رامي خريس
بينما يعود الحديث مرةً أخرى عن "عملية التسوية" والمفاوضات غير المباشرة التي عادت سلطة فتح إليها بأوامر من الولايات المتحدة الأمريكية يدور حديث آخر عن سيناريوهات مختلفة لحرب قادمة قد لا تستهدف الفلسطينيين مباشرةً أو بالأحرى غزة ولكنها قد تكون أحد أهدافها غير المباشرة.
فـ(إسرائيل) والولايات المتحدة التي تعهدت بالحفاظ على أمنها لا تزالان تنظران إلى جملة من الأعداء في منطقة الشرق الأوسط ومن بينها حركة حماس فضلاً عن حزب الله وإيران وكذلك سوريا.
وهذا ما تعتبرانه (إسرائيل و أمريكا) محوراً للشر –بحسب التعبير الأمريكي- وهنا يرى المراقبون أن خيار الحرب وإن خَفت بريقه في أعين الإدارة الأمريكية فإنه لا يزال خياراً للإسرائيليين الذين يزداد لديهم الشعور بالخطر.
فحماس التي شنوا حرباً ضارية ضدها قبل عام ونيف لا تزال قوية ، بل تزداد قوة وذلك بالرغم من الحرب الخفية التي يديرونها ضدها بواسطة سلطة فتح التي تستخدم وسائل الحرب النفسية والإشاعة في محاولة لإضعاف الحركة ، فضلاً عن الحرب الأمنية المستمرة ومحاولات الاختراق وتجنيد العملاء في غزة لضرب الأمن والاستقرار.
أعداء (إسرائيل)
هذه حال حماس ، كذلك فإن حزب الله في الجنوب اللبناني لا يزال يشكل تهديداً قوياً للكيان ، ويزداد هو الآخر قوة لاسيما بعد فشل (إسرائيل) في هزيمته في حرب تموز ، فضلاً عن الضعف الذي أصاب خصومه في تيار 14 آذار مما زال عنه أخطار المماحكة الداخلية.
وفيما يتعلق بإيران فإنها لم تعبأ بالتهديدات الأمريكية ولا تزال ماضية في برنامجها النووي ولا يبدو أنها ستتراجع عنه ، بل يبدو أنها قد تقدم على خطوات جديدة لاسيما بعد الاختراق الذي حققته في أفريقيا وعلاقتها المعلنة مع زيمبابوي التي وقعت معها اتفاقية تحقق لها الحصول على اليورانيوم مقابل النفط.
أما سوريا فإنها لا تزال ترفع شعار "الممانعة" الذي يزعج (إسرائيل) ، وبدت في الفترة الأخيرة مرتاحة أكثر لاسيما بعد علاقتها الجديدة مع جارتها تركيا ولم تؤثر فيها التهديدات أو الضربات الموضعية التي أقدمت عليها (إسرائيل) .
إذن هكذا يبدو المشهد ، فـ(إسرائيل) حاولت إنهاء التهديد من غزة بضرب حماس ، فلم يتحقق هذا الأمر ، وعملت على هزيمة حزب الله في الجنوب اللبناني فلم تستطع ، وفكرت بضرب إيران أو حاولت دفع الولايات المتحدة لتبني هذا الخيار ولكن الأخيرة كما يرى بعض المراقبين تراجعت عن الإقدام على هذه الخطوة أو أنها لا تفضل ذلك لعدة أسباب من بينها وضعها الميداني في العراق وأفغانستان والخوف من فتح جبهة جديدة.
الهدف سوريا
ومع أن حكومة الاحتلال وضعت (إيران) كهدف لعملية عسكرية خاطفة إلا أن هذا الأمر ليس سهلاً في ظل المعطيات العسكرية والسياسية كذلك ، كما أنه قد تكون هناك خيارات أفضل .
وقد يكون الخيار المفضل -بحسب بعض التحليلات- يتمثل في توجيه ضربة قوية لسوريا أو شن حرب خاطفة تشل أركان الدولة السورية ، ومما يشار في هذا الإطار حالة التحريض على سوريا والحديث عن صواريخ (سكاد) تنقل لحزب الله وغيرها من التصريحات الإعلامية التي ظهرت مؤخراً.
وإذا حصل هذا فإنه بحسب ما يرى الإسرائيليون قد يؤدي إلى إضعاف المحور المناوئ لها في الشرق الأوسط ، فحزب الله سيفقد بوابة الدعم المباشر الذي يصله من طهران ، ويرون أن حماس كذلك ستتأثر سلباً لاسيما أن هناك عدداً من قادتها في الخارج قاعدتهم الأساسية في سوريا ، ناهيك عن فقد إيران لحليفها في الشرق الأوسط مما يهيئ الأجواء لإضعافها.
كان هذا أحد السيناريوهات التي يطرحها بعض المراقبين ، ولكن هناك أموراً كثيرة معاكسة يطرحها آخرون تثير الشكوك في إمكانية تفكير حكومة الاحتلال في هذا السيناريو.
وعلى أية حال فإن كثرة التهديدات الأميركية والإسرائيلية ضد سوريا هذه الأيام تزامنت أيضاً مع بعث مفاجئ لعملية التسوية. وذات السيناريو تتكرر الوعود والضمانات . كما جرى خداع العرب إبان العدوان على العراق، فلما تمت الحرب تبخّر الوعد وعاد الفلسطينيون يواجهون المذابح. وربما يواجهون تهجيراً جديداً من القدس كما هدد نتنياهو بذلك.