قائد الطوفان قائد الطوفان

مشروع التسوية الجديد .. "المال مقابل الامن"

عباس مع اوباما خلال زيارته لواشنطن
عباس مع اوباما خلال زيارته لواشنطن

وسام عفيفه

"المال مقابل الأمن" هذا هو عنوان مشروع التسوية الجديد الذي يتم تحضيره للفلسطينيين  في ظل انسداد أفق التسوية بعد فشل الإدارة الأمريكية السابقة بقيادة جورج بوش والحكومة الإسرائيلية بقيادة أيهود اولمرت , فيما بقي الموقف الفلسطيني -متمثلا بمحمود عباس وفريق  التسوية -يتأرجح بين الشروط الإسرائيلية والضغوط الأمريكية.

منذ انطلاق مشروع التسوية السياسية عام 1991 كان العنوان الرئيس المطروح عربيا ودوليا: "الأرض مقابل السلام ",لكن عمليات النحت وعوامل التعرية السياسية تسببت في تآكل هذا المشروع ليصبح اليوم "المال مقبل الأمن "

 بموجب المشروع الجديد تتكفل دولة الاحتلال بمساهمة الولايات المتحدة بمنح الفلسطينيين بالضفة الغربية درجة متقدمة من الرفاهية الاقتصادية مقابل ضمان الفلسطينيين الأمن في الضفة والتصدي لعناصر المقاومة ,و مستوى التقدم الاقتصادي سيبقى رهين التقدم على الصعيد الأمني.

عرابو المشروع الجديد هما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتياهو صاحب نظرية السلام الاقتصادي  ورئيس وزراء حكومة عباس سلام فياض صاحب برنامج الدولة في الضفة خلال عامين.

الحاجة للتنمية الاقتصادية كأرضية صلبة هي النقطة التي ينطلق منها كل من نتنياهو وفياض في مسعى الترويج لسلام اقتصادي يأخذ في طريقه أي حديث عن سلم سياسي بما يتضمنه من قضايا الحل النهائي.

حاول فياض في جولاته الأخيرة داخل الضفة الغربية إقناع الجميع بخطته الاقتصادية لدولة فلسطينية مستقرة، وبأنَّ الحاجة ملحة الآن إلى تنمية الأراضي المحتلة اقتصاديًّا، وتخفيض مستوى البطالة بين الفلسطينيين، وتوفير فرص عمل لهم، والبدء بمشاريع ضخمة على قاعدة أن العمل هو بداية التحرير.

في المقابل يجادل نتنياهو بالقول إن التأسيس لعودة قوية إلى طاولة المفاوضات يجب أن يسبقه تنمية اقتصادية مشتركة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ومن ثم تطبيع اقتصادي كامل بين إسرائيل والدول العربية والإسلامية.

المحلل الإسرائيلي شمعون شيفر حاول شرح رؤية نتنياهو للتسوية التي "تتضمن منح الفلسطينيين حكماً ذاتياً في الضفة، بدعوى العمل تدريجياً لبناء قاعدة التسوية الدائمة «من أسفل إلى أعلى»، بما يقود إلى بناء كيان يتطور في المستقبل ليصبح كيانا يتمتع بالسيادة، على أن يتم تعريفه لاحقاً. وتقوم هذه الخطة على ثلاث ركائز: سياسية وأمنية واقتصادية".

وبحسب المحلل الإسرائيلي  دانييل دورون، فإن رؤية نتنياهو هذه تنطلق من فلسفة مفادها أن "الرفاهية الاقتصادية فقط هي التي ستنشئ في "المناطق" مجتمعا مدنياً يؤيد السلام كمصلحة محسوسة لا كشعار, بحيث يكون للجمهور الفلسطيني حافزا لحفظ السلام.. فالقانون والنظام إلى جانب التقدم الاقتصادي شرط ضروري لإحراز السلام."

المسألة لم تعد مجرد مسودة مشروع بل جرى العمل  بتنفيذها بالفعل .. الأسبوع الماضي عقد الإسرائيليون والفلسطينيون أول لقاء رسمي منذ وصول حكومة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى السلطة في القدس لبحث قضايا اقتصادية.

وقال باسم خوري، وزير الاقتصاد في سلطة محمود عباس: " بعيدا عن السياسة يمكننا ان نفعل شيئا على الارض لتحسين الواقع الاقتصادي للفلسطينيين".

فيما قال سيلفان شالوم، نائب نتنياهو: "اعتقد ان الفلسطينيين فهموا انه لا طائل من الاستمرار في مقاطعة المحادثات مع إسرائيل وان تلك المحادثات لن تكون مشروطة باي تنازلات من جانبنا".

مشروع المال مقابل الأمن يهدف أيضا الى عزل غزة تماما عن أية مشاريع سياسية وترسيخ نظرية أن هناك جوائز للأخيار(سلطة رام الله ) وعقاب للأشرار (حماس في غزة) .

الهدف الآخر ان تتحول الدولة الاقتصادية في الضفة إلى جسر التطبيع الاقتصادي مع الدول العربية وامتداد  للمشاريع الاقتصادية الأمريكية  العربية الإسرائيلية المشتركة  , على غرار  المناطق الصناعية المؤهلةQIZ)  ( الذي بدا  في ديسمبر 2004 في دعم الاندماج الإقليمي في المجال الاقتصادي بين مصر وإسرائيل وهي الاتفاقية المعروفة باسم الكويز..

الأمريكان سوف يتولوا الإشراف والمساهمة في الشق المالي والأمني من خطة التسوية المتوقع أن يعلن ابرز ملامحها ,الرئيس الأمريكي  باراك اوباما خلال انعقاد الجمعية العمومية.

سوف يتطور الدور الأمريكي في الضفة بقيادة الجنرال كيث دايتون إلى الدمج بين الشق المالي والأمني وسيكون فياض مقاول المشروع الجديد ,فيما سيوفر محمود عباس غطاء سياسيا من خلال تحويل حركة فتح لحزب سياسي يستخدمه للترويج الوطني ومنظمة التحرير لتمرير القرارات, ومنحها الشرعية.

وفي حال استمرت خطوات عباس اتجاه إجراء انتخابات منفصلة في الضفة الغربية, فان كيانا فلسطينيا جديدا سوف يغير الخارطة السياسية الفلسطينية, على نحو أسوأ من مشروع روابط القرى ,وهو فكرة أريئيل شارون عندما كان وزيراً للحرب في حكومة مناحيم بيغن عام 1981م , وقد اعتمدت الفكرة ايضا على التنمية الاقتصادية كالتي يروج لها فياض- نتيناهو

 فقد كانت "روابط القرى" ، مشروع حاولوا تنفيذه تحت مسمى تنمية الريف الفلسطيني في الضفة الغربية، تمهيداً لمنح حكم ذاتي للفلسطينيين وفق اتفاقية كامب ديفيد.

فهل يفشل نتياهو -فياض فيما فشلت به روابط القرى؟

 

البث المباشر