قائمة الموقع

الحقيقة المُرة.. السلطة لم تتحرك للتحقيق في حرق دوابشة !

2015-08-06T05:53:20+03:00
اثناء جنازة الرضيع دوابشة
فايز أيوب الشيخ

رسمياً، لم تتقدم السلطة في رام الله بأي طلب إلى محكمة الجنايات الدولية للتحقيق في جريمة حرق الطفل الرضيع علي دوابشة، وإنما تهديداتها بهذا الصدد ما هي إلا محاولة لامتصاص غضب الشارع الفلسطيني الذي طالب المقاومة الفلسطينية بالرد المناسب لحجم الجريمة.

وكسابقاتها من القضايا التي تخلت عنها السلطة، فقد فجر "مركز الشؤون الفلسطينية" الذي يتخذ من العاصمة البريطانية لندن، مقراً له، مفاجأة مدوية، بأن السلطة لم تقدم أي ملفات إلى الجنائية الدولية، بشأن جريمة إحراق الرضيع "دوابشة" يوم الجمعة الماضي على أيدي مستوطنين في قرية دوما جنوب مدينة نابلس.

وأوضح المركز في بيان له، أن تصريحات السلطة حول ذلك وأقوال رئيسها محمود عباس في مؤتمره الصحفي عشية الجريمة، إنما هي "محض تدليس وفرقعة إعلامية للتنفيس عن المواطنين والظهور بمظهر الشجاع والجريء الذي يريد مقاضاة الاحتلال"، مؤكداً أن اختيار هذا الملف تحديداً - أي ملف إحراق الرضيع علي دوابشة - مقصود بحد ذاته لإفشال التوجه لمحكمة الجنايات، بمعنى أنه ملف جنائي ضعيف لا يقع ضمن اختصاصات محكمة الجنايات الدولية.

مجرد مذكرة "شكلية"

ويؤكد النائب فرج الغول، أن ما قدمته السلطة بشأن جريمة حرق عائلة دوابشة هي مجرد مذكرة إلى مجلس حقوق الإنسان تطالبها فيها بالتحقيق وهي خطوة شكلية لا ترقى لمعالجة جريمة بهذا الحجم الكبير، مشيراً إلى أن هذه الخطوة "الخجولة" من السلطة جاءت فقط لذر الرماد في العيون ولامتصاص غضبة الشارع الفلسطيني ليس أكثر.

وأوضح الغول لـ"الرسالة" أن "سلطة فتح" تحاول أن تُغطي على عيوبها في هذا الجانب-حرق الرضيع- بحيث لا ترغب بالذهاب لمحكمة الجنايات الدولية ولا غيرها، لافتاً إلى أن السلطة لديها المئات بل الآلاف من الملفات الجاهزة التي لم تقدمها للجنايات الدولية مثل ملف حرق الطفل محمد أبو خضير وحرب غزة والاستيطان والجدار وغيرها.

وأستدل الغول على عدم جدية السلطة في تقديم قضية حرق الدوابشة إلى الجنايات الدولية بعدة "سقطات" قامت بها، مبينا أن أولها كانت "إذعان عباس لأكاذيب رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو حول فتح تحقيق صهيوني في الجريمة"، منوهاً إلى أن قبول عباس بالتحقيق الصهيوني "التجميلي" لا يتيح لمحكمة الجنايات الدولية التحقيق في قضايا طالما جاري التحقيق فيها.

خلط بين القضايا!

من ناحيته، أكتفى غسان الشكعة عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، في دفاعه عن السلطة بتكرار تصريحات وزير خارجية السلطة رياض المالكي التي أكد فيها ذهابه إلى جنيف من أجل تقديم الطلب إلى محكمة الجنايات الدولية، متسائلاً في حديثه لـ"الرسالة" لماذا يتم أخذ الموضوع من زاوية واحدة وتجاهل الزوايا الأخرى؟".

