يشهد المسجد الأقصى لليوم الثالث أحداثا غير مسبوقة منذ عام 1969، تتمثل في اقتحام جنود الاحتلال الإسرائيلي باحات الحرم القدسي، واعتلاء أسطحه، واستخدام الرصاص المطاطي والغازات المدمعة، وإخلاء الحرم من المصلين والمعتكفين فيه، والسماح لأعداد كبيرة من المستوطنين بدخوله، وإصابة وجرح عشرات الفلسطينيين داخله، فضلا عن إغلاق الطرق المؤدية إليه.
مقابل ذلك، لم تعد الصرخات أو التنديدات الخجولة التي ترد من هنا وهناك، أو الدعوة إلى احترام المقدسات والتوقف عن استفزاز المسلمين؛ قادرة على إيقاف الانتهاكات تجاه الأقصى، وتثير تساؤلات من قبيل: متى يفيق العرب؟ ومتى يتحرك قادة العالم الإسلامي؟ ومتى تصحو الجامعة العربية؟ ومتى تستيقظ منظمة التعاون الإسلامي من غفلتها؟ ومتى تهب الشعوب لنصرة الأقصى؟
ما المطلوب من العرب والمسلمين تجاه الأقصى؟ وهل بات العرب بعيدين عن القضية الفلسطينية؟ ولماذا؟
وقد استطلعت الجزيرة نت آراء بعض الكتاب المتابعين لمسار هذه الأزمة، نعرضها في ما يلي:
فارس الخطاب أكاديمي وإعلامي عراقي
إن ما يتعرض له الأقصى من تدنيس واعتداء سافر وواضح من قبل القوات الصهيونية يمثل في حقيقة الأمر صورة مؤلمة لما آلت إليه أمور الأمة الإسلامية ومن قبلها الأمة العربية التي كانت قضية فلسطين عموما ، والأقصى خصوصا ، تعني قضية وجود ، قضية مرتبطة بالوجدان والإيمان ، وكانت لا تنزل عن مكانتها كقضية مركزية للأمتين . لكن ما جرى للعرب والمسلمين من عمليات ترويض مبرمجة من قبل الدوائر الصهيونية وما يرتبط بها من دوائر صنع القرار وماكنات الإعلام والاقتصاد الدولي منذ فترة طويلة تجاوزت العقدان من الزمن مارس فيها كل من الإعلام والاقتصاد دورا رئيسا في جعل المشاكل والأزمات المحلية تطفو على سطح الاهتمام الإسلامي والعربي حتى بات الهم الوطني ثم الهم الفئوي فالشخصي هي الشاغل الرئيس للناس ، كما أن النظام العربي الرسمي مارس دورا كبيرا في جعل قضية فلسطين والأقصى مغيبة عن المشهد الوطني من خلال التركيز على قضايا وطنية دون الاكتراث الرسمي لما يجري في المدينة المقدسة من عمليات تدنيس وتهديم وتهويد .
إن العرب في حقيقة أمرهم يعيشون فلسطين وكانت إلى عقدين من الزمن تعيش بهم ، لكن عمليات ترويض المواطن العربي من خلال سياسيات إعلامية مكثفة ومبرمجة لفترات محسوبة بدقة ، عبر بوابات أحداث عربية متنوعة كمآسي احتلال العراق والأوضاع المؤلمة التي سببها النظام في سوريا والفوضى التي تعم أكبر دولنا العربية (مصر) والتمزق الليبي وأخيرا محاولات التقرب الإيراني في اليمن .. وهي كلها دول ممانعة تعارض وتتعرّض المشروع الصهيوني في المنطقة وفي فلسطين تحديدا ، وقد تمت إدارة ملفات هذه الدول وما آلت إليه قياداتها أو شعوبها بشكل حرفي متقن ليجعل العرب وربما المسلمين يفقدون الثقة بقدرة دولهم على المواجهة وأن (إسرائيل) أمر واقع يجب التعايش معه .
