أكدّ أسامة حمدان مسؤول العلاقات الخارجية بحركة حماس، أن (إسرائيل) هي التي عرقلت جهود طوني بلير مبعوث الرباعية الدولية السابق، الرامية لابرام اتفاق تهدئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال، محملًا إياها المسؤولية الكاملة عن تداعيات هذا الموقف.
وقال حمدان في حديث خاص بــ"الرسالة نت"، إن هناك محاولات جرت من الاحتلال وأطراف فلسطينية، بغرض عرقلة هذا الجهد والالتفاف عليه، مشيرًا إلى أن التحركات التي جرت في الساحة الفلسطينية من تعديل الحكومة وعقد المجلس الوطني، هي جزء من عملية العرقلة لهذه الجهود.
وكشف أن جهود بلير قد قطعت شوطًا مهمًا، إلّا أنها مرتبطة بموافقة الطرف الاسرائيلي، مؤكدًا أن حركته وفرت كل ما من شأنه انجاح هذه الجهود في الوقت الذي لم يتجاوب معه الاحتلال، حيث أن الكرة في ملعبه الان.
وبيّن حمدان أن حركته لم تبلغ لهذه اللحظة بموقف رسمي من بلير حول فشل جهوده، ولكن في الوقت ذاته لم يأت بنتائج يمكن عرضها أو الحديث بشأنها، مشددًا على أن نجاح مهمته مرهون بما يحققه من نتائج.
نعول على النتائج
ونوه حمدان بأن الحركة لا ترغب بإبقاء الأمور معلقة، ولن توهم نفسها، سيما وأنه لا يوجد في الأفق القريب بوادر تشي بامكانية تغير الموقف الاسرائيلي، وأن الحركة لا تعلم إن كان بلير سينجح في تحقيق اختراق في الموقف الاسرائيلي ويعود حاملًا موقفًا جديدًا أم لا.
وأكدّ أن حركته تعول على النتائج وليس التوقعات، وأنها لن تقدم تنازلات وإن لم يتم التجاوب مع ما طرحته فلن تتحقق المصلحة المرجوة من وراء هذه الجهود.
وتابع حمدان لـ"الرسالة نت" " تعاملنا بموضوعية ومنطقية مع هذه المبادرة، ضمن رؤية شاملة لا تخص حماس وحدها بل من منطلق مصلحة الشعب برمته، من موقع أن الحركة مؤتمنة على هذه القضية، وعلى قاعدة ضرورة بذل كل جهد ممكن لتحقيق هذه المصلحة.
وأشار إلى أن الحركة ستواصل جهدها من اجل انهاء الحصار، "بغض النظر عن الاتهامات التي نسجها البعض سواء كان بسوء نية او سوء فهم أو سوء تقدير وفق تعبيره.
وحول مصير الوساطات الدولية الأخرى، قال حمدان إن (الاسرائيليين) موقفهم متعنت ازاء كل هذه الجهود"، موضحا انه لا يزال يتعامل بمنطق استمرار الحصار.
(إسرائيل) وجهات فلسطينية عرقلت مساعي بلير للتهدئة ولم نصل لنتائج مرجوة
وأكد أن الاحتلال لم يحترم تفويضه لبلير، وسرعان ما انقلب عليه، فلا مجال للمقارنة بين مصداقيته ومصداقية المقاومة او اي طرف عربي ودولي.
وفسرّ تعنت الاحتلال، بعجزه الحصول على أثمان سياسية لقاء هذا الجهد، إذ أنه عندما فشل في الحصول على ما يريد عاد إلى سياسته القديمة الرامية لتشديد الحصار على غزة.
وقال القيادي بحماس لـ"الرسالة نت" إن الحركة بحثت مبادرة بلير ضمن رؤية شاملة، وليس نقاطًا منفردة، والامر يتعلق بالاحتلال في مدى تجاوبه مع هذه المبادرة.
