لم تعد خافية عداوة السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس للمساعي الرامية لتحسين الوضع في غزة، تخوفا من نجاح فصائل المقاومة من انتزاع حقوق غزة بعد المواجهة العسكرية الأخيرة، لأن ذلك يعني فشل مشروعها التفاوضي في مقابل نجاح حقيقي لمنهج المقاومة.
وهاجمت تصريحات قادة السلطة ومنظمة التحرير أي اتفاق قد ينتج عن المداولات الجارية، بينما تنوعت أسباب رفض الاتفاق بين ادعاء الخوف على المصلحة الوطنية العليا بزعم إمكانية ان يفصل الاتفاق بين غزة والضفة، وتمسك آخرون بأن لا أحد يملك حق التوصل لاتفاق إلا عبر بوابة المنظمة "المهترئة".
نجاح الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية و(إسرائيل)، يعطي دلالات واضحة مفادها أن الأخيرة لا تعطي شيئا بالمجان، وفي ذلك رسالة للسلطة التي ما فتأت ترجو الاحتلال للعودة إلى طاولة المفاوضات، بينما المقاومة من خلال ثباتها في وجه الحصار ومن ثم المواجهات العسكرية تمكنت من تحقيق مطالب أهل غزة.
ومن المؤكد أن نتائج الاتفاق ستعود بالإيجاب على حركة حماس التي تقود دفة المقاومة في غزة، إذا أحس الفلسطينيون بعوائده الاقتصادية والسياسية، بعد سنوات طويلة من الحصار، ولذلك تأثير مباشر على عدة ملفات فلسطينية أخرى ستُعطي حماس الأولوية في ظل حيازتها لأوراق قوة عديدة.
وهنا يرى عبد الستار قاسم أستاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح أن السلطة منزعجة للغالية من إمكانية التواصل لاتفاق يحسّن وضع غزة؛ لأن ذلك يضرب كل مخططاتها الساعية لإسقاط حركة حماس.
وأشار إلى أن الرغبة الجامحة لدى السلطة تدعو إلى استمرار الضغط السياسي والحكومي على قطاع غزة، في محاولة لتشجيع سكانها على رفض خيار المقاومة، بدليل محاولات سابقة سعت لزعزعة الاستقرار الأمني في القطاع تحت عدة مسميات وأحداث.
وفي تأثير الاتفاق على مشروع السلطة المعتمد على المفاوضات أولا وأخيرا، أكد أنه سيمثل ضربة قاسية لهذا المشروع، إلا أنه حذر من محاولة السلطة الرد على الاتفاق باتفاق مع (إسرائيل) في ظاهره مصلحة للفلسطينيين، أما مضمونه يحمل الهلاك للقضية الفلسطينية.
أما المحلل السياسي طلال عوكل فقد اتجه إلى أنه من حق السلطة الفلسطينية التخوف من أي اتفاق في ملف قطاع غزة؛ بحكم أنها المسؤولة عن الشأن الفلسطيني وتمثيل الفلسطينيين في كل الاتفاقات، مشيرا إلى وجود أسباب ثانوية أخرى تدفع السلطة لرفض الاتفاق.
وأوضح عوكل أن السلطة تعتبر هذا الاتفاق بمثابة الخروج عن الصف الوطني، بناءً على أن منظمة التحرير هي الممثل الوحيد للفلسطينيين لا يجوز لأحد آخر أخذ موقعها في أي تفاق، إلا أنه استبعد تأثير ما سبق على مجريات الأمور إن كانت هناك إرادة دولية نحو الاتفاق، مع إعطاء دور للسلطة في ذلك.