لوحت "سلطة فتح" بوقف تطبيق بعض بنود "إتفاق أوسلو" أسوة بـ(إسرائيل)، وهو الأمر الذي استبعده الكثير من الساسة والمحللين، مؤكدين أن السلطة لن تجرؤ على هكذا خطوة، فضلاً عن أن التصريح بذلك أصبح مدعاة للفكاهة والندرة على شبكات التواصل الاجتماعي.
وقد كشف عضو اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث، أن "القيادة الفلسطينية" قررت وقف تطبيق بنود من اتفاقية اوسلو أسوة بـ(إسرائيل)، مشيراً إلى أن هذا التوجه سوف يعلن عنه رئيس السلطة محمود عباس في كلمته التي سيلقيها أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر في نيويورك.
وقال شعث" نحن سنكون في حل من جزئيات أساسية في اتفاقية اوسلو كما تفعل اسرائيل فهي لم تطبق إلا ما يحلو لها ووفق مصالحها ونحن سنفعل ذلك أيضا". لكن المسؤول الفتحاوي لم يفصح عن تفاصيل تلك الجزئيات التي سيعلن عن عدم تطبيقها، على الرغم من أن أهمها قد يكون وقف "التنسيق الأمني" وهو القرار الذي اتخذه المجلس المركزي في اجتماعه المنصرم ولم يطبق بالمطلق .
ويؤكد القيادي الفتحاوي يحيى رباح أن السبب وراء هذا التوجه، هو أن (إسرائيل) موضوعياً تعطل تنفيذ اتفاق أوسلو، حيث أن 28 مادة من هذا الاتفاق ترفض (إسرائيل) تنفيذها عبر 22 سنة مضت.
وأوضح أن بين هذه البنود الأساسية أن يكون بين قطاع غزة والضفة الغربية ممرين آمنيين يتم من خلالهما ولاية السلطة على أرض "الدولة الفلسطينية" في مناطق متعددة.
وقال "إذا كانت إسرائيل بكل ما تملكه من قوة تُعطل تنفيذ هذا الإتفاق عن عمد وسابق إصرار، فإننا لن نتمسك بهذا الإتفاق".
وكان من المفترض أن تحصل فلسطين على دولة في غضون أربع سنوات بعد توقيع اتفاق اوسلو عام 1994، واستمرت المفاوضات بين الجانبين 22 عاماً ولم تحقق شيئا يذكر فقد تضاعف الاحتلال وكثر الاستيطان ونهب الاراضي وجرى السيطرة على أكثر من 60% من الاراضي التي تصن c"".
وفي هذا الإطار يدور الحديث عن محاولات أمريكية عقب الانتهاء من الملف الايراني، لإعادة انطلاقة جديدة للجنة الرباعية الدولية من خلال عقد اجتماع بحضور دول عربية لأول مرة " الاردن والسعودية ومصر" في نهاية الشهر الجاري.
وأوضح رباح في الإطار، أن المجتمع الدولي قرر تفعيل وتدعيم اللجنة الرباعية التي كانت تحت قيادة "توني بلير" بعد أن انحرفت عن الحضور الرئيسي في مهماتها، مشيراً إلى أن من بين أول خطوات التفعيل دعوة دول عربية رئيسية للمشاركة في إجتماعتها في نهاية الشهر الجاري.
ويرى رباح أن الدول العربية التي ستحضر " مصر والأردن والسعودية" هي أطراف رئيسية، وبالتالي هذا سيكشف توجهات الرباعية بعد تفعيلها بحضور عربي مكثف هذه المرة.
وقال رباح "ننتظر هذه الرباعية التي تضم الأمم المتحدة والولايات المتحدة والإتحاد الروسي والاتحاد الأوروبي، لنرى اذا ما كان لديها القدرة على التقدم إلى الأمام وتجاوز السقف الذي وضعه لها توني بلير وبالتالي يظهر دور الحقيقي!؟".
من ناحيته، استبعد يحيى موسى القيادي في حركة حماس، جدية حركة فتح وسلطتها في الحديث على مغادرة "مربع أوسلو"، معتبراً أن "القضية ليست في الكلمات والتعبيرات الإنشائية، وإنما القضية مرتبطة بالخطوات العملية والإجراءات التي يمكن أن تتخذها السلطة وفتح والمنظمة في هذا الإطار".
وقال موسى لـ "الرسالة" "منذ سنوات نسمع جعجة ولا نرى طحينا"، مشيراً إلى أن الواقع على الأرض وخاصة في ادعاءات سابقة بوقف "التنسيق الأمني" كشفت كذب بعض قيادات فتح والسلطة.
وأضاف " وقف التنسيق الأمني ومدى الالتزام بتطبيقات الإتفاق الاقتصادي وأمور أخرى كثيرة متعلقة بالمشروع الوطني والموقف من الانتفاضة، أسئلة واضحة للكشف عن كذب أو صدق مثل هذا التوجه المبطن؟". وتابع "إن الإعلان عن هذا التوجه إنما يريد به عباس أن يُسوق نفسه شعبياً بعد أن انهارت مكانته وشخصيته".
وتعليقاً على جهود تفعيل الرباعية الدولية، قال موسى "إذا كان عباس وأزلامه يراهنوا على التفاوض، إذاً فنحن في المربع صفر(..) على عباس أن يرحل وأن يترك الشعب الفلسطيني يتدبر أمره بعيداً عن خياراته المتدنية التي أوصلت القضية الفلسطينية إلى هذا الدرك من الضعف والتفتت والانقسام ".
وكسابقه استبعد الكاتب والمحلل السياسي عبد الستار قاسم، أن تتجرأ قيادة فتح والسلطة على وقف تطبيق بعض بنود أوسلو، مشيراً إلى أن "هؤلاء أجبن من أن يوقفوا العمل في أي بند من هذه الاتفاق الهزيل".
وأرجع قاسم في حديثه لـ "الرسالة" السبب في عدم جرأة -قيادة السلطة وفتح-على مثل هذا القرار إلى خوفهم على مصالحهم، معتبراً أن "مصالحهم الشخصية تتحقق بخيانة الوطن"، وبالتالي لن يضحوا بمصالحهم من أجل الوطن، على حد تعبيره.
وذهب قاسم إلى أبعد من ذلك، حيث طالب "بمحاكمة شعث ومن على شاكلته باعتبارهم مساهمين في الخيبات والإحباطات الفلسطينية"، مؤكداً أن هؤلاء يجب أن يُحاكموا بسبب انتهاكم للقانون الثوري لمنظمة التحرير وانتهاكهم للقانون الأساسي المعمول به في السلطة الفلسطينية.
ويرى قاسم أن محاولة تفعيل اللجنة الرباعية، لعبة جديدة لإلهاء الشعب الفلسطيني عن حقوقه ومقدساته، مشيراً إلى أنه " كلما فشلت فكرة يأتون بفكرة أخرى من أجل تضييع الوقت والتسلية".
وأضاف" لن يأتيننا من الرباعية والمفاوضات أي شئ على الإطلاق، بل مزيد من الترهل والانقسام والتفتت الاجتماعي".