في المرحلة التي يتخبط فيها جيش الاحتلال (الإسرائيلي) في قمع شباب انتفاضة القدس، يحاولون أيضا ايجاد طرق جديدة لردع حماسهم، حيث عملوا مؤخرا على نقل العديد من شبان مدينة القدس إلى قسم " جيفعون" في سجن الرملة الذي كان مخصصا لحبس الأفارقة المتسللين، علما بأن الرملة لا يحتوي على أي قسم للأسرى الفلسطينيين المعتقلين على خلفيات نشاطات مقاومة (الأسرى الأمنيين).
معتقل "جيفعون" يقبع فيه قرابة ستين طفلا، ولا يوجد بينهم معتقل كبير يستطيع محاورة ادارة السجن والوقوف في وجه الجنود عند قيامهم بالاعتداء على أي طفل معتقل.
حال اهالي أطفال سجن "جيفعون" يرثى لها، فحينما يأتي موعد الزيارة تعود الأم منهارة على حال ولدها كون صحته تتراجع لعدم تقديم الغذاء اللازم أو توفير أبسط احتياجاتهم، فحال السجن كأنه صحراء قاحلة.
معاملة سيئة وطعام قذر
تواصلت "الرسالة نت " مع والدة الفتى أحمد رويضي - 17 عاما - والمعتقل منذ ما يقارب خمسة شهور، بمجرد سؤالها عن ولدها بدأت تتنهد قائلة:" في الوقت الذي صحبت فيه ابني وأبناء عمه إلى أرضنا، تم اعتقاله بتهمة ضرب مستوطنين".
وتابعت:" في آخر مرة أعلن عن موعد الزيارة، تم منعي بحجة أن ابني قام بحرق ورقة داخل غرفة السجن وتم عزله في غرفة انفرادية"، مشيرة إلى أن احمد دوما يحاول طمأنتها كي لا تقلق عليه، لكن أمهات الأسرى يخبرونها بوضع ابنها ومن معه بأنه سيئ جدا ويعانون من سوء المعاملة.
وبحسب أم احمد خلال زيارتها الأخيرة له فإن حالة ابنها الصحية بدت سيئة، رغم مكابرته وطمأنته إياها بأنه جيد ولا يعاني شيئا، متمنية أن تتحرك الجهات المعنية لإنقاذ الاطفال من همجية الاحتلال داخل المعتقل.
أما والد الفتى مفيد سعيدة - 15 عاما -معتقل منذ ثلاثة شهور، وتهمته إلقاء "المولوتوف"، تحدث عن معاناة ابنه داخل "جيفعون" بأن وضعه الان صعب كونه تعرض للضرب المبرح ولم يتمكن أحد من صد جنود الاحتلال عنه، موضحا انه عند زيارة لابنه كان يبكي كثيرا لأنه لا يوجد أحد يمكنه محاورة ادارة السجن في التخفيف عنهم.
وذكر سعيدة أن أول من دخل سجن "جيفعون" هو ابنه وابناء عمومته الذين هم في مثل عمره، فكانوا وقتئذ أربعة لكن اليوم يقبع فيه ما يقارب الستين شبلا.
ليس مفيد وحده من العائلة يعاني من قمع الاحتلال، فشقيقه الاكبر فرضت عليه الاقامة الجبرية حتى اليوم، وكذلك والده الذي اعتقل مع ابناءه حينما داهم الاحتلال بيتهم لأخذ ابناءه.
ويروي سعيدة خلال حديثه عبر الهاتف "للرسالة نت" أن إدارة السجون تسمح بإدخال "الكنتينه" كل شهرين مرة، فالفتيان داخل المعتقل يعانون من قلة الطعام ونظافته.
وبحسب ما أخبره مفيد لوالده فإنه وزملاءه المعتقلين يلقون الطعام في النفايات، لأنه يُقدم نيئا كالسمك أو غير نظيف كالدجاج حيث يغطيه الريش.
ويعتمد الأسرى الفتيان على الشراء من الكنتينه حيث الشوكولاتة والمقرمشات التي أدت لتدهور صحتهم وسوء بشرتهم، وفق قول والد مفيد، "ففي الزيارة الاخيرة كان وجهه كالمشوه من كثرة الحبوب".
تصاعد حملات الاعتقال
وإضافة إلى رداءة الطعام، يعاني الأسرى الأشبال في "جيفعون" من نقص في الوسائد والبطانيات، وسط غياب وسائل التدفئة، وعدم السّماح بإدخال ما يكفي من الملابس الشّتوية لهم.
وبعكس سجني "هشارون" ومجدو اللذين يحتجز فيهما الأسرى الأشبال، فلا يوجد مع أسرى "جيفعون" أي أسير من الأسرى الكبار ليقوم برعاية شؤونهم وتنظيمها، مما كان له الأثر على الحياة اليومية داخل السّجن، حيث لا يوجد برنامج منظم لقضاء اليوم فيه.
من جانبه، قال المحامي جميل سعادة، نائب رئيس الدائرة القانونية في هيئة الأسرى خلال تصريحات صحفية، إنه من المنتظر أن يتم قريبا فرز اثنين من الأسرى الكبار ونقلهم إلى سجن "جيفعون" إلا أن الحصول على موافقة إدارة السجن وإتمام الأمر يحتاج إلى بعض الوقت.
وبحسب أمجد أبو عصب، رئيس لجنة أهالي الأسرى في مدينة القدس، فإنه تم نقل ما يقارب 35 طفلاً من القدس إلى قسم "جيفعون"، ثم نقل إليه 20 طفلاً من الضفة الغربية، بالإضافة إلى عدد من الأشبال المعتقلين من الأراضي المحتلة عام 1948.
ويأتي نقل الأشبال الأسرى إلى هذا القسم بعد تصاعد حملات الاعتقال في الضفة والقدس المحتلتين خلال الشّهرين الأخيرين، واكتظاظ السّجون بأعداد كبيرة من المعتقلين، حيث وصل عدد الأشبال المعتقلين من مدينة القدس وحدها منذ منتصف أيلول الماضي وحتى نهاية تشرين أول ما يقارب 270 طفلاً.
وأجرت هيئة شؤون الأسرى والمحررين حتى الآن أربع زيارات إلى السجن للاطلاع على ظروف الاعتقال فيه والحديث مع الأسرى الأشبال.
ويشير أبو عصب خلال تصريحات صحفية له، إلى ضرورة تكثيف هذه الزيارات وجعلها دورية لا موسمية، فهي من جهة تساهم في رفع معنويات الأشبال ودعمهم، كما أنها تشكل وسيلة ضغط على إدارة السّجن من أجل تحسين ظروف الاعتقال.