يبدو أن قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين لم تكتفِ بتنفيذ اقتحاماتها المتكررة للمسجد الأقصى فحسب، بل تحاول التدخل في شؤون الصلاة والعقيدة الاسلامية، من خلال فرض شروط على المصلين داخل الحرم المقدسي.
ومن الواضح أن الاحتلال يريد تطبيق ما طلبه وزير داخليته جلعاد أردان، من وزير الحرب موشيه يعلون، حول منع النساء الفلسطينيات من الدخول إلى المسجد الأقصى، قبل الساعة الحادية عشر صباحاً، وتحديد مهلة ساعة للرجال لأداء الصلاة فقط، إضافة إلى اعتبار المرابطين والمرابطات "تنظيم غير شرعي".
ووفقاً لصحيفة هآرتس، فإن شرطة الاحتلال تمنع النساء من دخول الأقصى قبل الساعة 11 صباحاً وتسمح لهن بعد هذا الوقت بشرط ترك بطاقتهن الشخصية لدى نقطة كضمان شخصي.
ويجمع مختصون في شؤون القدس، أن الاحتلال يحاول تهيئة الأجواء داخل الأقصى، من أجل توجيه ضربة قاصمة للمرابطين والمرابطات، وفتح المجال للمستوطنين لتنفيذ مزيد من الاقتحامات.
الخبير الفلسطيني في شؤون القدس والمسجد الأقصى د. حسن خاطر، أكد أن الاحتلال يستهدف المرابطين والمرابطات في الأقصى، مشددًا على أن ذلك "استهداف مباشر للصلاة التي هي جزء من العقيدة الإسلامية".
وقال خاطر في حديث لـ "الرسالة": "يريد الاحتلال أن يقحم نفسه في العبادة واستهداف المصلين والمعتقدات الاسلامية"، معتبراً ذلك "تجاوزاً خطيراً ويجب الدفاع عنه".
وأضاف " هذه الاجراءات التي يتبعها الاحتلال هي سياسة مدروسة وموضوعة مسبقاً؛ وهو الآن بدأ في تنفيذها فعلياً"، معتبراً إياه "تطوراً خطيراً غير مسبوق".
وطالب، الفصائل والقيادة الفلسطينية بضرورة الرد على هذه السياسات "الخطيرة" التي يتبعها الاحتلال، موضحاً أن الاحتلال يسعى إلى منع اندلاع انتفاضة داخل الاقصى رداً على اجراءاته التعسفية.
وأشار خاطر إلى أن تلك الاجراءات تأتي استكمالا لمساعي الاحتلال بفرض التقسيم الزماني والمكاني على المسجد الأقصى الذي بدأ بتنفيذه فعلياً عام 2010م، في حين يحاول تهيئة الأجواء من أجل تنفيذ اقتحامات بدون أي تصدي من المرابطين.
ثلاثة سيناريوهات
ويحاول الاحتلال تطبيق عدة سيناريوهات في المسجد الأقصى، خاصة بعد تلك القرارات "التعسفية"، وهذا ما أكده ناجح بكيرات رئيس قسم المخطوطات والتراث بالمسجد الأقصى.
بكيرات بيّن لـ "الرسالة" السيناريوهات التي يراد تطبيقها، وتتلخص في محاولة الاحتلال تجفيف وجود المواطنين داخل باحات الاقصى، من خلال منع المرابطين من دخوله، والسماح لقطعان المستوطنين بالدخول لتنفيذ طقوسهم الدينية.
وشدد على أن الاحتلال يجرّم كل من يدافع عن الاقصى، ويعتبره خارجاً عن القانون.
وفي تصريحات سابقة لأردان زعم فيها أن هذه المنظمات والمرابطين يعيقون تحركات وزيارات المستوطنين للأقصى، لذلك يعتبرهم "منظمات غير شرعية".
وعقّب بكيرات على ذلك من خلال السيناريو الثاني الذي يؤكد فيه مدى إدراك أردان ويعلون لخطورة الوجود المقدسي، وهذا ما دفع الأخيرة لإصدار قرارات "خطيرة" منها معلن وغير معلن لتهويد الاقصى.
أما السيناريو الثالث، فإنه يتلخص بمدى ادراك يعلون بحجم الصراع الدائر حول قضية المسجد الأقصى والمصلين، لذلك أصبح يطبق قوانين "مجحفة" من شأنها تضييق الخناق على المرابطين والمرابطات.
وأكد أن الشروط التي وضعها الاحتلال على المرابطات والمرابطين، تأتي استكمالا لمسلسل التقسيم الزماني والمكاني، مشدداً على أن المجتمع المقدسي لن يقبل بذلك وسيواجه تلك الاجراءات بكل قوة.
ويبقى المسجد الأقصى رهينة الاعتداءات والاقتحامات اليومية التي ينفذها قطعان المستوطنين، دون أن تحرك عربي أو دولي، لحمايته.