عام مضى على مؤتمر الاعمار الذي استضافته القاهرة بمشاركة حوالي70 دولة و16 منظمة اقليمية ودولية، تبرعت فيه بقيمة 5.5 مليارات دولار وفق ما أعلنت عنه أمانة المؤتمر، في حفل سرعان ما غاب رواجه عبر وسائل الاعلام واروقة السياسة العربية والمحلية.
ومع انتهاء أعمال المؤتمر بدأت الوعود تتبدد رويدًا رويدًا، باستثناء بعض الأموال التي قدمت من عدة أطراف قدرت بـ200 مليون دولار من مجمل المبلغ العام للتبرعات.
وقدرت مجموع خسائر البنية التحتية والمباني بنحو 1.098 مليار دولار، حيث تم تدمير حوالي 7 آلاف وحدة سكنية في قطاع غزة.
ورغم حالة التفاؤل التي أبدتها السلطة الفلسطينية إبان المؤتمر، إلا أنها بدأت تتلاشى تدريجيًا مع إيمانها بعدم وفاء بعض الاطراف العربية والدولية بوعودها، إذ خلا القطاع من مشروعات الاعمار على مدار العامين باستثناء بعض المشروعات التي تبرعت بها قطر ودول خليجية أخرى.
وعلى ضوء وعود الدول المانحة، فإن مجمل ما تم تنفيذه على أرض الواقع من مشروعات الاعمار، هو بناء ألف وحدة سكنية تبرعت فيها قطر بقيمة 50 مليون دولار، اضافة لـ 200 وحدة تبرعت بها ألمانيا عن طريق وكالة الغوث، وفق ما صرّح به ناجي سرحان وكيل وزارة الأشغال بغزة.
وأشار سرحان في حديثه لـ "الرسالة نت" إلى وجود منحة كويتية بـ 75 مليون دولار سيتم الشروع في بنائها بداية الشهر القادم، لافتًا إلى أن السعودية قدمت منحة بناء 800 وحدة سكنية عن طريق الوكالة إضافة لمنحة أخرى ستقدمها بقيمة 82 مليون دولار.
وبيّن سرحان وجود منحة قدمتها امريكا عن طريق الوكالة بقيمة 800 وحدة سكنية اضافة لـ 200 وحدة من المانيا، عدا عن منحة اماراتية بقيمة 37 مليون دولار عن طريق الوكالة كذلك.
وبيّن سرحان وجود قرض بقيمة 15 مليون يوروا سيتم التوقيع عليه قريبًا بين السلطة وايطاليا، لإعادة بناء البرج الايطالي في غزة والذي دمر اثناء العدوان، اضافة الى اعادة بناء ابراج الندى وتأهيلها من جديد، مشيرًا إلى أنه سيتم الشروع في بناء برج الظافر خلال الاسبوع القادم.
يذكر أن الاحتلال قد دمر 4 أبراج سكنية في القطاع، اضافة الى تدمير العشرات من بنايات أبراج الندى والشيخ زايد شمال القطاع.
ودعا سرحان الدول العربية للإيفاء بوعودها، خاصة تلك التي لم تدخل على خط الاعمار لهذه اللحظة كسلطنة عمان، اضافة الى تركيا واليابان، منبهًا العالم إلى دخول المشردين شتاءهم الثاني وهم تحت الركام ينتظرون الاعمار.
ورغم هذه الوعود التي أطلقتها بعض هذه الاطراف، الا ان مصادر سياسية من داخل حكومة التوافق، أكدت لـ "الرسالة"، أن اطرافًا عربية احتفظت بتقديم الدعم في الوقت الراهن، وقالت إنها سترجئ إرسال هذه الأموال حاليًا.
واكدت المصادر أن الحكومة لم تتلق اي وعود ايجابية في مؤتمر الاسكان الذي عقد في القاهرة قبل اسبوعين، خاصة من بعض الدول العربية.
ويعتقد بعض المراقبين أن السلطة الفلسطينية وبعض الاطراف استغلت الانتفاضة الجارية بالضفة والقدس، للتلكؤ أكثر في مسألة استجلاب الدعم الذي تم الاعلان عنه في القاهرة.
ورغم اعلان بناء ألف وحدة سكنية وانتهاء المرحلة الأولى من الاعمار الجزئي، الا ان آلية روبرت سيري المعمول بها في عملية الاعمار، لا تزال تشكيل معيقًا امام سرعة حركتها، وفق تأكيد الاختصاصيين في الشأن الاقتصادي.
ويؤكد ماهر الطباع المختص الاقتصادي لـ "الرسالة نت"، أن ما تم إدخاله من مادة الاسمنت للقطاع الخاص لإعادة اعمار قطاع غزة منذ منتصف شهر أكتوبر عام 2014 حتى تاريخه لا يتجاوز 234 ألف طن تقريبا.
وأشار إلى أنه تم توزيع تلك الكميات على أصحاب المنازل المتضررة جزئيا وفق آلية الكوبون المدفوعة الثمن، وهذه الكمية لا تكفي احتياج قطاع غزة لمدة 30 يوما من مادة الاسمنت، حيث أن قطاع غزة يحتاج يوميا إلى 10 الاف طن من مادة الأسمنت فقط.
ونبه إلى وجود ارتفاع على كميات الأسمنت الواردة للقطاع الخاص في الأشهر الاخيرة وذلك نتيجة لسماح الجانب الإسرائيلي بإدخال الأسمنت لغير المتضررين من اصحاب المنازل والمشاريع الاستثمارية وزيادة عدد الموزعين المعتمدين.
ويعود الطباع للتأكيد على أن حوالي 6000 منشأه اقتصادية تقدر تكاليف إنعاشها وإعادة إعمارها بحسب ما تم رصده في الخطة الوطنية للإنعاش المبكر واعادة الاعمار بحوالي 566 مليون دولار وهي ثلاثة أضعاف خسائر الحرب الاولى التي شنت على قطاع غزة في عام 2008-2009 م.
وأوضح الطباع أن ما تم إنجازه في الملف الاقتصادي هو صرف تعويضات للمنشآت الاقتصادية بما لا يتجاوز 9 مليون دولار وصرفت للمنشآت الصغيرة التي بلغ تقيم خسائرها أقل من سبعة الاف دولار.
وتشير التقديرات إلى أن معدل البطالة في قطاع غزة بلغ لحوالي 41.5% في الربع الثاني من عام 2015م، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل 200 ألف شخص، بينما ارتفعت معدلات الفقر والفقر المدقع لتجاوز 65%.