إن تكرار مشاهد الدم والدمار في دول عربية عدة مضافة إلى مشاهد القتل الجماعي وبأسلحة ذات قدرات تدميرية هائلة في حروب غزة ن كانت جزءا من عمليات الترويض التي أدت في نهاية المطاف إلى قتل روح الغيرة على المقدسات والأوطان ، ومع تلك المشاهد ، أضافوا للمواطن العربي هما كبيرا يعايشه يوميا ويتحسب لتداعياته مستقبلا ؛ ذاك هو الأوضاع الاقتصادية القلقة وعدم وجود الضمان الوظيفي والتكافل الاجتماعي الكافي ليتحرر عقله وقلبه صوب القضايا الوجدانية الأكبر .. شغلوا الجميع بهموم مباشرة وتفرغوا هم لتنفيذ ما خططوا له متيقنين من ضآلة ومحدودية ردود الفعل
نزار السامرائي مستشار المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية
حافظ المسجد الأقصى على مكانة خاصة في الوجدان العربي والإسلامي على مر القرون، ولم يفقد شيئا من ألقه حتى بعد أن أبدل الله رسوله الكريم محمد بن عبد الله صلى الله وسلم والمسلمين قبلتهم منه إلى الكعبة المشرفة، بل حافظ على اسمه "أولى القبلتين وثالث الحرمين" والتي لا يشد الرحال إلا إليها، فهو مسرى النبي ومعراجه.
في 21 آب/ أغسطس 1969 أحرق صهيوني أسترالي اسمه مايكل دينس روهن المسجد الأقصى، وفجر الحادث ثورة غضب عربية وإسلامية، وعلى الرغم من أن سلطة الاحتلال الإسرائيلي فسرت الحادث بأنه من فعل مريض نفسيا، إلا أن وقوع الجريمة بعد سنتين من حرب حزيران 1967 وهزيمة ثلاث دول عربية فيها، أعطت انطباعا لدى المراقب بأنها تجسيد لخطة إسرائيلية طويلة الأمد للسيطرة على الحرم القدسي تحت لافتة أن للمنطقة قدسية عند اليهود تفوق ما للمسلمين فيها.
ربما جاءت الجريمة كبالون اختبار لردود الفعل العربية والإسلامية على خطة السطو على واحد من بين أهم مقدساتهم، لكن الواقع يؤكد أن الفلسطينيين الذين فقدوا بلدهم استنادا إلى أساطير تلموديه تريد توظيف تاريخ مشكوك في صفحاته لإحداث تغييرات جغرافية ستكون لاحقا أهم بؤرة للتوتر في العالم، هؤلاء الفلسطينيون يراد منهم أن يدافعوا عن مقدسات العرب المسلمين لوحدهم بعد أن تنصل العرب عن مسؤولياتهم الدينية والقومية والأخلاقية وتنكروا لمعاهدة الدفاع العربي المشترك، وإذا نفد زاد الفلسطينيين لطول الطريق، سنرى سهاما غير منصفة تكيل لهم الاتهامات بأنهم لم يدافعوا عن المقدسات، وكأن هذا واجبهم لوحدهم.
أدى حريق الأقصى 1969 في واحدة من نتائجه إلى تأسيس منظمة المؤتمر الإسلامي "منظمة التعاون الإسلامي لاحقا" وما قامت به إسرائيل من خطوات تنفذ على مراحل لقضم الأقصى من أجل تجنب ردود الفعل العربية والإسلامية والدولية، ولترويض العالم على قبول خطوات التهويد المرحلي وبالقوة المسلحة.
وعلى الرغم من أن ردود الفعل تبقى فورة لدفع الحرج تطلق على استحياء سرعان ما تتكسر أمواجها على شواطئ انعدام الذاكرة الرسمية العربية، فإن الصمت الرسمي العربي هو الذي أغرى إسرائيل بالمضي في خطواتها من دون أن تلتفت إلى الوراء، خاصة إذا ما استذكرنا أن الحاجز النفسي وجدار الكراهية بين دولة إسرائيل والنظام الرسمي العربي قد تم تحطيمهما بعد زيارة الرئيس المصري الأسبق أنور السادات إلى فلسطين المحتلة، فتم افتتاح المشاركة العربية في ماراثون القبول بإسرائيل كأمر واقع، وكل هذا يحصل بعد كل ما نفذته إسرائيل من خطوات متصلة لتهويد القدس ومصادرة الأقصى، فهل نتوقع شيئا من النظام الرسمي العربي وهو العاجز عن ردع إسرائيل كل هذا الوقت؟
فما هو المطلوب والممكن لوضع حد للمخطط الإسرائيلي؟
1– قطع كل العلاقات السرية والعلنية مع إسرائيل اقتصاديا ودبلوماسيا.
2 – التحرك على مستوى الدول الإسلامية لممارسة الضغط على إسرائيل وإشعارها بأن الأقصى ليس قضية فلسطينية ولا عربية فقط وإنما هو قضية إسلامية.
3 – التحرك على مستوى دول العالم كافة وخاصة الكبرى منها وكذلك الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية لممارسة أكبر ضغط على إسرائيل لردعها عن مواصلة عدوانها على مراكز العبادة ومقدسات الديانات الأخرى.