وبحسب حمدان فإن هناك أطراف حاولت تضخيم جهد بلير من بينهم الاحتلال الذي علق امالا معينة على هذه الجهود.
وقال إنّ الحركة تعاملت مع المبادرة ضمن رؤية واضحة تهدف لاستكمال تنفيذ بنود اتفاق التهدئة الذي نص على وقف العمليات القتالية وإنهاء الحصار عبر فتح المعابر والبند الثالث المتعلق بعملية الاعمار، فلم تحقر الجهد وفي الوقت ذاته لم تبالغ فيه.
لن نوهم أنفسنا بجهود بلير ولن نسمح بإبقاء الأمور معلقة
وأشار إلى أن عدم استكمال الوسيط المصري أو الفريق الفلسطيني الذي تم تشكيله للتفاوض دوره في متابعة تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار فرض على حماس أن تتابع هذا الموضوع مع الاطراف الدولية لرفع الحصار وتجاوز مرحلة تحويل الاعمار لشكل جديد من اشكال الحصار، أو محاولة وضع عوائق تجاه عملية الاعمار من قبل المجتمع الدولي.
وأضاف حمدان أن الحركة فضلت منذ البداية أن يأتي وقف اطلاق النار ضمن جهد وطني مشترك، من خلال تشكيل وفد وطني يضم جميع الفصائل، بغض النظر عن التساؤلات التي أثيرت آنذاك حول آلية تشكيل الوفد، ومحاولة البعض تكريس الانقسام آنذاك عبر فشل الحكومة وعجزها.
وأكدّ ان حماس تجاوبت مع مساعي بلير لتجاوز هذا الواقع المفروض على الشعب، لافتًا إلى ان الرجل أبلغهم بتجاوب المصريين مع طرحه، ولم تجد الحركة من القاهرة اعتراضًا صريحًا على جهود الرجل.
حماس والمفاوضات السياسية
وفي سياق متصل، نفى رئيس العلاقات الخارجية بحماس ان يكون بلير قد عرض مشروعًا أو فكرة سياسية على الحركة، مشيرا إلى أن دعوته لرئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل لزيارة لندن، قد تعاملت الحركة معها بوعي شديد.
وقال حمدان لا يمكن أن نخطو خطوات استباقية قبل تحقيق انهاء الحصار، وبعد رفعه يمكن الحديث عن خطوات ذات طابع سياسي، ولا يمكن اجراء زيارات ذات مضمون سياسي دون أن نشعر بجدية حقيقية في انهاء الحصار واطلاق عملية الاعمار واستكمال تنفيذ اتفاق النار.
وشدد على أن حركته لا يمكنها الاعتراف بـ(إسرائيل) وتقديم تنازلات في ثوابتها ومبادئها الوطنية، ضمن اي حديث سياسي مؤكدًا أن الحركة لا تمانع البحث السياسي في القضية على اطلاقه، ولكن " الأهم ما هي شروط البحث وكيف يتم ومع من وما هي اهدافه، فهي اسئلة مهمة تحتاج إلى نقاش، وينبغي أن تتم ضمن ظروف ومعطيات محددة".
بلير لم يخبرنا رسميًا بفشل جهوده، والكرة في الملعب الاسرائيلي
وبشأن الاتهامات التي تعرضت لها الحركة بدعوى انها تقدم على اتفاق أوسلو2، اعتبر حمدان أن هذا الامر من نسج خيال بعض المتوهمين، الذي يملكون عقلية مريضة، والهدف منها ايجاد مبرر لتنازلاتهم السياسية والادعاء بأنه لا طرف افضل من الآخر، ويعتقدون أن حماس يمكن ان تنحرف الى منزلقهم.
واضاف حمدان لـ"الرسالة نت" "ينبغي أن تشكر الحركة على قيامها بواجبها، لا أن يضعها البعض في موقف تشكيك واتهام ويزايد عليها، تحت حجج وذرائع واهية وواهمة".
