافظ على أسرتها لأنها كانت تدرك منذ البداية ارتباطها بتاجر مخدرات.
ودعت في ختام قولها الامهات إلى المحافظة على أسرهن والبعد عن المحرمات، واتقان حرفة تجعلها تحمي نفسها في غياب زوجها بدلا من الوقوع في شرك المحرمات.