في جلسة غلب عليها طابع الخلاف، قدم الرئيس محمود عباس استقالته من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إضافة إلى تسعة آخرين من أعضائها.
تلك الخطوة لم تكن بعيدة عن عيون وسائل اعلام الاحتلال الإسرائيلي التي تناقلت الخبر، مشيرة إلى أن الحكومة الإسرائيلية ترحب باستقالة عباس بعد أن سئمت مواقفه بشأن التسوية واتهامه بأنه لم يعد شريكا في عملية السلام.
في المقابل يرى مراقبون أن الاستقالة مجرد خطوة شكلية يهدف منها عباس تلميع شخصيته، وأنها لن تضر بمصالح (إسرائيل) وأهمها استمرار التنسيق الأمني ومواجهة عمليات المقاومة المتزايدة في الضفة الغربية.
الخليفة المناسب
ويرى مراقبون أن عباس يريد التخلص من أزماته السياسية المتزايدة بالهروب إلى الأمام وعدم تحمل ما ستؤول اليه الاوضاع بالضفة في ظل تواصل الممارسات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين بالضفة.
من جهته يشير المحلل الإسرائيلي افي يسسخاروف إلى أن عباس يبحث في الوقت الراهن عن خليفته، مرجحا أن الخليفة المناسب لعباس هو الرئيس السابق لفريق التفاوض مع (إسرائيل) صائب عريقات.
وأوضح يسسخاروف أن رئيس السلطة يستغل الوقت لتعزيز الشخص الذي يود أن يراه خليفة له في نهاية المطاف، وهو عريقات، الذي لا يتمتع بدعم شعبي واسع وربما كان ذلك الحافز لأبو مازن لأن يختار عريقات رئيسا للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، على حد قوله.
ويعتقد المحلل الإسرائيلي أن الاستقرار السياسي داخل حركة فتح قد تضعضع في تلك الفترة ما جعل عباس يخشى على مصيره ومستقبله السياسي، مشيرا في الوقت ذاته أن استمرار بناء المستوطنات وعدم وجود أفق اقتصادي سيؤدي على الأرجح إلى حدوث المزيد من الهجمات ضد الإسرائيليين.
لا تضر مصالح (إسرائيل)
وفي أول تعليق لحركة حماس على استقالة عباس من التنفيذية أكد عضو القيادة السياسية موسى أبو مرزوق بأنها لعبة من محمود عباس لاختيار لجنة تنفيذية على مقاسه وحجة لطرد ياسر عبد ربه من المنظمة، في حين اعتبر النائب عن كتلة حماس بالمجلس التشريعي يحيى موسى الاستقالة مسرحية هزلية وخطوة نحو تعميق الانقسام.
المختص بالشأن الإسرائيلي عمر جعارة من الضفة يرى أنه رغم توقف مفاوضات التسوية بين الطرفين إلا أن (إسرائيل) لا غنى لها عن رئيس السلطة في الوقت الحالي، قائلا: "(إسرائيل) على قناعة بضرورة بقاء السلطة ورئيسها رغم الضعف الذي يعتريها وبالتالي ترى في بقائه واجهزته الأمنية أمرا ضروريا لاسيما في ضوء تزايد عمليات المقاومة في الضفة ضد الإسرائيليين والمستوطنين".
لكن في الوقت ذاته يتوقع جعارة أن يمضي عباس في سيناريو استقالته وبذلك يكون قد انهى مسيرته السياسية وافسح المجال أمام قيادة جديدة، مضيفا: "ربما يخرج عباس خلال الفترة القادمة بخطوة تفاجئ (إسرائيل) كالتهديد بحل السلطة".
ويقول جعارة أن هذا الواقع دفع عددا من المسؤولين الإسرائيليين لمحاولة ثني عباس عن الاستقالة من منصبه حفاظا على مصالحها، وعلى رأسها حماية أمنها وأمن المستوطنين بالضفة من خلال تواصل التنسيق الأمني.
وفي ذات السياق يرى المختص بالشأن الإسرائيلي سعيد مضيه أن عباس غير قادر على ترك منصبه بالسهولة التي يتخيلها البعض، لاسيما وأن الكثير من المصالح المشتركة تربطه مع الاحتلال والدول المجاورة.
ورغم ما سبق فإن الاحتلال الاسرائيلي يدرك جيدا أن استقالة عباس مجرد خطوة لتلميع شخصيته مع تزايد أزماته السياسية وتوقف المفاوضات وعدم اتمام المصالحة مع حماس، قائلا: "(إسرائيل) تشعر بالارتياح مع عباس ولا تريد أن يغادر منصبه كما انها تعتبر خطوة استقالته من التنفيذية شكلية ولن تضر مصالحها في شيء".