لا يحتمل الشاب محمود العيلة الدخول إلى منزله حيث لا يوجد كهرباء ولا ماء، وبمجرد انتهاء عمله يذهب مسرعا برفقة أصدقائه إلى شاطئ البحر.
ومنذ بداية موجة الحر التي تضرب البلاد عامة وغزة خاصة، يتوجه الشاب العشريني يوميا إلى شاطئ البحر شمال القطاع ليستجم وينتعش من هوائه العليل. وفق قوله "للرسالة".
ويعاني قطاع غزة تحديدا من انقطاع مستمر للتيار الكهربائي في ظل أجواء حارة ورطوبة عالية جدا لم تشهدها المنطقة من قبل، ما دفع المواطنون للهروب من هذه الأجواء إلى البحر للترويح عن أنفسهم ولو بالقليل والحصول على بعض الأجواء اللطيفة قبالة ساحل غزة.
الشاب محمود الذي التقيناه على الشاطئ، يقول بتذمر: "لا يوجد كهرباء والمياه غالبا مقطوعة وغير متوافرة للاستحمام اليومي، والحرارة لا تطاق إن جلست في المنزل، لذلك منذ بداية موجة الحر وأنا أذهب يوميا مع أصدقائي إلى شاطئ البحر إما للجلوس قبالته أو السباحة في مياهه لأشعر بالانتعاش، في ظل الجو الحار جدا".
ويضيف "طالما لا يوجد كهرباء في البيت لا يمكن أن أعود إليه وأبقى على البحر حتى تأتي الكهرباء، حتى أتمكن من تشغيل التكييف أو المراوح الكهربائية لتخفف حدة الحر والرطوبة".
العائلات أيضا
وليس ببعيد عن الشاب ورفاقه تجلس عائلة الحاج أبو خليل الجملة على إحدى الاستراحات المنتشرة على شاطئ غزة، هاربة من أجواء منزلهم الحارة، والتي لا تطاق في ظل انقطاع التيار الكهربائي لثماني ساعات متواصلة يوميا إن لم يكن أكثر بسبب أزمة الكهرباء التي تلازم القطاع منذ 8 أعوام.
وبابتسامة عريضة استقبلنا الجملة، قائلا: "ما في أحلى من البحر في هيك جو، هو المكان الأنسب والأفضل للانتعاش فيه بعيدا عن أجواء المنزل الكئيبة من الشوب وقطع الكهرباء".
ويذهب الجملة -الذي دخل عقده الخامس- وعائلته بشكل شبه يومي إلى البحر باعتباره المتنفس الوحيد لأهالي قطاع غزة في ظل الحصار المفروض عليه والمعابر المغلقة.
ويضيف "أول ما تقطع الكهرباء، أدعوا أفراد العائلة لتجهيز أنفسهم والاستعداد لرحلة البحر المعتادة، ولا نعود إلى مع موعد وصل الكهرباء في المساء".
وفي ظل أزمة الكهرباء المستمرة بغزة، تعمد شركة الكهرباء إلى توزيعها على مختلف مناطق القطاع وفق جداول معينة، بثمانية ساعات وصل ومثلها قطع، وعندما لا يدخل الوقود المخصص للمحطة تصبح 6 ساعات وصل مقابل 12 قطع، ما يسبب حالة من النفور والهروب لدى المواطنين من منازلهم إلى البحر، الذي يوجد به ماء وهواء.
"الكورنيش"
وبالتوجه إلى "كورنيش غزة" أحد أكثر الأماكن اكتظاظا بالمصطافين منذ بداية موجة الحر، حيث يجلس العديد من المواطنين والبعض الاخر يتمشى على الكورنيش لاستنشاق بعض نسمات هواء البحر العليلة، علها تنسيهم أوضاع غزة الصعبة.
ولا يقتصر الذهاب في هذا الجو إلى البحر على العائلات والشباب فحسب، فقالبت "الرسالة" خلال جولتها أحد الشبان كان يجلس بجوار خطيبته على كورنيش غزة، موجهة له سؤالا عن سبب مجيئه للبحر وعدم ذهابه إلى المطاعم وسط المدينة؟ فبيّن أنه يفضل القدوم إلى هنا في هذا الجو بدلا من الأماكن المغلقة، معتبرا جلسة مقابل شاطئ البحر "تساوي الدنيا وما فيها" في مثل هذا الوضع.
وتعتبر درجة الحرارة في هذه الايام هي الأعلى على الإطلاق في منطقة الشرق الأوسط منذ سنوات بعيدة، حيث ازدادت عن معدلها السنوي 10 درجات، بالإضافة إلى الرطوبة العالية المصاحبة للحر، ما دفع الكثيرين للجوء إلى البحر كمتنفس وتغيير للجو.