ومن وجهة نظر الشكعة أن هناك خلطا بين القضايا التي من المفترض رفعها لمحكمة الجنايات الدولية، الأولى تتعلق بجريمة حرق الطفل دوابشة والتي يجب أن يتم الاستفادة منها فوراً، أما قضية الحرب على غزة فإنه يرى بأنها تحتاج إلى تحضير جيد وهذا ينسحب على قضايا أخرى مثل الاستيطان والجدار.

وقال الشكعة "لو كنا في السابق شاطرين وكنا نحتل الموقع الذي نحظى به الآن، كان استطعنا الاستفادة كثيرا في قضية الحرب على غزة (..) لم تكن الفرصة آنذاك مهيئة لكي نحضر ملفاتنا في قضايا لا تقل أهمية عن الملفات الحالية".

السلطة تمنع "العنف"

ولعل موقف سلطة رام الله من الجريمة يشابه موقفها من كل الجرائم بحق الشعب الفلسطيني، وما اتصالات ولقاءات عباس بقيادات الاحتلال الأمنية والسياسية وتصريحاته المتتالية على ما أسمه "رفض العنف" وتأكيده على "حفظ الأمن في الضفة" إلا تأكيد لدوره الأمني في الضفة الغربية".

وذكر الغول في الإطار، أن اليوم الأول لوقوع جريمة حرق الرضيع أصدر عباس قرارات عديدة لمنع ما يسمى "العنف" وجدد تعهده للإسرائيليين بإخماد أي ثورة جديدة وعدم السماح باندلاع انتفاضة ثالثة، مؤكداً أنه لحتى هذه اللحظة تقوم أجهزة السلطة بممارسات على الأرض لملاحقة النشطاء والمقاومين واعتقالهم لمنع أية تحرك شعبي أو رد فعل مقاوم.

وافترض الغول جدلا أن يتجرأ عباس لرفع قضية الدوابشة إلى محكمة الجنايات الدولية، إلا أنه شدد على أن إجراءات الأخيرة تأخذ وقتاً طويلاً في إجراءاتها ولذلك يجب أن يكون الذهاب للمحكمة نهاية المطاف.

ويرى الغول أن الأفضل هو إطلاق يد المقاومة ورفع اليد الثقيلة من السلطة عن المقاومة والإفراج عن كافة المعتقلين السياسيين الموجودين سجونها حتى يثأروا لشعبنا من جرائم جيش الاحتلال وقطعان المستوطنين، معتبراً أن الرد الأولي والأساسي والمنطقي والطبيعي على الأقل أن يصدر قرار كان قد اتفق عليه المجلس المركزي والفصائل الفلسطينية بوقف التنسيق الأمني.

وقال الغول " على المقاومة الفلسطينية في الضفة وحتى المخلصين من أبناء الأجهزة الأمنية أن يثوروا على الواقع المرير الذي يُهان فيه الإنسان الفلسطيني ويقتل ويحرق بدم بارد وهو ينظر ولا يستطيع أن يدافع ".

تمسكا بالمفاوضات

ومن وجهة نظر تحليلية وقانونية، فقد أكد الخبير القانوني أحمد الخالدي، أن محكمة الجنايات الدولية لا تنظر في قضايا الأفراد، مشيراً إلى أن المحكمة تحقق فقط في جرائم الحرب وجرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية.

وشكك الخالدي في حديثه لـ"الرسالة" بجدية السلطة حول نيتها تقديم ملف جريمة حرق الرضيع للجنايات الدولية، على اعتبار أن هذه الجريمة يمكن اعتبارها لدى الجنايات الدولية "جريمة فردية"، مستهجناً تقاعص السلطة عن الاهتمام بجرائم عديدة من هذا النوع حدثت في الضفة ولم تتقدم بها لأي محل دولي للتحقيق فيها.

ولم يجد الخالدي مبرراً لعدم جدية السلطة في تقديم ومتابعة الجرائم الصهيونية في المحافل الدولية سوى أنها لا تريد لباب المفاوضات أن يغلق، مشيراً إلى أن إخضاع (إسرائيل) للمحاكم الدولية سوف يؤثر عليها بشكل كبير، وبالتالي سيؤدي ذلك إلى ضياع أي فرصة للسلطة للعودة للمفاوضات !.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00