مع استمرارها للشهر الثاني

محاولات الأمم المتحدة لاحتواء الانتفاضة تصطدم بالإصرار الشعبي

خلال مواجهات مع قوات الاحتلال
خلال مواجهات مع قوات الاحتلال

الرسالة نت-ياسمين ساق الله

منذ اللحظة الأولى لاشتعال انتفاضة القدس في الأول من أكتوبر الماضي والمحاولات الأمريكية والدولية لإجهاضها وكتم أنفاسها لم تهدأ بعد، كان آخرها زيارة وزير الخارجية الأمريكية جون كيري لـ(إسرائيل) ورام الله بالتزامن مع مقترح الأمم المتحدة الذي يتضمن خطوات سياسية واجرائية من شأنها تغيير الأوضاع الجارية في الأراضي الفلسطينية، فهل تستجيب الأطراف لما يطرح أم سيبقى الميدان مشتعلا بالأحداث؟

أبرز الخطوات التي اقترحها منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف أمام مجلس الأمن تمثلت في بذل جهود فورية من قبل الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني لوقف التصعيد القائم وضرورة تنفيذ التفاهمات الأخيرة بين الأردن و(إسرائيل) للحفاظ على الوضع القائم في المسجد الأقصى.

تحدث ملادينوف أيضا عن ضرورة معالجة الإفلات من العقاب لعنف المستوطنين ضد الفلسطينيين وأهمية الاعتراف بقدسية شعائر دفن الشهداء والسماح للفلسطينيين بدفن موتاهم من دون تأخير غير مبرر.

انقاذ (إسرائيل)

حركة حماس أكدت على لسان قياداتها أن المحاولات الأمريكية والإسرائيلية للالتفاف واحتواء انتفاضة القدس فاشلة، مشيرة إلى أنها وباقي الفصائل تشكلان رأس حربة للمقاومة في الضفة المحتلة رغم تعرضها لمراحل استئصال ومحاربة مستمرة من الاحتلال وأجهزة السلطة.

تلك التطورات المتلاحقة دفعت مراقبين سياسيين للتأكيد على أن حكومة الاحتلال وقياداتها العسكرية باتوا يعانون من أزمة أمنية حقيقية عقب اتساع رقعة عمليات انتفاضة القدس وفشل الجيش الإسرائيلي في وقفها.

ويجب التأكيد أيضا أن هذه المحاولات تهدف لإعادة السلطة ورئيسها محمود عباس إلى طاولة المفاوضات بطلب من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الذي يريد الالتفاف على الحقوق الفلسطينية واستجداء الهدوء للخروج من المأزق السياسي الذي يعيشه في المرحلة الحالية.

وتقود حالة الغليان المستمرة منذ شهرين حسب مراقبون بالإدارة الأمريكية الحليف الأول لـ(إسرائيل) نحو التدخل العاجل لإجهاض الأحداث والالتفاف حولها من خلال اتخاذ سلسلة خطوات للضغط باتجاه إنقاذ (إسرائيل) وحمايتها.

المحلل السياسي ابراهيم جابر يشير إلى أن المحاولات الخارجية لوأد الانتفاضة لن تجني ثمارها على الأرض مع مواصلة عمليات الطعن والدهس التي ينفذها الشباب الفلسطينيون الذي لم يعد يلتفت لمثل هذه المقترحات الأمريكية وغيرها طالما وجد الاحتلال.

ذلك يؤكد وفقا لجابر أن الحراك الشعبي ضد جرائم (إسرائيل) بات قرارا لا رجعة عنه، هذا الواقع يشكل قلقا للاحتلال وواشنطن ما يدفع بهما إلى ممارسة سياسة الابتزاز ضد السلطة والضغط عليها بخطوات ومقترحات من شأنها اخماد لهيب الانتفاضة.

ويقول: "أتوقع استجابة السلطة لما يطرح أمريكا واسرائيليا لاسيما وأن الزيارات متبادلة بينهما كما الاتصالات بهدف قتل الانتفاضة وتهدئة الميدان والعودة للوضع السابق"، متابعا: "الأصعب في هذه الانتفاضة أن الرهان على الشارع بات أكبر من الرهان على السلطة كون حالة الاشتعال متواصلة ومن الصعب السيطرة عليها في ظل العدوان المتصاعد إسرائيليا".

وانطلقت انتفاضة القدس المستمرة خلال هذه الفترة كرد فعل طبيعي على استمرار الاحتلال في جرائمه وانتهاكاته للمقدسات اضافة إلى تواصل اعتداءات الجيش والمستوطنين بحق المواطنين في الضفة والقدس.

ذر الرماد

ومن الخطوات التي طرحها ملادينوف منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تخفيف القيود على الفلسطينيين وضرورة اتخاذ خطوات لتعزيز التنسيق الأمني بين (إسرائيل) والسلطة لمنع تدهور الوضع أكثر، مشددا على ضرورة عدم استخدام قوات الاحتلال الأسلحة إلا إذا كانت السبل الأخرى غير كافية للتصدّي.

المحلل السياسي اسماعيل مهرة يرى أن تلك المحاولات الأمريكية ما هي إلا تدخل خجول لذر الرماد في العيون ولإثبات فعالية الحضور الأمريكي على الساحة الفلسطينية والإسرائيلية لا أكثر، قائلا: "الجميع يدرك الدور الوظيفي للأمم المتحدة وهو محاولة تقديم الحماية لإسرائيل وتخفيف الضغط عليها كونها تجد نفسها في ورطة حقيقية لعجزها عن السيطرة على الأوضاع وضبط الميدان".

ويؤكد مهرة أن المواقف الأمريكية والدولية لن ترتقي لمستوى الهبة الشعبية المتواصلة، مضيفا:

"الشعب الفلسطيني وصل لقناعات واضحة بأن الوسطات الدولية لا صلة لها بمطالبه وحقوقه ما يدفعه إلى مواصلة الدفاع عن حقوقه دون الالتفات لأي تدخلات داخلية أو خارجية من شأنها ايقاف تلك الانتفاضة".

ويجمع المراقبون أن التصدي لتك المحاولات الدولية لتقويض الانتفاضة يجب أن يكون بدعوة الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير للانعقاد الفوري للاتفاق على برنامج وطني موحد يدعم الانتفاضة بالإضافة إلى بناء استراتيجية وطنية موحدة توفر كافة عوامل النجاح لها.

البث المباشر