فجرت سياسة الاجهزة الأمنية الفلسطينية ضد فعاليات التضامن مع المسجد الأقصى في مدن الضفة المحتلة، موجةً من الاحتجاجات العنيفة، بلغت حد الاشتباك مع هذه الأجهزة في مدينة بيت لحم والتي تتسم غالباً بالهدوء الأمني؛ ما يعطي مؤشرات واضحة على حالة الغليان الشعبي من ممارساتها ومن خلفها رئيس السلطة محمود عباس الذين هتف المواطنون مطالبين برحيله.
وردد المشاركون في المسيرات التضامنية مع الاقصى الهتافات الداعية إلى رحيل الرئيس محمود عباس، والمنددة بالتنسيق الأمني على حساب أبناء الشعب الفلسطيني.
وكانت فصائل العمل الوطني في محافظة بيت لحم جنوب الضفة الغربية قد أعلنت اليوم انتهاء الأزمة والمواجهات التي حصلت خلال الساعات الأخيرة بين ناشطين وعناصر من قوات أجهزة الأمن الفلسطينية، عقب مسيرة نظمتها الجبهة الشعبية هاجم المشاركون فيها مقار الأجهزة بالحجارة، فيما رد عناصر الامن بإطلاق اعيرة نارية في الهواء.
وأكدت الفصائل أنها "لن تشكل اي غطاء تنظيمي لكل من يعبث بأمن واستقرار المحافظة مشددة على انتهاء الازمة".
وفي إجراء قد يكون الأول من نوعه أقدمت السلطة على تشكيل لجنة تحقيق برئاسة محافظ بيت لحم جبرين البكري؛ للوقوف على تداعيات ما حصل أمام مخيم العزة ظهر الجمعة، فيما خرجت نتائج التحقيق سريعاً بمعاقبة القيادات الأمنية المسؤولة عن الحادث.
ويرى المراقبون أن ما سبق يمثل خطوة تعكس تخوف حقيقي لدى السلطة من تفجر الأوضاع في الضفة؛ في ظل الغضب العارم الذي يشعر به المواطن ضد ممارسات أجهزتها الأمنية، كما تبدو محاولة لامتصاص غضب الشارع الناقم والمحبط من الجمود السياسي والاجراءات في القدس.
المحلل السياسي جهاد حرب أكد وجود خليط من الاحتقان الشعبي في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي وحالة الاحباط من المشروع السياسي القائم، فلا يوجد أفق سياسي للفلسطينيين بالإضافة الى الأوضاع الاقتصادية؛ مما ينتج حالة من الاحتجاج قد تتحول من الاشتباك مع المحتل الى الاحتجاج الداخلي.
وأوضح حرب في حديث لـ"الرسالة نت" ان حالة لحظية تتعلق بحدث محدد نتيجة ما جرى في بيت لحم واعتقد انها ستزول في الأيام المقبلة، ولكن تبقى هناك اشكالية واضحة ما بين القطاع الامني والمجتمع الفلسطيني وهي بحاجة لقراءة ما، وعلاج فعال للأحداث بعدم منع الفلسطينيين المحتجين من تنظيم المظاهرات وفي نفس الوقت اقتراب الأجهزة الأمنية من الجمهور الفلسطيني.
وفي هذا السياق بيّن حرب أن نقل الاحداث التي جرت في بيت لحم عبر وسائل التواصل الاجتماعي شكل ضغطا على السلطة التي تريد أن تقول للمجتمع الفلسطيني أنها تحاسب أبناء الأجهزة الأمنية على الأخطاء.
وأكد المحلل السياسي وجود تخوفات حقيقية لدى السلطة في تعاملها مع الاحتجاجات؛ لأنها في حال سمحت بالمظاهرات ربما تصبح ككرة الثلج وتتدحرج لمربع الانتفاضة في عام 2000 وهو ما لا ترغب به السلطة لأسباب متعددة منها داخلية ودولية، مضيفا "في نفس الوقت قمع مظاهرات نصرة المسجد الاقصى في ظل ما يتعرض له يهدد بارتداد الغضب الشعبي عليها".
موقف الفصائل يشير الى وجود ضغوط حقيقية وجهود مشتركة لوقف أحداث بيت لحم وهو ما يعكس مدى تخوف السلطة من الاوضاع في الضفة، لكنها تطرح تساؤلا عن مدى نجاح هذه الجهود في اطفاء الغضب المتزايد في الضفة وعدم تكرار هذه الاحداث او تمددها الى باقي مدن الضفة.