قائمة الموقع

الأسير الرفاعي.. يقف على عتبات الموت!

2015-08-10T13:58:59+03:00
إيّاس الرفاعي (32 عامًا) المعتقل في سجون الاحتلال
الرسالة نت - محمد أبو زايدة

كلما جلس الستيني (عبد) وحيدًا؛ يستحضر ملامح ابنه الذي حرمه الاحتلال مشاهدتها منذ سنواتٍ طوال، مستذكرًا محطات حياته وابتسامته التي كانت تزيّن البيت، وتبعث فيه الأمل، إلّا أنّ حديث المحامي عن الوضع الصحي السيء لنجله إيّاس الرفاعي (32 عامًا) المعتقل في سجون الاحتلال، لا يفتأ يتردد في ذهنه.

تتوارد الأنباء تباعًا من داخل المعتقل مع كل زيارة لمحامي إيّاس، إلّا أن الأخبار لا تسر السامعين، وآخرها "سوء الوضع الصحي لابنكم، والذي قد يضعه في عداد الشهداء، فهو مصاب بفايروس الكبد الوبائي، ولا عناية على صحته تذكر".

كلماتٌ كفيلة بأن تهزّ جسد رجلٍ شاب وهو يعد أيام ابنه ليكبر أمام ناظريه، منذ ولادته في الثمانينات، في قرية كفر عين قضاء رام الله، حتى اعتقاله قبل عشرة سنوات، يقول رب الأسرة مخفيًا خلف الهاتف الذي أجرينا خلاله الاتصال ملامح وجهه، "الاحتلال يطارد نجلي منذ أن كان في الثانوية العامة".

توالت محاولات الاعتقال، حتى وصل العائلة خبرًا في يوم زفاف نجلهم البكر (فارس)، يفيد بمحاصرة ما يزيد عن (50 جنديًا من القوات الإسرائيلية الخاصة) مكان تواجد إيّاس، واعتقاله.

"وكأنّ الاحتلال تعمّد اختيار المناسبة السعيدة لينغّص حياتنا، ويقلبها مأساة وحزن"، يتحدث رب الأسرة بصوتٍ مهتز أقرب ما يكون للبكاء الصامت، ثم يضيف: "وضعوه في تحقيق المسكوبية لشهرين، وتوالت تنقلاته بين السجون إلى أن استطعنا زيارته بعد اعتقاله بـ(4 أشهر)".

"وكيف كان اللقاء بينكم؟"، سألنا والد إيّاس عن أول لقاءٍ يجمع الأب مع ابنه في زنازين الاحتلال، فأجاب بعد تنهيدة ألم: "تركناه بوزن 80كجم، وأثناء زيارتنا كان وزنه 60 كجم من التعذيب، وهذا المشهد كفيل بأن يتعب قلبي".

استمرت تنقلات إيّاس بين المعتقلات، حتى تمّت محاكمته لـ(8 سنوات)، ولكنّ الحكم لم يرضي المدعي العام "الإسرائيلي"، فاستأنفه وطلب حكمًا بـ(17 عامًا)، وتم تخفيضه إلى (11 سنة).

وكرجلٍ حكيمٍ زار ابنه داخل احدى بؤر التعذيب "الإسرائيلي" في سجن بئر السبع، وبعدما وجد الهمّ يكسو نجله، أوصاه أن يعتبر سجنه خلوة، ويغتنمها فرصة لإكمال تعليمه الجامعي، "حتى أنهى إيّاس دبلوم الوعظ والإرشاد، وأحكام التلاوة والتجويد، وحفظ القرآن كاملًا عن ظهر قلب، وأنهى 90 ساعة في دراسة بكالوريوس تخصص التاريخ". وفق والده.

