منذ العدوان (الإسرائيلي) الأخير على قطاع غزة، شكلت المعركة التقنية مع الاحتلال (الإسرائيلي) علامة فارقة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، لما حملته في طياتها من هزيمة نفسية للاحتلال، كان آخرها نشر كتائب القسام شريط فيديو يكشف سيطرتها على طائرة استطلاع من نوع "سكاي لارك1" وإدخالها في خدمة المقاومة.
ويرى محللون أن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام مستمرة في تطوير قدراتها العسكرية والتقنية، لإحراز أهدافها المعلنة وغير المعلنة، التي من أبرزها هزيمة الاحتلال نفسيا وتعزيزها لدى الشعب الفلسطيني.
معركة نوعية
ويقول الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون:" المعركة التقنية نوعية، والأهم أنها جاءت في الفترة الحالية، فإسقاط الطائرة والقدرة على تشغيلها وإدخالها للخدمة يكشف مدى التطور النوعي في الأداء لدى كتائب القسام"، مضيفاً أن مثل هذا التطور يبقى حبيس الأدراج والاطلاع عليه يعد إنجازا كبيراً.
وأكد المدهون أنه سبق الإعلان عن إسقاط طائرة الاستطلاع، إنجازات تقنية للقسام، كان من أبرزها "صناعة طائرة بدون طيار من نوع أبابيل وتم إدخالها للخدمة خلال العدوان الأخير، بالإضافة إلى التقاط صور هامة وحساسة لمواقع عسكرية (إسرائيلية)، إلى جانب الاختراقات الالكترونية والحصول على معلومات وبث الرسائل الالكترونية ورسائل على الهواتف المحمولة لقادة الاحتلال (الإسرائيلي)، وكل ذلك يحسب إنجازا لكتائب القسام وللمقاومة الفلسطينية بشكل عام بحسب المدهون.
ويرى أن المعركة التقنية التي كانت حكرا للاحتلال (الإسرائيلي)، جعلته الآن يعيش مرحلة إرباك بعد أن أثبت الشباب الفلسطيني قدرتهم على السير قدما بخطوات مثمرة في المعركة التقنية.
ويعتقد المدهون أن المقاومة الفلسطينية لها أهداف إعلامية وأخرى نفسية، فأرادت أن ترسل رسائل اطمئنان للشعب الفلسطيني ودفع طاقات الشباب نحو استثمارها بشكل أفضل، بالإضافة إلى إيصال رسالة للاحتلال بأنه يكذب وأن مصداقيته في خطر، خاصة وأنه لم يعلن عن اختفاء الطائرة منذ عدة أسابيع، وبالتالي فضح وكشف حقيقة الاحتلال (الإسرائيلي).
واعتبر المحلل السياسي أنه من المبكر الحديث عن تأثير إسقاط الطائرة على سلاح الجو (الإسرائيلي) وسحب الطائرة من الخدمة العسكرية، لكن المعركة التقنية تعطينا أملا أن نصل إلى هذه المرحلة.
وفيما يتعلق بإمكانيات المقاومة رغم الحصار (الإسرائيلي) المفروض، إلا أنها بحسب المدهون حققت إنجازات كبيرة شاهدناها في العدوان الأخير، ولا تزال القسام تكشف لنا وما تخفيه هو أكبر وأعظم، مبيناً أن هذا الأمر له دلالة واضحة أن هؤلاء الشباب يريدون أن يغيروا بيئة الهزائم إلى بيئة انتصارات.
حرب نفسية
من جانبه أكد مأمون أبو عامر المحلل في الشأن (الإسرائيلي) أن الإعلان عن إسقاط الطائرة يأتي في سياق الحرب النفسية التي تلعبها المقاومة، إضافة إلى جوانب متعددة مثل تكذيب الرواية (الإسرائيلية).
ويرى أبو عامر أن الجانب التقني هو الأهم، ومثار قلق بالنسبة للجانب (الإسرائيلي)، فالمشكلة ليست مثلا بإطلاق الصواريخ لكنها بامتلاك القسام للصواريخ، وامتلاكه لرأس المال الفكري وإنتاج الوسائل القتالية، الأمر الذي جعل الاحتلال يفكر في كيف سيكون شكل الحرب التقنية في حال رفع الحصار عن غزة.
وبين أن الفيديو له دلالة على مصداقية المقاومة، ولا يمكن التشكيك بمعلوماتها، إلى جانب أن لها مؤشرات مهمة على أننا على أعتاب شن هجوم نفسي حتى يشكك الجنود (الإسرائيليون) فيما تقوم به مؤسستهم العسكرية.
واعتبر أبو عامر أن اسقاط الطائرة أو حتى تعطيل قدرتها على المراقبة يجعل العدو مثل الأعمى في الميدان خاصة خلال الحروب البرية، ومضطر لأن يقف للتفكير في التعامل مع المرحلة المقبلة، وهذا الأمر يعود بالإيجاب على المقاومة الفلسطينية.