لا يشعر الفلسطيني بإعلام رسمي يمثله بعد أن تاه إعلام السلطة الذي يمثل الواجهة الإعلامية الرسمية للشعب الفلسطيني في دروب العروض الفنية الهابطة، والبرامج فارغة المضمون والمظهر، والتي من شأنها أن تسيء لسمعة ونضال الشعب الفلسطيني وثورته.
ضعف المادة المعروضة عبر وسائل إعلام السلطة يعود بالدرجة الأولى لقدرات الكادر العامل في صفوفها، وطبيعة السياسات العامة التي تعمل في إطارها، وحجم المبالغ التي تدفعها السلطة من قوت الشعب لدعم إمكانات الإعلام بيْد أنها تذهب هباءً منثورا لا يستفاد منها البتة.
ومع كل حدث وطني، أو جريمة إسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، يظهر بُعد هذه الوسائل عن الواقع الفلسطيني، بذكرها لما يجري على سبيل رفع العتب، دون الاهتمام بالمستوى المطلوب، أو الذي يرقى لحجم ما يجري، دون أن تراعي أنها الصوت الرسمي للشعب والقضية ويقع على عاتقها تحريض المواطن تجاه قضاياه المصيرية لا إبعاده عنها.
"تجدد الوزارة التأكيد على أن الزهار وأمثاله مصابون بقصر نظر سياسي، وحجم المؤامرة ضد مشروعنا الوطني أكبر من أن يكون لهم فيها موطئ قدم"، ما سبق ليس حديثا لقائد في فتح أو المنظمة كما جرت العادة، إنما بيان صحفي لوزارة الإعلام في حكومة التوافق صدر قبل أيام، يظهر مدى تسييس المنظومة الإعلامية، في المقابل لا نسمع لهجة هجومية كهذه ضد الاحتلال وجرائمه في الضفة.
ويرى عماد الافرنجي رئيس منتدى الاعلاميين الفلسطينيين أن المنظومة الاعلامية التابعة للسلطة او منظمة التحرير، مهمتها الأساسية الترويج لسياسات رئيس السلطة محمود عباس على حساب الاهتمام بمشروع التحرير الفلسطيني، والقضايا المصيرية للشعب الفلسطيني.
وبناءً على نهج عباس الاستسلامي، فإن منظومته الإعلامية انساقت في هذا التيار، وبعدت عن مصالح الشعب الفلسطيني، فمن وجهة نظر الافرنجي فإن مهمة الإعلام الفلسطيني تتلخص في تنوير الجمهور بالملفات الهامة، وطبيعة الأحداث التي تجري من حوله، في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة.
وعلى عكس ذلك، عملت منظومة الاعلام التابعة للسلطة على تزييف الوعي الفلسطيني -وفق الافرنجي-، وبدلت طيلة السنوات الماضية المصطلحات والمفاهيم التي تمثل ركائز العمل الوطني، وعليها تحمل تبعات هذا الانزلاق الوطني غير المبرر.
في المقابل، نشأ الإعلام الفلسطيني المقاوم، والذي دعمته فصائل المقاومة بشكل مباشر، برغم الظروف الاقتصادية الصعبة، فيما استطاعت سد العجز الذي أحدثه تخلي وسائل اعلام السلطة عن الاهتمام بالقضية على المستوى المحلي فقط، ويؤكد الافرنجي أنها أحدثت اختراقات في توجهات الشعب الفلسطيني في اماكن تواجده.
أما الكاتب والمحلل السياسي مصطفى الصواف فقد وصف اعلام السلطة بـ"المحبط" لمعنويات الفلسطينيين في مساعيهم للدفاع عن النفس في وجه الغطرسة الاسرائيلية في الضفة والقدس، بينما يلوذ بالصمت حال وقوع جريمة إسرائيلية بحق الفلسطينيين، ويتناول القضايا الفلسطينية ذات الاهتمام المحلي والعالمي بشكل سطحي بعيدا عن المفاهيم التي يجب ان تصل للجمهور بشكل واضح ومركز.
وقال الصواف: "هذه الوسائل تنطق بلسان صانع القرار السياسي الذي يرفض كشف الحقائق وتحريض الفلسطينيين على المقاومة".
وتسعى هذه الوسائل إلى فرض ثقافات مضللة تحرف المشاهد عن حالة الغليان التي تسود الأجواء حال وقوع اعتداء اسرائيلي، إذ نجدها تتجه نحو البرامج الغنائية والمسابقات، حرصا منها على عدم "إثارة النعرات" ضد المستوطنين والتقليل من حجم الجريمة -وفق قوله.