وسط الظلم، نبح ضابط في الجيش الاسرائيلي من سيارته العسكرية المصفحة "يا أهل عايدة احنا جيش الاحتلال إذا بدكم تبقوا تضربوا حجارة حنضرب عليكم غاز لحتى تموتوا"، ليأتي الرد الفلسطيني العنيد أن "اخرس" مع رشقات حجارة أجبرته على الانسحاب.
في كل ساعة من أيام انتفاضة القدس المشتعلة في الأراضي الفلسطينية تتوارد أخبار مواجهات أهل مخيم عايدة مع قوات الاحتلال، وليست أي مواجهات، حيث اعتبرتها أجهزة الأمن الإسرائيلية من أكثر نقاط المواجهة سخونة في الضفة المحتلة ككل.
ويقع مخيم عايدة على المدخل الشمالي لمدينة بيت لحم، ويحد المدخل الجنوبي لمدينة القدس (على بعد 10 كم جنوب القدس), ومدخله الرئيسي مغلق بالحواجز الإسرائيلية والمكعبات الإسمنتية من جهة مسجد بلال بن رباح (والذي تحول إلى كنيس بعد حرب 1967 ويسمى حاليا قبر راحيل على شارع القدس - بيت لحم -الخليل) وهذا يشكل نقطة عسكرية إسرائيلية دائمة.
وهناك نقاط مراقبة إسرائيلية دائمة حول المخيم من الشرق والشمال والشمال الغربي، كما أن مستوطنة جيلو المهيمنة على المخيم من الجهة الشمالية الغربية، ونقاط المراقبة الإسرائيلية حول قبر راحيل تشكل خطرا كبيرا على حياة المواطنين، بسبب المضايقات اليومية بحقهم.
شهيد وعشرات الاصابات والمعتقلين كانت قائمة الشرف التي قدمها المخيم في انتفاضة القدس المندلعة منذ بداية شهر اكتوبر المنصرم، في مواجهات لم تغب شمسها عن سماء المخيم طيلة أيام الغضب التي دعت إليها القوى الفلسطينية خلال الفترة الماضية.
ويقول الناشط محمد لطفي من المخيم إن عزيمة شبان المخيم في سلسلة المواجهات المستمرة مع قوات الاحتلال تشير إلى وضوح الرؤية لديهم بأنه لا يمكن السكوت على جرائم الاحتلال بحق القدس والضفة وكذلك المضايقات لسكان المخيم.
وأوضح أن المواجهات أصبحت شبه يومية مع قوات الاحتلال منذ بداية الانتفاضة، حيث ارتقى خلالها الفتى عبد الرحمن عبيد الله شهيدا، وأصيب المئات من شبان المخيم بجروح واختناقات بالغاز السام والمواد الكيماوية التي ترشها قوات الاحتلال على المتظاهرين.
ويتعرض المخيم على مدار العام لمضايقات متعمدة من الاحتلال ومستوطنيه من خلال الاعتداء على المدارس والطلاب والتضييق على حركة المواطنين، وإزعاجهم بنقاط التفتيش والمراقبة المنتشرة على مداخل المخيم وفي أزقته.
وبناءً على ذلك، تتقدم المخيمات الفلسطينية على بقية المناطق في ساحات المواجهة، حيث يذكر أن مخيمات الجلزون وقلنديا والأمعري في رام الله والفوار والعروب في الخليل وشعفاط في القدس تقدمت الصفوف في اشعال انتفاضة القدس من خلال عمليات الطعن وإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة.
وبحسب المتابعين لأحداث الضفة، فإن بقاء شعلة مخيم عايدة متوقدة من أهم مقاييس استمرار جذوة انتفاضة القدس في ساحة الضفة باعتبارها من أهم نقاط المواجهة مع الاحتلال حيث تساوي في القوة والحضور مواجهات حاجز بيت إيل في رام الله وباب الزاوية في الخليل، وحوارة في نابلس وغيرهم.