لا تُشير حالة الهدوء التي تشهدها شوارع مدينة القدس ومدن الضفة الغربية بين حين وآخر إلى أن السكاكين قد أُغمدت، ففي أي لحظة قد يستلُ شاب فلسطيني ثائر سكينه ويُسجل عملية طعن جديدة.
حالة الرعب والهوس التي استطاع الشباب الفلسطينيين الذين ولدوا بعد أوسلو غرسها في نفوس (الاسرائيليين)، أربكت الجبهة الاحتلال الداخلية ونجحت في افشال مخطط التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى وهو أمر لم تنجح به الدول العربية التي تقف موقف المتفرج.
(إسرائيل) التي أعدت جيشها لمواجهة الحروب وجهزت القبة الحديدية لصد الصواريخ تفشل مجدداً أمام جيل بسيط ظن قادتها أنه سينسى حقه، وباتت عاجزة أمام موجة خوف جديدة دفعت بالكثير من مواطنيها لعدم التوجه إلى أعمالهم، بل والبقاء فـي البيوت.
ولم تعد تعتبر (إسرائيل) ما تتعرض له موجة "إرهاب" إنما ذهب الأمر لأبعد من ذلك، فقد انعكس الأمر على تراجع أعمال البناء نظراً لعدم توجه 80 بالمئة من العمال إلى مواقع عملهم.
وفي سابقة يصادق وزير الأمن الداخلي للاحتلال على تسهيل حصول المستوطنين على تراخيص لحمل السلاح، إلا أن شدة الخوف تسببت أحيانا بأن يكون المستوطن نفسه هو القتيل، غير أن الشرطة (الإسرائيلية) أصبحت تتلقى خلال الـ 24 ساعة 25 ألف اتصال وبلاغ كاذب من (إسرائيليين) قلقين من وجود شخص أو سيارة أو جسم مشبوه.
كما أن البورصة (الإسرائيلية) شرعت فـي تسجيل خسائر ملموسة بسبب الإحساس المتزايد بفقدان الأمن، ولم تعد (إسرائيل) تعتبرها حربا ارهابية، انما باتت حرب وجودية، فـي ظل تصاعد العمليات الفدائية فـي القدس ومناطق أخرى.
وأظهرت عدة مقاطع فيديو نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رعب المستوطنين بالوقوف خلف محطة انتظار الحافلات خوفاً من قيام فلسطيني بدعسهم.
حالة جديدة من الصراع مع الاحتلال رأى فيها المختص في الشأن السياسي والأمني د. محمود العجرمي أنها صراع ارادات أثبت فيها الشعب الفلسطيني إرادته الصلبة في مواجهة العدو حتى باتت شوارع المدن المحتلة خالية من المستوطنين.
وقال العجرمي لـ"الرسالة نت" إن الفلسطيني في معركته مع الاحتلال يستند إلى الإرادة وليس إلى نوع السلاح الذي يملكه لمحاربة العدو، ففي العلم العسكري يقولون أن الذي يكسب المعركة هو الذي يكسبها على المستوى المعنوي.
وهو ما يؤكده المختص في الشأن الاسرائيلي د. عدنان أبو عامر الذي بين أن ما يحدث مرحلة جديدة في الصراع فشلت في توقعها كل أجهزة أمن الاحتلال.
وأوضح أبو عامر أن حجم الخطر الذي يشعر فيه الاحتلال يضاعف ما تعرض له في الانتفاضات السابقة على اعتبار أن الخطر في هذه الانتفاضة يأتيهم من الداخل في المحلات والاسواق والمطاعم والفنادق ولا يٌقدر احد متى وكيف سيخرج منفذ عملية طعن وهذا يبرز كتهديد حقيقي في الجبهة الداخلية لـ(إسرائيل).
وأشار في حديثه لـ"الرسالة نت" إلى أن تهافت المستوطنين على شراء الأسلحة سيفتح المجال لارتكابهم جرائم جنائية ضد بعضهم وقد سٌجلت ثلاث حالات قتل داخلية نتيجة الهوس الأمني.
وبالعودة إلى العجرمي فقد أكد أن التهافت على شراء السلاح يعكس هستيريا الخوف والهروب الى الامام ويبين انهيار الحالة المعنوية وانحدارها لدى هذه الدولة غير الشرعية، خاصة وأننا شاهدنا جنودا مدججين بالسلاح يهربون من سكين.
وتوقع أن تتواصل الانتفاضة وتتصاعد عمليات الطعن وتشهد الأيام القادمة تطور نوعي في مقاومة السكين أمام عمليات القتل بالجملة والاستخدام المفرط للقوة وتحويل حارات وشوارع الضفة الى ساحات لإعدام الفلسطينيين.