ركزت مراكز بحوث "إسرائيلية" على المواجهات في مدينة القدس المحتلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفشل الإجراءات الأمنية "الإسرائيلية" في وضع حد لتواصل عمليات الطعن والدعس، كما أشارت إلى أن الصراع "الإسرائيلي" الفلسطيني على مدينة القدس المحتلة سيتواصل.
فقد نشر الجنرال احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي غرشون كوهين ورقة عمل في مركز بيغن-السادات للدراسات الإستراتيجية ذكر فيها أن القدس لم تكن في يوم من الأيام موحدة خلال المواجهات والنزاعات المسلحة التي يشهدها الجانبان الفلسطيني والإسرائيلي.
وأضاف كوهين أن عمليات الطعن الأخيرة جاءت لتزيد قناعات الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي من مؤيدي تقسيمها بين العرب واليهود، ورأوا في إقامة الجيش والشرطة بعض الجدران الأمنية ترسيخا لمبدأ التقسيم، مع زيادة المطالبات بالتخلص من الأحياء العربية المقدسية التي تأتي منها الاضطرابات الأمنية والعمليات الدامية، بينما يعارض فريق آخر تقسيمها، ويرى إبقاءها عاصمة موحدة لإسرائيل، وهكذا سيبقى الصراع على مصير القدس في المستقبل.
وختم ورقته البحثية بالقول إن مصير مدينة القدس سيقترب إقراره كلما زاد التوتر الأمني داخل أحيائها بين العرب واليهود، ولذلك يقف الجانبان في هذه الأيام أمام مفترق طرق تاريخي، وكل الخيارات واردة.
تغيير الوضع القائم
من جهته، تناول البروفيسور هيلل فريش الباحث البارز في مركز بيغن-السادات وأستاذ العلوم السياسية ودراسات الشرق الأوسط بجامعة بار-إيلان فرضية تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى انطلاقا من اعتبارات إستراتيجية تتعلق بضرورة الوصول إلى سلام دائم وشامل بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وطرح فريش ذلك رغم ما تعلنه الأوساط السياسية الإسرائيلية بدءا برئيس الحكومة وقادة المعارضة بأنها لن تغير الوضع القائم في الحرم القدسي، وهو ما أكده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري والملك الأردني عبد الله الثاني عقب اتفاقهم على تركيب كاميرات التصوير في المسجد الأقصى والحظر على اليهود أداء الصلاة فيه.
وزعم الباحث أن المسلمين الفلسطينيين تتضاعف أعدادهم للصلاة في الحرم القدسي رغم ما يرددون من شعارات بأن "الأقصى في خطر"، ففي حين بلغ عدد من صلى فيه في العام الأول للسيطرة الإسرائيلية عليه عام 1968 حوالي ستمئة مصل فقد ارتفع العدد عام 2015 ليصل إلى ثلاثمئة ألف مصل خلال شهر رمضان من هذا العام.
ويطالب الباحث الإسرائيلي بتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى انطلاقا من وجود عامل أساسي يتعلق بأن إسرائيل تخوض صراعا طويل المدى مع الفلسطينيين يتطلب منها إدارته لفترة طويلة من الزمن، وهو ما قد يستدعي من إسرائيل أن تفرض حقائق على أرض الواقع من خلال إدارتها للحرم القدسي، وإلا إن تراجعت عن ذلك فما الذي يدفع الفلسطينيين لإبداء مزيد من المرونة والليونة في المفاوضات معها؟
ويرى أن تسليم الفلسطينيين بحق اليهود في الصلاة في المسجد الأقصى سيمهد الطريق بالضرورة لاعترافهم لاحقا بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وهذا الهدف الأهم والبعيد المدى، وهو يطالب الفلسطينيين بعدم إبداء المعارضة لهذا المطلب، لأنه سيعني استمرار الصراع حتى إشعار آخر.
ويختتم الباحث الإسرائيلي ورقته البحثية باستذكار ما أعلنه مفتي مدينة القدس الحاج أمين الحسيني قبل 87 عاما بقوله "الأقصى في خطر"، وهناك اليوم فتيان فلسطينيون يرددون هذا الشعار مع مزيد من الكراهية لليهود تدفعهم لقتلهم في شوارع القدس.
حائط البراق
مركز القدس للشؤون العامة نشر ورقة بحثية لبنحاس عنبري الباحث في الشؤون العربية ومؤلف عدد من الكتب حول الصراع مع الفلسطينيين تناول فيها مدى واقعية الحل الذي توصلت إليه إسرائيل مع الأردن بوساطة أميركية.
ويتعلق الحل بنصب كاميرات تصوير في ساحات المسجد الأقصى لمراقبة ما يدور فيه، ونقلها أولا بأول للشرطة وأجهزة الأمن وإدارة الوقف الإسلامي، بحيث تمنع اليهود من أداء الصلاة في الحرم القدسي، وتمنع المسلمين من إثارة الاضطرابات.
وزعم أن هذا الحل لن يصمد طويلا لأن من يتحكم بإدارة المسجد الأقصى هو من وصفها بالحركات الإسلامية المتطرفة، مثل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وحزب التحرير الإسلامي، وكلاهما معارض للسياسة الأردنية في المسجد الأقصى.
وأضاف أن السلطة الفلسطينية وباقي الفصائل الفلسطينية لا تشعر نفسها جزءا من هذا الاتفاق، بل إنها تعارضه، ولذلك لا ترى أنها ملزمة بما جاء فيه، لكن إدارة الوقف الإسلامي لا تستطيع إعلان معارضتها للاتفاق لأنها قد تدخل في مواجهة مع الأردن، وفي الوقت ذاته ترى حرجا كبيرا عليها إن أيدته لأنها ستبدو خارجة على الإجماع الفلسطيني، لذلك يبدو وضعها معقدا جدا.
واعتبر أن مقترح وضع الكاميرات في ساحات الحرم القدسي يثير مشكلة إضافية أمام الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، فالفلسطينيون والأردنيون يتحدثون عن أن ساحة الحرم هي 144 دونما، بما في ذلك حائط البراق من جانبيه، وهنا سيدخل الجانبان في معضلة جديدة: لمن يتبع حائط البراق؟ والإجابة عن هذا السؤال كفيلة بدخول الفلسطينيين والإسرائيليين في متاهة جديدة بدون أفق لحلها.
الجزيرة نت