فهل تكفي كل هذه الخطوات لإيقاف المخطط الإسرائيلي عند هذا الحد؟ أم هناك تدابير على الفلسطينيين القيام بها؟
لقد دفع الفلسطينيون دماء غزيرة دفاعا عن مقدسات مليار ونصف مليار مسلم فهل من حقنا أن نحملهم أوزارا أخرى؟
محمد المختار الشنقيطي باحث وشاعر
أعتقد أن التعويل على جامعة الدول العربية أو منظمة التضامن الإسلامي، مضيعة للوقت وتفريط في القضية. فقد اعتاد الإسرائيليون على التنديدات والتهديدات اللفظية، وهي ليست رادعا لهم، بل ربما جرأتهم أكثر، لعلمهم أنها تنفيس للسخط الشعبي، وتعويض عن الموقف العملي المؤثر. لقد بلغ الهوان أن جيش أكبر دولة عربية -كانت في الزمن الخالي معقد الآمال في تحرير فلسطين- ينحصر شغلُه الشاغل وهمُّه الأهم اليوم في إحكام الحصار على مدينة غزة الفلسطينية خدمة للصهاينة. فما يحدث للأقصى عرَض للمرض الذي سرى في جسد الأمة، مرض الانشغال باغتيال ثورات الشعوب، واستنزاف الذات في الحروب الطائفية العبثية التي أشعلت إيران فتيلها في مكان. وما لم يتعاف الجسد العربي المثخن بجراح الثورة المضادة والحروب الطائفية، فلن يرتدع الصهاينة –وظهيرُهم الأميركي- عن اقتحام الأقصى، الذي لا يعدو أن يكون تسللا في جنح الليل العربي البهيم، على حد قول الشاعر الأردني يوسف العظم:
شظية عمياء من حاقـــــــــــــد ورمية من ساعد المجرمِ
قد أُطلقت هوجاء في غفلة وحُلكة من ليلنا المظلمِ
أعتقد أننا بحاجة إلى مسارين: فعلى المدى القصير على القوى الشعبية العربية أن تنزل للشوارع، وتُحرج الحكام المتخاذلين عن نصرة الأقصى، بفرض إغلاق السفارات الصهيونية في الدول العربية، ومحاصرة سفارات الدول الداعمة لهذا الكيان في اعتصامات دائمة، حتى تبلِّغ رسالة سياسية قوية للجميع. أما على المستوى الاستراتيجي طويل المدى فإن مفتاح إنقاذ الأقصى وتحرير فلسطين أمران، داخلي وخارجي: فالداخلي هو اختراق جبهة الثورة المضادة وصدُّ الصائل الإيراني، تمهيدا لتحرير إرادة الشعوب.
والخارجي هو تحويل إسرائيل عبئا على يهود العالم، وتحويل يهود العالم عبئا على مجتمعاتهم. ولن يكون ذلك إلا بتوسيع دائرة الصراع بشريا وجغرافيا. فالصهيونية ظاهرة كونية، ممتدة الأذرع في كل أنحاء العالم عبر الجاليات اليهودية، وأي مواجهة موضعية معها لا تغني شيئا. فلن تتم هزيمة الصهاينة إلا عبر مواجهة كونية، تطاردهم في كل مكان، وتجعل العالم كله مسرحا للصراع معهم.
إبراهيم حمامي، كاتب ومحلل سياسي فلسطيني
يتعرض المسجد الأقصى هذه الأيام لهجمة هي الأعنف منذ محاولة احراقه في العام 1969، بغرض تقسيمه زمانياً ومكانياً بين المسلمين واليهود.
ورغم شراسة تلك الهجمة إلا أن ردود الفعل لم تكن بقوة وخطورة ما يتعرض له الأقصى.
الفلسطينيون الذين هبوا بانتفاضة استمرت لسنوات لمجرد دخول شارون لساحات المسجد في العام 2000 يمنعون من التضامن مع الأقصى في الضفة الغربية حتى ولو بالمسيرات وخطب الشجب والاستنكار وما أحداث جنين في 15/09/2015 إلا دليل على ذلك، يومها أصيب ستة برصاص الاحتلال في القدس وستة برصاص الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة في جنين.
الموقف الرسمي العربي افتقد حتى لعبارات الشجب والاستنكار والتنديد والادانة، هو موقف المتفرج إن لم يكن موقف المقر لما يجري هناك، لا اجتماعات للجامعة العربية التي أصبحت أداة طيعة في يد العسكر بمصر، ولا بيانات من وزراء الخارجية ولا أي فعالية من أي نوع!
