قائد الطوفان قائد الطوفان

حماس المتدينين اليهود لاستخدام النووي ضد العرب

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

د. صالح النعامي

 

نظراً لأن (إسرائيل) تعتبر رابع قوة نووية في العالم بعد الولايات المتحدة وروسيا الاتحادية والصين، فإن هناك أهمية كبرى لتأثير التيار الديني الصهيوني على دائرة صنع القرار في (إسرائيل)، عندما يتعلق الأمر بالوسائل العسكرية التي تستخدم لحسم الحروب.

 وقد أبدت الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر أوثق حلفاء الدولة العبرية، قلقاً كبيراً من إمكانية دفع التيار الديني دوائر صنع القرار فيها لاستخدام السلاح النووي في حروبها ضد محيطها العربي.

 وقد قام برنامج البحوث الدفاعية التابع لوزارة الدفاع الأمريكية بتمويل دراسة عن تأثير تنامي ظاهرة التطرف الديني في (إسرائيل) خلال التسعينات من القرن الماضي وتأثيراتها الاستراتيجية.

 وخلصت الدراسة إلى نتيجة مفادها أنه إذا ما قدر لأتباع التيار الديني أن يستحوذوا على السلطة في (إسرائيل) فإن هذا سيشكل تحدياً هائلاً للمصالح الأمريكية؛ حيث إن (إسرائيل) في هذه الحالة سترفض الحلول السلمية للصراع بدوافع عقائدية؛ وهي لن تتردد في استخدام السلاح النووي في حسم الصراعات، مما يجعل خطرها لا يقل عن خطر الثورة الإسلامية في إيران.

 وتحذر الدراسة من أن سيطرة التيار الديني الصهيوني على مقاليد الحكم في (إسرائيل) سيؤدي إلى نشوب حرب دينية على غرار حرب الثلاثين عاماً (1618-1648) التي دارت رحاها في أوروبا؛ حيث لا تستبعد الدراسة أن تكون هذه الحرب نووية.

إن التيار الديني الصهيوني معني تماماً بإشعال حرب دينية في المنطقة عبر حرص تنظيماته على استهداف الأماكن المقدسة للمسلمين على وجه الخصوص، لإدراكه أن استهداف هذه الأماكن يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب إقليمية تقضي على أي فرصة لتسوية الصراع بالوسائل السلمية من جهة، وتزيد من فرص استخدام (إسرائيل) لمخزونها من السلاح النووي ضد العرب، مما يؤدي إلى "قهر" الرغبة العربية في مواجهة (إسرائيل) مستقبلاً.

وبإمكان التيار الديني الصهيوني التأثير على خيار استخدام السلاح النووي في الحروب ضد العرب، حتى مع إدراك (إسرائيل) أن العرب لم يطورا بعد أسلحة نووية، من خلال آليتين أساسيتين، وهما:

أولاً: التأثير البارز لهذا التيار على دائرة صنع القرار السياسي بشكل مباشر من خلال مشاركة ممثلي أحزاب هذا التيار في الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وازدياد هذا التأثير نظراً للعب هذه الأحزاب دور بيضة القبان لدى تشكيل الحكومات الإسرائيلية.

 وقد عبر الحاخام ميخائيل بن آرييه النائب عن حزب "الاتحاد الوطني" اليميني الديني المتطرف عن ضرورة عدم استبعاد استخدام السلاح النووي ليس فقط في مواجهة الدول العربية ذات الجيوش الكبيرة، بل أيضاً في مواجهة حركات المقاومة ذات القدرات العسكرية المحدودة، مقارنة ب(إسرائيل).

 وقد اعتبرت بعض النخب المتدينة أن امتلاك (إسرائيل) أسلحة نووية يضمن لها خوض الحروب وتحقيق انتصارات فيها، حيث قال الجنرال آفي إيتام، الذي تولى قيادة حزب "المفدال" الديني القومي عام 2001، أنه يتوجب على (إسرائيل) عدم استبعاد خيار شن الحروب على الدولة العربية من أجل ردعها عن المغامرة بالاعتداء على (إسرائيل) أو غض الطرف أي جهة تحاول الاعتداء على (إسرائيل) انطلاقاً من أراضي هذه الدولة.

 وقال: "يدرك العرب أن لدينا من السلاح ما هو قادر على تحويل عواصم العرب إلى مجرد ركام ويضمن القضاء على الأمة العربية، ويرجعها إلى حقب تاريخية سحيقة".

ثانياً: تأثير النخب العسكرية المتدينة التي باتت تلعب دوراً حاسماً في بلورة التقديرات الإستراتيجية التي على أساسها تتخذ الحكومات الإسرائيلية القرارات الإستراتيجية الهامة.

 فعلى سبيل المثال تعتبر شعبة الاستخبارات العسكرية، أكبر الأجهزة الاستخبارية في إسرائيل، كما أن أهم قسم في هذه الشعبة هو "لواء الأبحاث"، وهو المسؤول عن بلورة التقديرات الإستراتيجية لصناع القرار.

 وقد حذر وزير التعليم الإسرائيلي الأسبق يوسي ساريد من أن هناك علاقة وثيقة بين طابع التقديرات الإستراتيجية التي يعدها "لواء الأبحاث"، وبين تدين كبار الضباط العاملين في هذا اللواء.

 وقد أوضح ساريد أنه بمجرد أن تولى الجنرال يعكوف عامي درور، أحد أتباع التيار الديني الصهيوني قيادة اللواء، فإن التقديرات الصادرة عنه أصبحت تركز على التشكيك في رغبة الأطراف العربية في التسوية، وتشدد على أنه من الأفضل لـ(إسرائيل) الاستثمار في مجال تعاظم قوتها العسكرية على حساب الرهان على عقد تسويات مع العالم العربي، علاوة على أن التوصيات الصادرة عن درور ركزت على "العوائد الإيجابية" لاستخدام العنف ضد الفلسطينيين والعرب.

 يمكن القول إن ساريد الذي كان يطلع على المواد السرية كان يعي الطابع الإشكالي للتوصيات التي كان يقدمها درور، وهو ما جعله يدرك الفرق الكبير الذي طرأ على التقييمات الصادرة عن لواء الأبحاث لمجرد أن تولى قيادته جنرال متدين.

ويعشش في أذهان أتباع الصهيونية الدينية افتراض مفاده أن استخدام السلاح النووي ضد العرب يفتح نافذة فرصة أمام تحقيق النبوءات التوراتية.

 ويستدل من التحقيقات التي أجراها جهاز المخابرات الإسرائيلي الداخلي "الشاباك" مع أحد عناصر التيار الديني الصهيوني الذي اعترف بالتخطيط لتدمير المسجد الأقصى أن هناك علاقة وثيقة بين التخطيط لتفجير الأقصى وبين سعي التيار الديني الصهيوني لتوفير الظروف أمام نزول المسيح المخلص.

 وحسب ما جاء على لسان هذا العنصر فإن مخططي محاولة تفجير الحرم القدسي الشريف افترضوا أن تدمير الحرم القدسي سيثير مئات الملايين من المسلمين في جميع أرجاء العالم، وستؤدي ردة فعلهم إلى حرب قد تتطور إلى حرب عالمية، بحيث يكون عدد الضحايا في هذه الحرب هائلاً للغاية بسبب استخدام (إسرائيل) السلاح النووي، وأن مثل "هذه الحرب تحديداً ستدعم عملية انقاذ اليهود وتخلصهم من خطاياهم، بعد أن يتم القضاء على المسلمين، مما يعني أن كل شئ سيكون معداً لقدوم المسيح المنتظر".

البث المباشر