وفي العاشر من يناير وصل العائلة اتصال من الصليب الأحمر، يطمئنهم بوضع ابنهم الصحفي، ونقله إلى سجن "سوروكا"، وبعدها بشهرين وعشر أيام تمكنت العائلة من زيارته، والغريب مما شاهدوه أنّ وزنه أضحى (45 كجم)، ويعاني من "نزيف حاد بالأمعاء، وانسداد بالأمعاء الدقيقة، وكتل بالأمعاء الغليظة، وتقرحات في القولون، والتهابات بالأطراف السفلية، وفقدان الحركة بشكل كامل".

بنبرة حادة يتحدث رب الأسرة: "كل يومٍ يخرجون اشاعات عن ابني، يومًا يقولون لديه سرطان، وآخر فايروس مجهول، ومرة أخرى الكبد الوبائي.. وكأنه يريدنا أن نبقى متخبطين بصحة ابننا".

تمكنت العائلة من زيارة ابنها في العاشر من أبريل الماضي، ويصف والده الزيارة بعد لحظةٍ من الصمت يقول: "ملامح وجهه تغيّرت كليًا.. لم أعرفه بادئ الأمر، وكأنّه قادم من الصومال لشدة ضعفه، فلقد وجدته هيكلًا ليس أكثر".

وفي اتصالٍ من محامي إيّاس، أخبر العائلة أنّه رأى نجلهم يعالج في ممر مستشفى "سوروكا"، وعندما استنكر المحامي تواجده في مكان غير لائق، واستفسر عن ذلك، أجابوه "لا يوجد غرف لأجل هذا المريض".

كانت أبرز الأنباء التي صحبها المحامي للعائلة، تتحدث عن "انسداد تام في الأمعاء الغليظة، وافرازات سامة على الدم، وحالته خطرة جدًا، ويعيش في لحظات نزاع بين الحياة والموت".

اشتدت حالة إيّاس سوءًا، حتى توقّع الأطباء "الإسرائيليون" أنّه قد يفارق الحياة في أي لحظة، فأجروا له عملية منظار، فتبيّن أنّه مصاب فعليًا بفايروس التهاب الكبد الوبائي.

"وصلني قبل ما يقرب الشهر نسخة عن التقرير "الإسرائيلي" المتعلق بوضع إيّاس الصحي، عن طريق الصليب الأحمر، وعرضت ملفه الطبي على أخصائي في مدينة رام الله، ثبت فعليًا أنّه يعاني من التهاب الكبد الوبائي، بمرحلة ما فوق المتوسطة"يقول رب الأسرة.

ويضيف أنّ "الاحتلال يستخدم إياس حقل تجارب لعلاجاته، وكل فترة يعطيه مسكنًا يختلف عن الآخر، وآخرها مضاد حيوي يسكن الألم لأسبوع، ثم يهاجم الجسم بشراسة أكبر، حتى تخار قوى المريض".

وأوضح رب الأسرة أنّ ابنه إياس لا يتلقى أي رعاية صحية، وتخفي مصلحة السجون عنهم وضع نجلهم، وتعطيه علاجات لا علاقة لها بالفايروسات.

ووصف رياض الأشقر الناطق الإعلامي لمركز أسرى فلسطين للدراسات، حالة إيّاس أنّها شديدة الخطورة، موضحًا أنّه يعاني من فايروس التهاب الكبد الوبائي من الدرجة (ب)، "وهو معدي، وقد يمنعه من الزواج مستقبلًا.

وحذر الأشقر من إمكانية انتقال المرض لباقي الأسرى الذين يعيشون مع إياس في المعتقل، مؤكدًا أن أربعة أسرى آخرين يعانون من مرض التهاب الكبد الوبائي داخل السجون "الإسرائيلية"، ولا يقدم لهم العلاج المناسب، وعرضة لعدوى باقي السجناء بسبب سياسة الاهمال الطبي.

واختتم والد إياس حديثه مع "الرسالة" بمناشدة أطلقها، بضرورة العمل للإفراج عن نجله المعتقل في سجون الاحتلال، "والذي يعاني من موتٍ بطيء".

اخبار ذات صلة