الشعوب العربية بدورها ملهية بمشاكلها الداخلية والتي جعلت من قضية فلسطين بشكل عام والأقصى بشكل خاص قضية ليست ذات أولوية لهم وسط تسلط أنظمة قمعية لا تتورع عن سفك الدماء وتدمير البلاد.
حتى التغطية الاعلامية على القنوات الاخبارية الكبرى تراجعت لتصبح خبراً عابراً يحتل المرتبة الخامسة أو السادسة بعد أخبار سوريا واليمن وليبيا واللاجئين إلى أوروبا.
الوضع في الأقصى يزداد تعقيداً والمواجهات هناك تتصاعد مع المقدسيين الذين يقفون وحدهم دون مساند أو داعم. الأقصى اليوم وحده في وجهة الهجمة الشرسة.
لا نشك أن قضية فلسطين والأقصى هي في قلب كل عربي ومسلم وحر محب للعدالة، لكن متى يتغير الوضع ومتى تتحرك الشعوب العربية والاسلامية نصرة للمسجد الأقصى؟
لن يكون ذلك إلا بتحرر تلك الشعوب أولاً من احتلالها الداخلي المتمثل في الأنظمة المستبدة، عندها يمكن لتلك الشعوب أن تساند وتتضامن وتدعم وتشارك في معركة التحرير الكبرى.
وكما قال عنترة يوماً عندما طُلب منه أن يقاتل ويكر وهو عبد "وهل يكر العبد؟"
مهنا الحبيل كاتب وباحث إسلامي
مسار الاعتداءات الأخيرة على المسجد الأقصى، اتخذت مباشرة التنفيذ لتقويضه بمخطط التقسيم المرحلي، وهي اعتداءات تتصاعد منذ فترة ومؤشراتها مقروءة وليست مفاجئة، وصرخات المرابطين في جنباته واستنفار عرب 48 بقيادة الحركة الإسلامية وشيخها رائد صلاح، كانت تُسمع في كل مكان، لكن لم تجد صدىً لا لدى ضمير عربي محدود، مطوق بترس من النظام الرسمي قل الدولي لمحاصرته.
وواضح أن الحركة الصهيونية التاريخية، تقرأ بدقة خلاصات النقض الدامي، للربيع العربي في مصر وسوريا بالدرجة الأولى، وتسعى لقطف ثمار تلك الريح الخبيثة، وليست مهمة هذه المداخلة الاستطراد في ملف التهيئة الخطير، الذي تحلب منه تل أبيب مشروعها وتقيم جرافاتها على قاعدته السياسية، لكننا في صدد تحديد معالم عما يمكن فعله في الأوساط الشعبية والمساحة المتاحة من الرسمي.
ومن المؤكد أن قضية الأقصى هي قصية أسر وتحرير عادل، وستبقى هناك معركة فاصلة، هي من يتعاطى الكلمة الأخيرة فيه، وليس أي مسار آخر، وهو اعتقاد تؤمن به الأوساط الصهيونية، والعمق المسيحي المتطرف للإدارات الأمريكية المتعاقبة، وإن روجت لأكاذيب السلام.
وتصاعد القلق من حرية غزة المخنوقة يدور حول هذا المركز، فغزة تتجه في مشروعها المقاوم في زمن التهدئة أو الحروب مع العدو، الى بوصلة تقترب من القدس فالمسجد الأقصى، وتُسقط كل التسهيلات التي قدمها فريق رام الله لصالح تقسيم الأقصى.
وفضلاَ عن الرابط الديمغرافي، بين أهل ال 48 المرابطون في جنبات القدس، وبين أهل ال 48 المهاجرين الى غزة منذ النكبة، فإن هذا التزاوج الطبيعي، مهم للحمة النظام الاجتماعي الفلسطيني، وإن شاركتهم الضفة، لكن حصار السلطة حيّدها، وهو يعطي دلالة مخيفة للإسرائيليين، ودليل الطريق المشترك لفلسطين، في ظل اتفاق النبض بين معقل المقاومة في غزة وحركة الرباط في القدس، وهو ذاته المشروع الاستراتيجي، الذي يجب أن يكون دائما في قرارة الحراك العربي المساند لقضية القدس، دعم معقل المقاومة ودعم معقل الرباط.
كيف يتم ذلك هذه مهمة التطوع العربي والإسلامي الأممي بكل صوره الممكنة واسناده، غير أننا اليوم بحاجة الى مشروع رسمي مساند، يخترق المسار امام المتجمد الباهت في الساحة العربية، وهو يتجنب الصراع مع تلك المؤسسات المفترضة لنصرة القدس والأقصى، الضعيفة حتى في صداها الصوتي، ويحاول أن يكسب منها دعم أو يحيدها دون مشروعه الفاعل.