كما نفى التطرق لربط مباحثات التهدئة مع مباحثات الأسرى، لأن الاخيرة لها مسارها الخاص والمستقل، مرحبًا في الوقت ذاته باي جهد دولي حول هذا الصدد لكن وفقًا لمعايير المقاومة وليس معايير الاحتلال، مشددًا على أن الحركة قادرة على تحقيق نجاح قادم في انجاز صفقة الأسرى، اعتمادًا على تجربتها السابقة في مفاوضات وفاء الاحرار وقدرتها على تنفيذ اختراق في هذا الملف.
المجلس الوطني
وحول خطوة عقد جلسة الوطني الفلسطيني، أكدّ حمدان أن أي خطوة حول هذا الصدد دون توافق وطني، هو أمر بائس، الهدف منه فرض امر واقع ، والأسوأ من ذلك القفز عن الجهود التي بذلت من أجل المصالحة وترتيب البيت الفلسطيني، بغرض تحقيق أطماع شخصية لا تخدم القضية الفلسطينية.
ويشار إلى أنه تم تأجيل عقد جلسة المجلس الوطني وتحويلها إلى جلسة عادية، بعد أن تم تحديد منتصف الشهر الجاري لعقدها، كما يجدر التنويه إلى أنه تم إجراء الحوار مع القيادي أسامة حمدان قبل قرار التأجيل المذكور.
وقال إنه تم الاتفاق على اعادة بناء المجلس الوطني من خلال قيادة منتخبة، مشيرًا إلى أن القيادة الراهنة تسعى لفرض قيادة غير منتخبة ولا تمثل الشارع الفلسطيني، خاصة بعد تعطيل عباس لعقد الاطار القيادي.
نرحب بأي جهد دولي بشأن مباحثات الاسرى لكن ضمن معطياتنا الخاصة
وأكدّ حمدان لـ"الرسالة نت" أن حركته لن تتعامل مع أي منتج سيتمخض عن جلسات مجلس وطني لا يحظى على الاجماع الفلسطيني، وبالتالي من حقنا كقوي سياسية وفاعلة ان نقرر عدم الاعتراف بشرعيتها.
وبيّن أن الحل يمكن في تأجيل انعقاد المجلس الوطني في اطار تفاهم وطني وليس ضمن قرار فردي يفرضه شخص بعينه، والعمل على عقد المرجعية الوطنية الفلسطينية وتشكيل لجنة تنبثق عنها لاعادة بناء المجلس الوطني في سياق توافقي، يفضي بعقد جلسة في حلة جديدة وشكل جديد يكون مقبولًا للجميع، أما التفرد فلن يكون مقبولًا.
وقال إن صائب عريقات ممثل عباس سمع كلامًا واضحًا من رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل اثناء لقائهما في الدوحة، حول موقف الحركة، واظن ان ما سمعه كان كافيًا لتصله رسالة واضحة حول موقف الحركة، وهو موقف عبرت به عن مزاج المقاومة بشكل عام.
اختطاف الشبان الاربعة
وبشأن الاتصالات مع مصر حول اختفاء الشبان الأربعة، أكدّ حمدان ان هؤلاء الشبان في عهدة الدولة المصرية، وهي تتحمل المسؤولية القانونية والامنية تجاههم، لأنهم دخلوا البلاد بشكل رسمي.
وقال إن الاتصالات لا تزال جارية ولن نفقد الامل أو نكل في مواصلة الجهد، للافراج عنهم، متسائلًا عن هدف العملية " هل هي رسالة بخطورة العبور عبر معبر رفح، فعليكم ان تبذلوا دورًا في الأمن؟!".
الاتصالات مستمرة مع مصر بشأن اختفاء الشبان الاربعة
وعلى نحو متصل، أشار إلى أن الامور تسير على نحو مرض في علاقة حركته بالسعودية، وأن حماس تتابع الأمر بغرض ترسيخ العلاقة، وأشار إلى ان الحركة منفتحة في ادارة علاقاتها السياسية مع المملكة وغيرها من الدول العربية.