رغم مكانتهم المرموقة في المجتمع، إلا أن الطمع أغشى على أعين الاشقاء الثلاثة حينما استدرجوا أبناء عمهم واحتجزوهم داخل إحدى شقق البناية التي يسكنوها، وذلك للتنازل عن نصيبهم من الورثة في بيت جدهم.
بداية القضية كانت حينما تتبع الاشقاء الثلاثة أحد ابناء عمه بعد الانتهاء من صلاة المغرب، وبمجرد أن دخل باب البناية تمكنوا من استدراجه وادخاله رغما عنه إلى احدى الشقق التي يمتلكونها حيث قاموا بالاعتداء عليه بأدوات حادة وبواسطة الكماشة خلعوا له بعضا من اسنانه، ومن ثم وضعوا لاصق على فمه وتم تقييده بمساعدة والدتهم.
أغلق الاخوة الثلاثة الهاتف المحمول لابن عمهم، وحاولوا ارغامه على التنازل عن ورثته، لكنه رفض ذلك، ثم أجبروه الاتصال بشقيقه الذي يقطن في الطابق الذي يعلو الشقة التي يرقد بها، والنزول إلى باب البناية بحجة أنه يريد اعطاءه شيء ما.
بعدما لبى شقيق المحتجز الامر، كان يتربص له أبناء عمه وبمجرد أن وصل لطابقهم شاهد أخيه وهو مكبل، حاول الفرار لكنهم سيطروا عليه وقادوه للشقة المقابلة وقاموا بضربه وحاولوا قلع عينيه كما أفادت التحقيقات.
تدخلات والد المعتدين لم تشفع لأبناء أشقائه، لاسيما وأن أبناءه أصروا على أخذ تنازل عن ورثة أبناء عمهم من البيت ليتمكنوا فيما بعد من بيعه.
وبعد اشتداد العراك بين أبناء العم، نزلت النسوة والرجال من سكان البناية ليروا ما يحدث حيث كاد أحدهم أن يفارق الحياة الى أن جاءت الشرطة، واقتادت كل من في المكان ليتم التحقيق معهم داخل قسم الشرطة، ومنهم أخلي سبيله، واخرون تم تحويلهم إلى النيابة العامة ومن ثم إلى القضاء ليتم معاقبتهم وفقا للقوانين.
ولم يقتصر الأمر على هذه الحادثة، فقبلها بعام قامت والدة المتهمين بالاعتداء على أبناء سلفها وضرب اختهم، لكن الجيران تدخلوا سريعا وأصلحوا فيما بينهما.
اعترف المتهمون بفعلتهم، وحاولوا عقد مصالحة مع أبناء عمهم بواسطة رجال الاصلاح، لكنهم لم يفلحوا، لذا كان لابد للقانون أن يأخذ مجراه، فداخل قاعة المحكمة طالب وكيل النيابة ايقاع أقصى عقوبة ضد المتهمين لأن المعتدى عليهم أصيبوا اصابات بالغة، ولا يوجد تنازل أو مصالحة بين الطرفين.
في حين قال وكيل المدانين: "أرجو من المحكمة النظر إلى صلة القرابة التي تربط الطرفين ببعضهما، وكذلك عدم وجود سوابق للمتهمين، لذلك التمس من العدالة شمول العقوبة مع وقف التنفيذ كي لا يؤثر الحكم على وظائفهم".
من ناحيته نطق القاضي بالحكم قائلا: "باسم الشعب الفلسطيني حكمت المحكمة بعد النظر في حيثيات القضية، بالحكم على المتهمين سنة مع وقف تنفيذ عقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات، وتغريم كل واحد منهم خمسة الاف شيكل أو الحبس ثلاثة أشهر، ومصادرة الادوات المضبوطة".
وصمة عار
وتعقيبا على الملف ذكر الاختصاصي النفسي درداح الشاعر أن الإنسان في حال الانفعال يكون بلا عقل وغير مسيطر على سلوكه، موضحا أن الآدمي إذا تركزت فيه انفعالات الشر والطمع يفقد السيطرة على أعصابه ويصل به الحد للقتل.
وبحسب الشاعر فان الإنسان الطماع لا يرتاح لغاية معينة ويبتعد عن القيم والسلوكيات الطيبة التي يتبناها المجتمع وذلك لأنه بسبب طمعه يصبح مجنونا، لافتا إلى أن علاج تلك الحالات الشريرة يكمن في جعلها عبرة لغيرها من خلال إيقاع أقصى العقوبات القانونية عليها.
وطالب بعدم إبراز قضايا التنكيل باعتبارها أعمالا بطولية إنما السعي لجعلها وصمة عار على جبين كل إنسان، داعيا إلى نشر المحبة والإخاء بين الناس للمحافظة على المجتمع.