هذا المشروع المختلف، الهدف منه تحويل التضامن الإنساني، وبعض الحراك العربي الاسلامي الشعبي، الى منظمة فاعلة تتداخل في مسار قضية الأقصى، كمؤسسة رسمية تباشر، الضغط الرسمي وتنسيق ادواته، وفعاليات المشاريع الداعمة للأقصى وصموده، وديمغرافيته العربية المحيطة، ولعل ذلك يكون بإعلان منبر الأقصى للتضامن العالمي بأي مسمى مناسب، والذي يقوم على مؤسسة ومجلس أمناء، تكفل التحرك في الأوساط الرسمية والمنظمات الدولية، وتحويلها الى أداة ضغط من العمق العربي والإسلامي الى أمريكا اللاتينية وآسيا والغرب.
وتباشر التواصل مع المقدسيين، وزيارتهم ودعم مشاريعهم، إضافة لحركة الضغط الاعلامية والعالمية التي يصنعها تحالف شخصياتها السياسية، من الأديان والأفكار المختلفة، المؤمنة بحق المسلمين والفلسطينيين في كامل القدس وأقصاها.
ولأن مثل هذا المشروع يحتاج شخصية مختلفة في الأداء، ومؤثرة في ذات السياق الرسمي للأحداث، ولها تجربة في قمة غزة، فإن المرشح الأفضل لهذه المهمة، هو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني الأمير الوالد في قطر، وهو ليس اقتراح معنوي عاطفي، وانما قائم على عناصر موضوعية، في تاريخ الأداء السياسي والتضامن العربي الإسلامي الفعّال، والجسور مع العالم الآخر، وهو يملك هنا مساحة دعم مهمة، في الجزيرة الأمريكية والجزيرة الدولية، كتغطية إعلامية نوعية.
ولن تصل قدرات هذا المنبر الى حجم ما تقدمه الحركة الصهيونية المتطرفة في منظمة ايباك الأمريكية ولا قريب منها، لكنها ستخلق اختراق مهم، يضغط في الأروقة الرسمية وفي الاعلام العالمي الاجتماعي، وهذا النوع من الدعم بالذات تحتاجه المقاومة المدنية في الأقصى وبيت المقدس، وهي فكرة عملية لا تستبدل بها وسائط الدعم التقليدية، لكنها ذراع يعطي أكثر لأهل الأقصى أكثر مما تعطيه عواصف بعض العرب الصوتية.
صالح السنوسي كاتب ليبي
كانت احدى نتائج ما عرف بالربيع العربي هو أسلمت الصراع في المنطقة العربية وقطرية التوجه(انكماش كل قطر على نفسه واستغراقه في تشظيات هويته الداخلية)فكان البعد القومي ضحية الاممية الارهابية العابرة للحدود بأسم الدين من ناحية والقطرية المتأزمة والمهددة على صعيد الهوية والجغرافيا.
القدس او القضية الفلسطينية في عمومها لها بعدان عربي وإسلامي وكلاهما معطل فالإسلام المتطرف يقاتل المسلمين المعتدلين والعروبيين والقطريين وهم يقاتلونه وبالتالي فلا احد يستطيع ان يلتفت الى أي ناحية اخرى غي تلك التي يوجد فيها عدوه الذى يضيق عليه الخناق.
لهذا فقد اختارت اسرائيل الوقت المناسب لقطع شعرة التردد في القيام بمثل هذا التصرف الذى يمس الاعتبارات الدينية وقواعد القانون الدولي، ولكن لكى نكون منصفين فأن قيام اسرائيل بمثل هذا التصرف حتى في زمن ما قبل الربيع العربي ، فان ردة الفعل لن تكون ذات مصداقية على ارض الواقع ولكن لعل الدبلوماسية كانت ستكون اكثر تأثيرا على القوى التي تملك قدرة التأثير على القرار الإسرائيلي.
ان ما يمكن فعله الآن هو التوجه الى المنظمة الدولية ممثلة في الجمعية العامة ومجلس الامن وهو حراك يجب ان تقوم دول عربية واسلامية مثل مصر والسعودية وتركيا وايران بصرف النظر عن الخلافات في القضايا الاخرى وهذا سيكون محك مصداقية هذه الاطراف في ما يدعيه كل منها بخصوص العرب والمسلمين.
هذا الحراك الدبلوماسي قد لا تكون فاعليته كبيرة ولكنه سيكون بمثابة ازعاج سياسيي لإسرائيل كما انه افضل من الصمت اذا قامت به هذه الاطراف مجتمعة فسيكون له على الاقل زخما دبلوماسيا على الصعيد الدولي.