الوسطى- محمد أبو شمالة "الرسالة نت"
لا تذكر أنها عاشت يوما هنيئا كباقي زميلاتها, لكن بعزيمتها على إكمال مسيرة التعليم بعد فقد عينها اليسرى, ما زالت تشق طريق الأمل بالحياة, وتتخطى أشواك البؤس والفقر المدقع.
وعند سؤالها للتعريف بنفسها لفظت الطالبة العشرينية خضرة أبو هويشل اسمها باستحياء, وكأنها تتمنى أن تظل خلف الكواليس.
تقطن خضرة في قرية المغراقة وسط قطاع غزة ,وتدرس في جامعة الأزهر قسم تعليم أساسي المستوى الثالث .
أضحت بعين واحدة
تروي أبو هويشل الحكاية التي أدت لإضافة اسمها ضمن أسماء المعاقين بصريا ,ودموعها تذرف من عين واحدة , والأخرى تحاول عاجزة عن المشاركة .
تقول: "في بداية انتفاضة الأقصى ,كان عمري احد عشر عاما ,ففي يوم كنت وصديقاتي متجهات إلى بيوتنا بعد مغادرة المدرسة ,فالطريق طويل والمشي يستغرق فترة لا بأس منها".
وتضيف "أثناء سيرنا بالقرب من طريق نتساريم وإذ بجيب الاحتلال المتمركز يلاحقنا لضربنا ,فهرولنا مسرعين وكل منا ذهب باتجاه ,فدخلت إحدى البيارات المجاورة بسرعة الصاروخ وأنا خائفة ,وكان هناك سيخ حديدي كبير,تعلق بعيني اليسرى أثناء الجري وأصابها إصابة مباشرة".
وتشير خضرة أنها بعد إصابتها, نقلت إلى مستشفى العيون ,وخضعت للعلاج عدة أشهر, ورغم أنها ستعود إلى بيتها ومدرستها بعد غياب, وستمارس حياتها إلا أن ذلك سيتم بعين واحدة, والأخرى التي باتت ضحية من ضحايا الاحتلال ستكون عبارة عن مظهر زجاجي ثابت.
عين ثابتة
وتعيش عائلة تلك الفتاة في حالة يرثى لها ,الوالدان مريضان, والإخوة عاطلون عن العمل, ولقمة العيش مذاقها مرير, والعين الزجاجية التي ألصقت لتكون مظهرا يسد فراغ العين اليسرى المفقودة للفتاة ,تحتاج لتغيير كل عام ,حتى لا تسبب أضرارا, وتغييرها يتطلب مبلغا من المال.
وتقول: منذ أكثر من ثلاث سنوات لم أستبدل العين الزجاجية الثابتة بأخرى ,مما سبب لي ألما وصداعا والتهابات في الرأس ,وتلك العين الثابتة سببت لي عبر سنين في المدرسة والجامعة تجريحا من الطالبات ,منهم من يستهزئ بي وينظر إلي نظرة استعلاء ويعتبرني فتاة ناقصة".
وتوضح خضرة أنها سعت عبر سنوات عدة للبحث عن جهة أو مؤسسة تساندها ماليا لزراعة عين متحركة تشعرها أنها كباقي الفتيات, ولكن المؤسسات تغلق الباب في وجهها دون رحمة.
أنا البنت المحرومة
وعن وضعها المادي تقول: "نظرا لوضعنا المادي الصعب,وعدم توفر النقود اللازمة لمصاريف الجامعة ,أضطر للوقوف باستحياء لساعات للاستدانة أحيانا من مقصف الجامعة 5 شيكل حتى أعود إلى بيتنا".
وتتابع: هناك عائلة من مخيم البريج تقدم لي مصروفا بسيطا كل أسبوع,فأمشي سيرا على الأقدام من بيتنا للبريج وسط أشعة الشمس الحارقة ,للحصول على20 شيكل منهم ,توفر لي فقط الذهاب يومين الى الجامعة ,والغياب باقي أيام الأسبوع والتأخر عن المحاضرات".
وتشير الفتاة باستياء أنها وبعد ثلاث سنوات من الدراسة الجامعية ,من المحتمل أن تترك الجامعة بسبب الظروف الصعبة وعدم توفر الرسوم الجامعية لهذا الفصل الدراسي الذي بات موعده قريب.
وتبكي الفتاة وهي تشير بإصبعها صوب لباسها وتقول "صرت أخجل من الناس,لأنو جلبابي ما بتغير, لما صديقاتي في الجامعة تنتهي صلاحية لبسهم,بجيبوه إلي ,لأنو أنا اللي بلبس الجلباب المنتهي والمغبر والدايب ,أنا البنت المحرومة من هناء الحياة بس الحمد لله".
رسالة بحبر دامع
ألجأ إلى رب العالمين الذي نسأله أن يكون هناؤنا بجواره,ثم أناشد المسئولين,وعلى رأسهم رئيس الوزراء إسماعيل هنية أناشده أن يوفر لي تحويلة للسفر للخارج لزراعة عين متحركة تكون مظهرا خارجيا تخفف من حدة الألم والسهر على الوجع .
وتضيف: أتمنى إكمال دراستي الجامعية,التي باتت في خطر لسوء الحال ,وتوفير مبلغ من المال يسد احتياجاتي ,واحتياجات عائلتي الفقيرة ,وأملي أن أمارس حقي في الحياة, فقد حلمت به وسمعت به كثيرا من أناس يتمتعون به,وأنا أراه سرابا".